بلادي
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
تركت النّجم مثلك مستهاما | فإن تسه سها أو نمت ناما |
بنفسك لوعة لو في الغوادي | لصارت كلّ ماطرة جهاما |
وفيك صبابة لو في جماد | لأشبه دمعك الجاري انسجاما |
هوى بك في العظام له دبيب | أشابك وهو لم يبرح غلاما |
يظنّ اللّيل يحوي فيك شخا | وما يحوي الدّجى ألاّ عظاما |
نفيت الغمض عن جفنيك يأتي | كأنّك واصل فيه الملاما |
أتأرق ثمّ ترجو الطّيف يأتي | شكاك الطّيف لو ملك الكلاما |
شجتك النّائحات بجنح ليل | فبت تساجل النّوح الحماما |
لكدت تعلّم الطّير القوافي | وكدت تعلّم اللّيل الغراما |
إذا ذكر الشّآم بكيت وجدا | وما تنفك تذّكر الشّآما |
وكنت سلونه إلاّ قليلا | وكنت هجرته إلاّ لماما |
رويدك أيّها اللاّحي رويدا | لك الويلات ليت سواك لاما |
أأرقد والخطوب تطوف حولي | وأقعد بعدما الثقلان قاما |
ويشقى موطني وأنام عنه | إذا من يدفع الخطر الجساما؟ |
بلادي! لا عرا شرّ بلادي | ولا بلغ العدى منها مراما |
لبست اللّيل إشفاقا عليها | وإن شاءت لبست لها القتاما |
وقفت لها البراع أذبّ عنها | فإن يكهم وقفت لها الحساما |
سقى قطر الشّآم القطر عني | وحيا أهله الصّيد الكراما |
دوت صياحهم في كلّ صقع | فكادت تنشر الموتى الرماما |
وتطبع في المحيّا الجهم بشرا | وتغلق في فم الشّكلى ابتساما |
فحوّلت القنوط إلى رجاء | وصيّرت الونى فينا اعتزاما |
غدونا كلّما ذكروا طربنا | كأن بنا المعتّقة المداما |
ولم أر كالضّمير الحرّ فخرا | ولم أر كالضّمير العبد ذاما |
إذا غاب الذّليل النّفس عني | نظرت إلى الذي حمل الوساما |
إذا جاب الكلام علّي عارا | هجرت النّطق أحسبه حراما |
وأجفوا القصر يلزمني هوانا | وأهوى العزّ يلزمني الحماما |
رجال التّرك ما نبغي انتقاضا | لعمركم ولا نبغي انتقاما |
ولكنّا نطالبكم بحقّ | ونكره من يريد لنا اهتضاما |
حملنا نير ظلمكم قرونا | فأبلاها وأبلانا وداما |
رعيتم أرضنا فتركتموها | إذا وقع الجراد رعى الرّغاما |
فبات الذّئب يشكوكم عواء | وبات الظّبي يشكوكم بغاما |
جريتم (بالهلال) إلى محاق | ولولا جهلكم بلغ التّماما |
وكنتم كلّما زدنا ليانا | لنسير غوركم زدتم عراما |
فما راقيتم فينا جوارا | ولا حفظت لنا يدكم ذماما |
أثرتم بيننا الأحقاد حتّى | ليقتل بعضنا بعضا خصاما |
وشاء اللّه كيدكم فبتنا | كمثل الماء والخمر التئاما |
فجهلا تبعثون الرّسل فينا | نديف لنا مع الأري السّماما |
سنرمقهم إذا طلعوا علينا | كأنّا نرمق الدّاء العقاما |
فإنّ عرى سددناها وثاقا | نموت ولا نطيق لها انفصاما |
خف التّركي يحلف بالمثاني | وخفه كلّما صلّى وصاما |
ومن يستنزل الأتراك خيرا | كمن يستقبس الماء الضّراما |
هم نزعوا لواء الملك منّا | ونازعنا طغامهم الطّعاما |
وقالوا: نحن للإسلام سور | وإنّ بنا الخلاقة (والإماما) |
فهل في دين أحمد أن يجوروا | وهل في دين أحمد أن نضاما؟ |
إلى كم يحصرون الحكم فيهم | وكم ذا يبتغون بنا احتكاما |
ألسنا نحن أكثرهم رجالا | إذا عدوا وأرفعهم مقاما |
إذا طلعت ذكاء فليس تخفى | ولو حاكوا الظّلام لها لثاما |
مخوّفنا المثقّفة العوالي | لقد هدّدت بالجمر النّعاما |
سنوقدها تعير الشّمس نارا | ويعيي أمرها الجيش اللّهاما |
وعلم المرء أنّ الموت آت | يهون عنده الموت الزّؤاما |