أيّها الراعي
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
شهور العام أجمملها " ربيع " | و أبغضها إلى الدنيا " جمادى " |
و خير المال ما أمسى زكاة | و خير الناس من نفع العبادا |
بربّك قل لنا و خلاك ذمّ | أعيسى كان يذّخر العتادا ؟ |
تنبّه أيّها الراعي تنبّه | فمن حفظ الورى حفظ العبادا |
خرافك بين أشداق الضواري | و مثلك من حمى ووقى النقادا |
تبدّل أمنهم رعبا و خوفا | و صارت نار أكثرهم رمادا |
لقد أكل الجراد الأرض حتى | تمنّوا أنّهم صاروا جرادا |
فمالك لا تجود لهم بشيء | وقد رقّ العدوّ لهم وجادا ؟ |
و مالك لا تجيب لهم نداء | كأنّ سواك ، لا أنت ، المنادى ؟ |
... | |
وربّت ساهر في " بعلبك " | يشاطر جفنه النجم السّهادا |
يزيد الليل كربته اشتدادا | وفرط الهمّ ليلته سوادا |
إذا مال النعاس بأخدعيه | ثنى الذعر الكرى عنه وذادا |
به الداءان من سغب وخوف | فما ذاق الطعام و لا الرقادا |
تطوف به أصيبيه صغار | كأنّ وجوههم طليت جسادا |
جياع كلّما صاحوا و ناحوا | توهّم أنّ بعض الأرض مادا |
إذا ما استصرخوه وضاق ذرعا | نبا عنهم و ما جهل المرادا |
و لكن لم يدع بؤس اللّيالي | طريفا في يديه و لا تلادا |
و لو ترك الزّمان له فؤادا | لما تركت له البلوى فؤادا |
... | |
أتفترش الحرير و ترتديه | و يفترش الجنادل و القتادا |
و يطلب من نبات الأرض قوتا | و تأبى غير لحم الطير زادا |
و تهجع هانئا جذلا قريرا | و قد هجر الكرى وجفا الوسادا |
عجيب أن تكون كذا ضنينا | و لم تبصر بنا إلّا جوادا |
أما تخشى ذي لسان : | أمات الناس كي يحيي الجمادا |
... | |
لذاتك همّهم نفع البرايا | و همّك أن تكيد و أن تكادا |
نزلت بنا فأنزلناك سهلا | وزدناك النضار المستفادا |
فكان حزاؤنا أن قمت فينا | لاتعلّمنا القطيعة و البعادا |
فلمّا ثار ثائر حرّ | رجعت اليوم تمتدح الحيادا |
أتدفع بالغويّ إلى التمادي | و تعجب بعد ذلك إن تمادى ؟ |
سكتّ فقام في الأذهان شكّ | و قلت فأصبح الشّكّ اعتقادا |
تجهّمت القريض ففاض عتبا | و إن أحرجته فاض انتقادا |
و لولا أن أثرت الخلف فينا | وددنا لو محضناك الودادا |