أرشيف المقالات

[107] سورة هود (5) - تدبر - محمد علي يوسف

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
{مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ} [هود من الآية:27].

لا جديد تحت الشمس..!

هذا ما يقولونه منذ ألف سنة إلا خمسين عامًا!

بل هذا ما يقوله وسيقوله العالون المتكبِّرون في كل زمان ومكان..

هي نظرة العلو والاستغراق في استعظام النفس والاستكبار في الأرض..

هي عجرفة فرعون، وعلو النمرود، وغرور ملك الأخدود، وكِبر قوم عاد وثمود..

وكأنها صفات وراثية تتكرَّر في متكبري كل جيل، لتقف حائلًا بين المترفين المنعَّمين وبين الهداية لصراط الله المستقيم..

ألفاظ تتكرَّر في كل جيل باختلافات بسيطة لا تُغيِّر المعنى الثابت، ولا تهز الفكرة الراسخة في قلوب الطاغين..

فكرة الاغترار والاستعلاء بالقوة، بالجاه، بالنسب، بالسلطان، بالمال..!

إنها الفكرة التي ستدفع فرعون لأن يقول بعد قرون: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَـَذِهِ الأنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِيَ أَفَلَا تُبْصِرُونَ .
أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ}
[الزخرف من الآية:51-52]..!

والتي ستدفعه بعد ذلك لأن يقول: {إِنَّ هَؤُلَاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ} [الشعراء من الآية:54]..

إنها الفكرة التي ستدفع أهل مدين لأن يقولوا لشعيب عليه السلام: {وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ} [هود من الآية:91]..

والتي ستدفع أكابر قريش لأن يقولوا: {لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} [الزخرف:31]..

والتي ستدفع مترفي كل قرية وأكابر مجرميها ليمكروا فيها، لا لشيء إلا استكبارًا في الأرض، ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.

لقد خبر نوح عليه السلام هذه الأفكار الاستعلائية جيدًا، وعلِم أنها الحائل الأكبر الذي حجب الهداية عن أولئك المستكبرين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من كتابي: (العودة إلى الروح).
 
 

شارك الخبر

المرئيات-١