أبو غازي
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أبو غازي السلام عليك منّا | و عفوا أيّها الملك الهمام |
فما ضاق الكلام بنا ، و لكن | وجدنا الحزن أرخصه الكلام |
و خطبك لا يفيه دمع باك | فموتك من بني العرب يبكي الغمام |
و نحن أحقّ أن نبكي و نرثى | فموتك من بني العرب انتقام |
خبا نبراسنا ، و اللّيل داج ، | و كنت حسامنا ، فنبا الحسام ! |
كأنّك قد وترت الموت قدما | وهابك في كنانتك السّهام |
فدبّ إليك مثل اللّصّ ليلا | و كان الموت ليس له ذمام |
طوى الدنيا نعيّك في ثوان | فريع البيت و البلد الحرام |
و " دجلة " كالطّين له أنين | و في " بردى " التياع و اضطرام |
ورحنا بين مصعوق وساه | كمن صرعت عقولهم المدام |
كأنّ الأرض قد قد مادت و فضّت | عن الموتى الصفائح و الرّجام |
فمن للبيض و الجرد المذاكي ؟ | و " فيصل " بات يحويه الرّغام |
و من للحقّ ينشره لواء | به للنّاس هدي و اعتصام |
توارى المجد في كفن و لحد | و غابت في التراب منّى عظام |
مضى وحديثه في الناس باق | كعمر الشّمس ليس له انصرام |
فيا جدثا حواه لست قبرا | و لكن أنت في الدنيا وسام |
*** | |
حياتك " يا أبا غازي " حياة | كفصل الصّيف : زهر و ابتسام |
وقد تحصى الكواكب و الأقا | حي و لا تحصى أياديك الجسام |
مددت إلى منى العرب الغوافي | يدا ، فتفتّقت عنها الكمام |
و أمسى بندهم و له خفوق | و أمسى عقدهم و له نظام |
و كم أسقمت جسمك كي يصحّوا | و حالفت السّهاد و هم نيام |
و كم جازيت عن شرّ بخير | و كم جازاك بالغدر الأنام |
خذلت فما عتبت على صديق | و لم تحنق وقد كثر الملام |
و كم قد فزت في حرب و سلم | فلم يلعب بعطفيك العرام |
خلائق من له عرق كريم | و خطّة من له قلب عصام |
خذوا الخلق الرفيع من الصحا | ري ، فإنّ النفس يفسدها الزحام |
و كم فقدت جلالتها قصور | و لم تفقد مروءتها الخيام |
*** | |
و قالوا اندك عرشك في دمشق | كأنّ العرش أخشاب تقام |
و كيف تهدّ سدّتك العوالي | و لم يسلبكها الموت الزؤام ؟ |
فما كان انتصارهم علاء | و لا كان انكسارك فيه ذام |
إذا لم تنصر الأرواح ملكا | فأحسن ما حوى جثث وهام |
و ما زالت لك الأرواح فيها | و ما زالت عشيرتك الشآم |
تصفّق لاسمك الأمواه فيها | و يهتف في خمائلها الحمام |
و بذكر أهلها تلك السجايا | فيشرق من تذكّرها الظلام |
و ليس أحبّ من حرّ مؤاس | إلى شعب يساء و يستضام |
*** | |
فقل للساخطين على اللّيالي | و من سكنوا على يأس و ناموا |
سينحسر الضباب عن الروابي | و يبدو الورد فيها فيها و الخزام |
و يصفو جوّنا بعد انكدار | و يسقى أرضنا المطر الرّهام |
و نرجع أمّة ترجى و تخشى | و إن كره الزعانف و الطّغا |