العمل بما تعلم
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
العمل بما تعلم• لأن الأمة الآن صارت عالمة - نسبيًّا - بما لها وما عليها، فلا تكاد ترى أحدًا يقترف جرمًا أو يقع في محذور، فأردت أن تنصحه، إلا وبادرك قائلاً: فاهم، عارف، أفهم، أعلم، فإن ذكرته بحديث أكمَله، وإن وعظتَه بآية بيَّنها لك!
• فأين العمل وهو المقصود من العلم والغاية من تحصيله؟ أين الاستجابة؟ أين الاستسلام؟ أين اتباع النبي صلى الله عليه وسلم؟
• أيها الأخ الحبيب، منذ متى وأنت تسمع عن الله؟ كم خطبة حضرت؟ كم كتابًا قرأت؟ كم نصيحة سمعت؟ كم أمرًا نفذت؟ كم نهيًا اجتنبتَ؟ قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 51].
♦ وقال صلى الله عليه سلم: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة، حتى يُسأل عن أربع...) حتى قال: (..
وعن علمه ماذا عمِل فيه؟)؛ رواه الترمذي وصححه الألباني.
♦ وعن زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: (اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تَشبع، ومن دعوة لا يُستجاب لها)؛ رواه مسلم.
اعتناء السلف رضي الله عنهم بالعمل بالعلم:
• عن ميمون بن مهران: قال: أبو الدرداء: ويل لمن لا يعلم ولا يعمل مرة، وويل لمن يعمل سبع مرات[1].
• وقال رجل لإبراهيم بن أدهم: قال الله عز وجل: ﴿ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر:60]، فما لنا ندعو فلا يستجاب لنا؟ فقال إبراهيم بن أدهم: من أجل خمسة أشياء، قال: وما هي؟ قال: عرَفتم الله ولم تؤدوا حقه، وقرأتم القرآن ولم تعملوا به، وقلتم: نحب رسول الله وتركتم سنته، وقلتم: نلعن إبليس وأطعتموه، والخامسة: وتركتم عيوبكم وأخذتم في عيوب الناس"[2].
• وصَّى بعض السلف قائلًا: إذا أحدث الله لك علمًا، فأحْدِث له عبادة، ولا يكون همُّك أن تُحدِّث به الناس.
• وقال فضيل بن عياض: لا يزال العالم جاهلًا بما علِم حتى يعمل به، فإذا عمل به كان عالِمًا[3].
• وعن معروف الكرخي قال: إذا أراد الله بعبد خيرًا، فتح له باب العمل، وأغلق عنه باب الجدل، وإذا أراد الله بعبد شرًّا فتح له باب الجدل، وأغلق عنه باب العمل"[4].
• وقد كانوا يخشون هذه المسألة: يقول أبو الدرداء: مَن يزدد علمًا يزدد وجعًا [5].
• وكان يقول: إنني أخاف أن يقال لي يوم القيامة: أعلمت أم جهلت؟ فأقول: علمت، فلا تبقى آية آمرة أو زاجرة إلا جاءتني تسألني فرضيتها، فتقول الآمرة: هل ائتمرت؟ وتقول الزاجرة هل ازدجرت؟[6].
[1] اقتضاء العلم العمل؛ الخطيب البغدادي، ص48.
[2] موارد الظمآن لدروس الزمان؛ عبدالعزيز السلمان ج6 ص 614.
[3] اقتضاء العلم العمل ص49.
[4] اقتضاء العلم العمل ص 79.
[5] جامع بيان العلم وفضله ج1 ص135.
[6] جامع بيان العلم وفضله ج2 ص3.