أرشيف الشعر العربي

أنا و أخت المهاة و القمر

أنا و أخت المهاة و القمر

مدة قراءة القصيدة : 4 دقائق .
آه من الحبّ كلّه عبر عندي منه الدموع و السهر
وويح صرعى الغرام إنّهم موتى ، و ما كفّنوا و لا قبروا
يمشون في الأرض ليس يأخذهم زهو و لا في خدودهم صعر
لو ولج الناس في سرائرهم هانت ، و ربّي ، عليهم سقر
ما خفروا دمّة ، و لا نكثوا عهدا ، و لا مالا و لا غدروا
قد حملوا الهون غير ما سأم لولا الهوى للهوان ما صبروا
لم يبق منّي الضّنى سوى شبح يكاد ، لولا الرجاء ، يندثر
أمسي و سادي مشابها كبدي كلاهما النار فيه تستعر
أكل صبّ ، يا ليل ، مضجعة مثلي فيه القتاد و الإبر
لعلّ طيفا من هند يطرقني فعند هند عن شقوتي خبر
ما بال هند عليّ غاضبة ما شاب فودي و ليس بي كبر
ما زلت غضّ الشباب لا وهن يا هند في عزمتي و لا خور
لا درّ درّ الوشاة قد حلفوا أن يفسدوا بيننا و قد قدروا
واها لأيّامنا ... أراجعة ؟ فانّهن الحجول و الغرر
أيّام لا الدهر قابض يده عنّي ، و لا هند قلبها حجر

***

لم أنس ليلا سهرته معها تحنو علينا الأفنان و الشجر
غفرت ذنب النّوى بزورتها ذنب النوى باللقاء يغتفر
بتنا عن الراصدين يكتمنا الأسودان : الظلام و الشعر
ثلاثة للسرور ما رقدوا أنا و أخت المهاة و القمر
فما لهذي النجوم ساهية ترنو إلينا كأنّها نذر ؟ ...
إن كان صبح الجبين روّعها فإنّ ليل الشعور معتكر
أو انتظام العقود أغضبها فإنّ درّ الكلام منتثر
و ما لتلك الغصون مطرقة كأنّها للسلام تختصر
تبكي كأنّ الزمان أرهقها عسرا ، و لكن دموعها الثمر
طورا على الأرض تنثني مرحا و تارة في الفضاء تشتجر
فأجلفت هند عند رؤيتها و قد تروع الجآذر الصور
هيفاء لو لم تلن معاطفها عند التثنّي خشيت تنكسر
من اللّواتي – و لا شبيه لها – يزينهنّ ادلال و الخفر
في كل عضو و كل جارحة معنى جديد للحسن مبتكر
تبيت زهر النجوم طامعة لو أنّها فوق نحرها درر
رخيمة الصوت إن شدت لفتت لها الدّراري و أنصت السحر
أبثّها الوجد و هي لاهية أذهلها الحبّ فهي تفتكر
يا هند كم ذا الأنام تعذلنا و ما أثمنا و لا بنا وزر
فابتدرت هند و هي ضاحكة : ماذا علينا و إن هم كثروا
فدتك نفسي لو أنّهم عقلوا و استشعروا الحبّ مثلما عذروا
ما جحد الحبّ غير جاهله أيجحد الشمس من له بصر ؟
ذرهم و إن أجلبوا و إن صخبوا و لا تلمهم فما هم بشر !
سرنا الهويناء ما بنا تعب و قد سكتنا و ما بنا حصر
لكنّ فرط الهيام أسكرنا و قبلنا العاشقون كم سكروا
فقل لمن يكثر الظنون بنا ما كان إلاّ الحديث و النظر
حتّى رأيت النجوم آفلة و كاد قلب الظلام ينفطر
ودّعتها و الفؤاد مضطرب أكفكف الدمع و هو ينهمر
وودّعتني و من محاجرها فوق العقيق الجمان ينحدر
قد أضحك الدهر ما بكيت له كأنّما البين عنده وطر
كانت ليالي ما بها كدر و الآن أمست و كلّها كدر
إن نفد الدمع من تذكّها فجادها بعد أدمعي المطر
عسى اللّيالي تدري جنايتها على قتيل الهوى فتعتذر

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (إيليا أبو ماضي) .

الى الصديق

رثاء

أيّها القلم

بين الضحك و اللّعب

ابتسم


ساهم - قرآن ٢