مسرح العشاق
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
من سحر من مجيري | يا ضرّة الرّشا الغرير |
جسم كخصرك في النحو | ل ، و مثل جفنك في الفتور |
أصبحت أضأل من هلا | ل الشكّ في عين البصير |
محق الضّنى جسدي فيت | من الهلاك على شفير |
و مشى الرّدى في مهجتي | الله في النفس الأخير |
جهل النّطاسي علّتي | لله من جهل الخبير |
كم سامني جرع الدّوا | ء و كم جرعت من المرير |
دع ، أيّها الآسي ، يدي | الحبّ يدرك بالشعور |
يدري الصّبابة و الهوى | من كان في البلوى نظيري !.. |
*** | |
لو تنظرين إليّ كالمي | ت المسجّى في سريري |
يتهامس العوّاد حو | لي كلّما سمعوا زفيري |
و أظنّهم قد أدركوا | لا أدركوا ما في ضميري |
فأبيت من قلقي عليك | كأنني فوق السّعير |
و أدرت طرفي في الحضو | ر لعلّ شخصك في الحضور |
فارتدّ يعثر بالدمو | ع تعثّر الشيخ الضرير |
قد زارني من لا أحب (م) | و أنت أولى أن تزورني |
صدّقت ما قال الحوا | سد فيّ من هجر و زور |
و أطعت بي حتّى العدى | و ضننت حتّى باليسير |
أمّا خيالك ، يا بخيلة ، | فهو مثلك في النفور |
روحي فداؤك و هي لو | تدرين تفدي بالكثير |
تيهي على العاني كما | تاه الغنيّ على الفقير |
أنا لا أبالي بالمصير | و أنت أدرى بالمصير |
أهواك رغم معنفي | و يلذّ نفسي أن تجوري |
ليس المحبّ بصادق | حتّى يكون بلا غدير |
*** | |
كم ليلة ساهرت فيها النجم | أحسبه سميري |
و الشّهب أقعدها الونى | و اللّيل يمشي كالأسير |
أرعى البدور و ليس لي | من حاجة عند البدور |
متذكّرا زمن الصّبى | زمن الغواية و الغرور |
أيّام أخطر في المجا | مع و المعاهد كالأمير |
أيّام في يدي | أيّام نجمي في ظهور |
لمع الفتير بلمّتي | و يل الشباب من القتير |
*** | |
لا بالغوير و لا النّقا | كلفي و لا أهل الغوير |
أرض ( الجزيرة ) كيف حا | لك بعد وقع الزمهرير |
نزل الشّتاء فأنت ملعب | كلّ ساقيه دبور |
و تبدّلت تلك العرا | ص من النّضارة بالدّثور |
أمسيت كالطّلل المحيل | و كنت كالرّوض النّضير |
آها عليك و آه كيف | نأتك ربّات الخدور |
المائسات عن الغصو | ن السافرات عن البدور |
الذّاهبات مع النّهو | د الذاهبات مع الصدور |
الحاسرات عن السوا | عد و الترائب و النحور |
القاسيات على القلو | ب الجانيات على الخصور |
المالكات على اللآ | ليء في القلائد و الثغور |
الضاحكات من الدّلا | ل اللّاعبات من الحبور |
الآخذات قلوبنا | في زيّ طاقات الزهور |
بيض نواعم كالدمى | يرفلن في حلل الحرير |
مثل الحمائم في الودا | عه و الكواكب في السّفور |
من كلّ ضاحكة | كأنّ بوجهها وجه البشير |
أنّى أدرت الطّرف فيها | جال في قمر منير |
*** | |
يا مسرح العشّاق ، كم | لي فيك من يوم مطير |
تنسى البريّة عنده | يوم الخورنق و السّدير |
و لكم هبطتك و الحبيبة | فازعين من الهجير |
في زورق بين الزّوا | رق كالحمامة في الطّيور |
متمهّل في سيره | و الماء يسرع في المسير |
و الشمس إبّان الضحى | و الجوّ صاف كالغدير |
و لكم وثبنا في التلا | ل و كم ركضنا في الوعور |
و لكم أصحنا للحفيف | و كم شجينا بالخرير |
و لكم جلسنا في الرياض | و كم نشقنا من عبير |
و لكم تبرّدنا بما | ء نهيرك الصافي النمير |
طورا ننام على النبا | ت و تارة فوق الحصير |
لا نتّقي عين الرّقي | ب و لا نبالي بالغيور |
فكأنّها و كأنّني الأبوان | في ماضي العصور |
حسدت عليّ من الإنا | ث كما حسدت من الذكور |
ظنّ الأنام الظنو | ن و ما اجترحنا من نكير |
قد صان بردتها الحيا | ء ، و صانني شرفي و خيري |
*** | |
و مطيّة رجراجة | لا كالمطيّة و البعير |
ما تأتلي في سيرها | صخّابة لا من ثبور |
تجري على أسلاكها | جرى الأراقم في الحدور |
طورا ترى فوق الجسو | ر و تارة تحت الجسور |
آنا على قمم و آ | نا في كهوف كالقبور |
ترقى كما ترقى ( المصا | عد ) ثمّ تهبط كالصخور |
فإذا علت حسب الورى | أنّا نصعّد في الأثير |
و إذا هوت من حالق | هوت القلوب من الصدور |
و الركب بين مصفّق | و مهلّل جذل قرير |
أو خائف متطيّر | أو صارخ أو مستجير |
هي في التّقلّب كالزّما | ن و إنّما هي للسرور |
و مدارة في الجو | يحسبها الجهول بلا مدير |
لو شئت نيل النجم منها | ما صبوت إلى عسير |
مشدودة لكنّها | أجرى من الفرس المغير |
زفّافة زفّ الرئا | ل تسف إسفاف النسور |
و لها حفيف كالرّيا | ح و هدرة لا كالهدير |
كالأرض في دورانها | و لكالمظلّة في النشور |
القوم فيها جالسو | ن على مقاعد من وثبر |
و الريح تخفق حولهم | و كأنّما هم في قصور |
و الجمع يهتف كلّما | مرّت على الحشد الغفير |
*** | |
و لكم تأمّلنا الجمو | ع تموج كالبحر الزّخور |
يمشي الخطير مع الحق | ير كأنّما هو مع خطير |
و ترى المهاة كأنّها | ليث مع اللّيث الهصور |
متوافقون على التبا | ين كالقبيل أو العشير |
لا يرهبون يد الخطو | ب كأنّما هم خلف سور |
يمضي النهار و نحن | نحسب ما برحنا في البكور |
أبقيت يا زمن الحرو | ر بمهجتي مثل الحرور |
ولّت شهور كنت أر | جو أن تخلّد كالدّهور |
و أنت شهور بعدها | ساعاتها مثل الشهور |
ليست حياة المرء في الد | نيا سوى حلم قصير |
و أرى الشباب من الحيا | ة لكاللّباب من القشور |
ذهب الربيع ذهابه | و أتى الشّتاء بلا نذير |
و تبدّد العشّاق مثل | تبدّد الورق النثير |
رضى المهيمن عنهم | و الله يعفو عن كثير |