تأملات
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
ليت الذي خلق الحياة جميلة | لم يسدل الأستار فوق جمالها |
بل ليته سلب العقول فلم يكن | أحد يعلّل نفسه بمنالها |
للّه كم تغري الفتى بوصالها | وتضنّ حتى في الكرى بوصالها |
تدنيه من أبوابها بيمينها | وتردّه عن خدرها بشمالها |
كم قلت هذا الأمر بعض صوابها | فوجدته بالخير بعض محالها |
ولكم خدعت بآلها وذمته | ورجعت أظمأ ما أكون لآلها |
قد كنت أحسبني أمنت ضلالها | فإذا الذي خمّنت كلّ ضلالها |
إنّ النفوس تغرّها آمالها | وتظلّ عاكفة على آمالها |
حتى رأيت الشمس تلقي نورها | في الأرض فوق سهولها وجبالها |
ورأيت أحقر ما بناه عنكب | متلففا ومطوّقا بحبالها |
مثل الفصور العاليات قبابها | ألشامخات على الذّرى بقلالها |
فعلمت أنّ النفس تخطر في الحلى | والوشى مثل النفس في أسمالها |
ليست حياتك غير ما صوّرتها | أنت الحياة بصمتها ومقالها |
ولقد نظرت إلى الحمائم في الربى | فعجبت من حال الأنام وحمالها |
للشوك حظّ الورد من تغريدها | وسريكه من بعد إعرالها |
تشدو وصائدها يمدّ لها الردى | فاعجب لمحسنه إلى مغنالها |
فغبطتها في أمنها وسلامها | ووددت لو أعطيت راحة بالها |
وجعلت مذهبها لنفسي مذهبا | ونسجت أخلاقي على منوالها |
من لجّ في ضيمي تركت سماءه | تبكي علّي بشمسها وهلالها |
وهجرت روضته فأصبح وردها | لليأس كالأشواك في أذغالها |
وزجرت نفسي أن تميل كنفسه | عن كوثر الدنيا إلى أوحالها |
نسيانك الجاني المسيء فضيلة | وخمود نارجدّ في إشعالها |
فاربأ بنفسك والحياة قصيرة | أن تجعل الأضغا ن من أحمالها |
زمن الشباب رحلت غير مذّمم | وتركت للحسرات قلبي الوالها |
دّبت عقاربها إليه تنوشه | ورمت بقاياه إلى أصلالها |
لم يبق من لذّاته ألاّ الرؤى | ومن الصبابة غير طيف خيالها |
ومن الكؤوس سوى صدى رنّاتها | والراح غير خمارها وخيالها |
يا جنّة عوجلت عن أثمارها | ولذاذة عربت من سربالها |
ما عليها شيء سوى اضمحلالها | والذنب للأقدار في اضمحلالها |
ومليحة في وجهها ألق الضحى | والسحر والصهباء |
قالت: أينسى النازحون بلادهم ؟ | ما هاج حزن القلب غير سؤالها |
الأرض ، سوريّا، أحبّ ربوعها | عندي ، ولبنان أعزّ جبالها |
والناس أكرمهم علّي عشيرها | روحي الفداء لرهطها ولآلها! |
والشهب أسطعها التي في أفقها | ليس الجلال الحقّ غير جلالها |
وأحبّ غيث ما همى في أرضها | حتى الحيا الباكي على أطلالها |
مرح الصّبا الجذلان في أسحارها | ومنى الصّبا الولهان في آصالها |
إني لأعرف ريحها من غيرها | بنوافح الأشذاء في أذيالها |
تلك المنازل كم خطرت بساحها | في ظلّ ضيغمها وعطف غزالها |
وشذوت مع أطيارها ، وسهرت مع | أقمارها، ورقصت مع شلاّلها |
وسجدت للإلهام مع صفصافها | وضحكت للأحلام مع وزّالها |
وملأت عقلي حديث شيوخها | وأخذت شعري من لغى أطفالها |
تشتاق عيني قبل يغمضها الردى | لو أنها اكتحلت ولو برمالها |
مرّت بي الأعوام تقفو بعضها | وثب القطا تعدو إلى آجالها |
وتعاقبت صور الجمال فلم يدم | في خاطري منها سوى تمثالها |