تحيّة الدستور العثماني
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
إلى حيث ألقت يا يا زمان المظالم | و لا عدت يا عهد الشّقا المتقادم |
ذهبت فلا باك و أنّي بكى العمى | كفيف رأى الأضواء ملء العوالم ؟ |
و ما عجبت أن ليس في القوم نادب | و لكن عجيب أن أرى غير باسم |
نزلت على الشّرقيّ فانحطّ شأنه | و قد كان غصّ الفخر غضّ المكارم |
ففرقّت حتّى ليس غير مفرّق | و خاصمت حتّى ليس غير التخاصم |
أقمت فخلّى أهله و بلاده | إلى كلّ فجّ من خصيب و قاحم |
نأى كاظما للغيظ خوف شماتة | و لم يطلب الإنصاف خفيّة لائم |
و لو شاء لم يختر سوى الشرّ مركبا | فقد كانت الأحقاد ملء الحيازم |
صحبناك لا خوفا ثلاثين حجّة | و لكنّها الدّنيا و ضعف العزائم |
و ما ذاك عن حب فما فيك شيمة | تحبّ و لسنا من غواة المآثم |
فكنت و كان الجهل أحسن خلّة | لنا و نجاة الحقّ إحدى الغنائم |
و كنت و ما فينا غير ناقم | عليك ، و لا ذو سلطة سلطة غير غاشم |
ثلاثون عاما و النّوائب فوقنا | مخيمة مثل الغيوم القوائم |
فلا ااالعلم مرموق و لا الحقّ نافذ | و لا حرمة ترعى لغير الدراهم |
و ما تمّ غير البغي و الظلم و الأذى | فقبّحت من عصر كثير السخائم |
فاغرب شقيت الدهر غير مودّع | من القوم إلاّ بالظّبى و الصوارم |
فوالله ما ترضى قيودك أمّة | من الناس إلاّ أصبحت في البهائم |
و يا أيّها الدستور أهلا و مرحبا | ( على الطائر الميمون يا خير قادم ) |
طلعت علينا كوكبا غير آفل | على حين أنّ الشّرق مقلة هائم |
فقرّت عيون قبل كانت حسيرة | و جادت سرورا بالدموع السواجم |
وضجّ الورى و الشرق و الغرب ضجّة | أفاق لها مستيقظا كلّ نائم |
أهبت ففرّ الظلم بالأرض هاربا | و نكّس خزيا رأسه كلّ ظالم |
و فاضت على ثغر الحزين ابتسامة | تخبر أنّ الحزن ليس بدائم |
و أطلقت الأقلام بعد اعتقالها | فأسمعت الأكوان سجع الحمائم |
و لم يبق عان لم يفكّ إسارة | و لم يبق جان لم يفز بالمراحم |
و كنّا نرى الأحزان ضربة لازب | فصرنا نرى الأفراح ضربة لازم |
توهّم قوم أنّما الشّرق واهم | و أنّك يا دستور أضغاث حالم |
ورجّم قوم أنّما تلك خدعة | فعدنا بربّ الناس من كلّ راجم |
تجلّيت فاسودّت وجوه و أسفرت | وجوه ، و أمسى غانما كلّ غارم |
و ما عدت حتىّ كاد يشتجر القنا | لأجلك و الخطى أعدل حاكم |
و أوشك أن يهتزّ في كلّ ساعد | لكلّ أبيّ كلّ سيف و صارم |
أبى الجيش إلاّ أن تكون مؤبدا | و تأبى سوى تأييد جيش سالم |
فبوركتما من ساعد و مهنّد | برغم خؤون مارق متشائم |
و لا برح الأحرار يشدو بذكرهم | بنو الشرق فخرا في القرى و العوام |
رجال لهم زيّ الرّجال و إنّما | جسومهم فيها نفوس ضراغم |
هم قيّدونا بالعوارف و النّدى | وهم أطلقونا من عقال المغارم |
فلم يبق فينا حاكم غير عادل | و لم يبق فينا عادل غير حاكم |