يا قائد القوم
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
يا أيّها الشعر أسعفني فأرثيه | و يا دموع أعينيني فأبكيه |
بحثت لي عن معزّ يوم مصرعه | فلم أجد غير محزون أعزّيه |
و ما سألت امرءا فيما تفجّعه | إلاّ و جاوب – " إنّي من محبّيه " |
كأنّما كلّ إنسان أضاع أخا | أو انطوت فجأة دنيا أمانيه |
فذا أساه لهيب في أضالعه | و ذا أساه دموع في مآقيه |
فهل درى أيّ سهم في قلوب رمى | لما نعاه إلى الأسماع ناعيه ؟ |
*** | |
يا شاعر الحسن هذا الروض قد طلعت | فيه الرياحين و افترّت أقاحيه |
و شاع " أيّار " عطرا في جوانبه | و نضرة و اخضرارا في روابيه |
فأين شعرك يسري من نسائمه ؟ | و أين سحرك يجري في سواقيه ؟ |
هجرته فامّحت منه بشاشته | مات الهوى فيه لمّا مات شادية |
أغنى عن الدّرّ في القيعان مختبئا | درّ يساقطه الحدّدا من فيه |
و كان للسحر تأثيره فأبطله | بالسحر يجري حلالا في قوافيه |
بلاغة " المتنبّي " في مدائحه ، | و دمع " خنساء صخر " في مراثيه |
لا يعذّب الشعر إلاّ حين ينظمه ، | أو حين ينشده ، أو حين يرونه |
و يا طبيبا يداوي الناس مع علل | داء الأسى اليوم فيهم من يداويه ؟ |
أمسى الذي كان يشجينا و يطربنا | لا شيء يطربه ، لا شيء يشجيه |
لقد تساوى لديه شدو ساجعة | و صوت نائحة في الحيّ تبكيه |
صارت لياليه نوما غير منقطع | و لم تكن هكذا قبلا لياليه |
قد كان نبراسنا في المعضلات إذا | ما ليلها جنّ واربدّت نواصيه |
فمن لنا في غد إن أزمة عرضت | و ليس فينا أخو حزم يضاهيه |
من للحزين يواسيه و يسعده | و للمريض يداويه فيشفيه |
يا قائد القوم إن تسأل فإنّهم | باتوا حيارى كإسرائيل في التيه |
لمّا رأوك مسجّى بينهم علموا | ما العيش غير أخاييل و تمويه |
يا رزق ، قلبي عليك اليوم منفطر | و كلّ قلب كقلبي في تشطّيه |
لم يحو نعشك جسما لا حراك به | بل أنت آمالنا موضوعة فيه |
غدا يواريك عن أبصارنا جدث | لكنّ فضلك لا شيء يواريه |