ذات شوك كالحراب أو كأظفار العقاب |
ربضت في الغاب كاللّص ، لفتك و استلاب |
تقطع الدّرب على الفلاح و المولى المهاب |
صنت عنها حرّ وجهي ، فتصدّت لثيابي |
كلما أفلتّ من ناب تلقّتني بناب |
فلها نهش الأفاعي ، و لها لسع الذئاب |
و أذاها في سكوني ، كأذاها في اضطرابي |
و هي كالقيد لساقي ، و لجيدي كالسّخاب |
فكأنّا في عناق ، لا نضال ووثاب |
....... |
قلت : يا ساكنة الغاب ، و يا بنت التراب |
لا تلجّي في اجتذابي ، أو فلجّي في اجتذابي |
إن عودا فيه ماء ليس عودا لاحتطاب |
أنا في فجر حياتي ، أنا في شرخ شبابي |
الهوى ملء فؤادي ، و الصبى ملء إهابي |
و المنى تنبت في دربي و تمشي في ركابي |
أنا لم أضجر من العيش و لم أملل صحابي |
لم أزل ألمح طيف المجد حتى في السراب |
لم أزل استشعر اللّذة حتى في العذاب |
لم أزل أستشرف الحسن و لو تحت نقاب |
...... |
ما بنفسي خشية الموت و لا منه ارتهابي |
أنا للأرض ، و إن طال عن الأرض اغترابي |
غير أنّي لم يزل ضرعي لمري و احتلاب |
لم أهب كلّ الذي عندي ، و لم يفرغ و طابي |
...... |
أنا نهر لم أتمم بعد في الأرض انسيابي |
أنا روض لم أذع كلّ عبيري و ملابي |
أنا نجم لم يمزّق بعد جلباب الضباب |
أنا فجر لم تتوّج فضّتي كلّ الروابي |
لي رغاب لم تلد بعد فتبلى بالتباب ؟ |
و بنفسي ألف معنى لم يضمّن في كتاب |
....... |
فإذا استنفدت ما في دنّ نفسي من شراب |
و إذا أنجم آمالي توارت في الحجاب |
و إذا لم يبق في غيمي ماء لانسكاب |
و إذا ما صرت كالعلّيق تمثال اكتئاب |
لا يرجيني محتاج ، و لا يطمع ساب |
فاجذبيني ... إن يكن منذي نفع للتراب |