فلوريدا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
يا جنّة قبلما حلّت بها قدمي | أحببتها قصّة و اشتقت زاويها |
كانت لها صورة في النفس حائرة | مثل القصيدة لم تنسج قوافيها |
وددت لو أنّها تمّت فيبصرها | غيري ، و تسكره مثلي معانيها |
و كيف تكمل في ذهني و لم أرها | و ما لصورتها شيء يحاكيها ؟ |
و أيّما نغمة أدّى عذوبتها | كلام راو و لا شاد يغنّيها |
أأنشق العطر لم أهبط خمائلها ؟ | و أشرب السحر لم أسمع قماريها ؟ |
و تصعد النفس منّي للسماء و لا | حبال نور تدلّت من دراريها ؟ |
كانت سعادة نفسي في تصوّرها | و النفس يسعدها و هم و يشقيها |
بالوهم توجد دنيا لا وجود لها | و تنطوي عنك دنيا أنت رائيها |
فكم ظمئت و في روحي جداولها | و كم رويت و غيري في سواقيها |
قد كنت من قبل مثل الناس كلّهم | أقول إنّ إله الكون باريها |
حتّى نظرت إليها في جلالتها | فصار كلّ يقيني أنّه فيها ! |
لمّا رأيت الجمال الحقّ أدركني | زهد بكلّ جمال كان تمويها |
كأنّما الحور مرّت في شواطئها | في ليلة طفلة رقّت حواشيها |
ففي الرمال سناء من تضاحكها | و في المياه أريج من أغانيها |
أتيتها بشباب ضاع أكثره | و غيّبته اللّيالي في مطاويها |
فاسترجع الحبّ قلبي فهو مغتبط | و عادت الروح خضراء أمانيها |
* | |
سئلت ما راق نفسي من محاسنها ؟ | فقلت للناس : باديها و خافيها |
و ما حببت من الأشجار ؟ قلت لهم : | إنّي افتتنت بكاسيها و عاريها |
و ما هويت من الأزهار ؟ قلت لهم : | ألحبّ عندي لناميها و ذاويها |
قالوا : و ما تتمنّى ؟ قلت مبتدرا : | يا ليتني طائر أو زهرة فيها |
فربّ أنشودة من بلبل غرد | حوت حكاية حبّ خفت أحكيها |
وربّ روح كروحي في بنفسجة | و سنى أطلّت على روحي تناجيها |
وربّ قطره ماء لا غناء بها | شاهدت مصرع دنيا في تلاشيها |
كلّ الذي لاح في أرضها حسن | و أحسن الكلّ في عيني أهاليها |
إلاّ ذوو السحن السوداء واعجبا | أجنّة و ذباب في نواحيها ؟ |
إنّي ليكبت روحي أن ألاحظهم | بمقلة أبصرت فيها غوانيها |
دع المساويء في الدنيا فما برحت | فيها محاسن تنسينا مساويها |
كم حاول اللّيل أن يطوي كواكبه | فكان ينشرها من حيث يطويها |
واذكر أكارم قوم عنصرهم | و أشبهوا بسجاياهم أقاحيها |
بني بلادي ! و فيكم من خمائلها | جمالها و التّسامي من روابيها |
تسلّت النفس عن أحبابها بكم | لولاكم لم يكن شيء يسلّيها |
أكرمتموني فشكرا غير منقطع | دوام شكرك للنعماء يبقيها |