أرشيف المقالات

من الكبائر الشائعة بين المسلمين (2) الطيرة

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
مِن الكبائر الشائعة بين المسلمين
(2) الطِّيَرة


التطيُّر كبيرة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وصفه بالشرك:
عن عبدالله بن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الطِّيَرةُ شِركٌ، الطِّيَرة شركٌ، ولكن الله عز وجل يُذهِبه بالتوكل))[1].
 
ويُروى عن عمران بن حصينٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس منا مَن تَطيَّر أو تُطيِّر له، أو تَكهَّن أو تُكهِّن له، أو سحَر أو سُحِر له، ومَن عقد عقدةً، ومَن أتى كاهنًا فصدقه بما يقول، فقد كفَر بما أنزل على محمدٍ صلى الله عليه وسلم))[2].
 
وقد عدَّ الطِّيَرةَ في الكبائر: الذهبيُّ، وابن القيم، وابن النحاس، والحجاوي، وابن حجر، والسفاريني رحمهم الله[3].
قلت: الطِّيَرة: التشاؤم بالشيء، وقد تكون شركًا أكبر إذا اعتقد الإنسانُ أن ما تطيَّرَ به هو الفاعلُ في الحقيقة، وهو الذي يضره وينفعه، كما كان يفعل أهلُ الشِّرك في الجاهلية.
 
وقد تكون شِركًا أصغر إذا اعتقد المتطير أنه لا ينفع ولا يضر إلا الله، ولكنه جعل المُتطيَّرَ به سببًا لذلك الضر أو النفع، فجعل سببًا ما لم يجعله اللهُ سببًا، والله أعلم.

[1] إسناده صحيح: أخرجه أبو داود (3910)، وابن ماجه (3538)، وأحمد (1/ 440)، والبخاري في "الأدب المفرد" (909)، قال العظيم آبادي: "الطيرة شركٌ"؛ أي: لاعتقادهم أن الطِّيرةَ تجلب لهم نفعًا أو تدفع عنهم ضرًّا، فإذا عملوا بموجبها فكأنهم أشركوا بالله في ذلك، ويسمى شركًا خفيًّا، ومَن اعتقد أن شيئًا سوى الله ينفع أو يضر بالاستقلال فقد أشرك شركًا جليًّا، وقال القاضي: إنما سماها شركًا؛ لأنهم كانوا يرون ما يتشاءمون به سببًا مؤثرًا في حصول المكروه، وملاحظة الأسباب في الجملة شركٌ خفي، فكيف إذا انضم إليها جهالةٌ وسوءُ اعتقادٍ؟ "تحفة الأحوذي" (5/ 197).

[2] معلول: أخرجه البزار (3578)، والطبراني في "الكبير" (355)، عن الحسن، عن عمران، وهذا منقطعٌ، وقد حسَّنه بعضُ أهل العلم بشواهده؛ انظر: "السلسلة الصحيحة" (2195).

[3] ‏‏"الكبائر" ن1 (426)، " إعلام الموقعين" (6/ 578)، "تنبيه الغافلين" (209)، "الإقناع" (4/ 438)، "الزواجر" (1/ 248)، "شرح منظومة الكبائر" (393)، قال الذهبي: ويحتمل ألا تكون كبيرةً، وقال ابن القيم: وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الطِّيَرة شركٌ))، فيحتمل أن يكون مِن الكبائر، وأن يكون دونها، وقال ابن حجرٍ: ترك السفر والرجوع منه تطيرًا، قال: عد هذا هو ظاهر الحديث، وينبغي حملُه على ما إذا كان معتقدًا حدوث تأثيرٍ للتطير، وهذه الكبيرة في ن1 من كبائر الذهبي، وليست في ن2.

شارك الخبر

روائع الشيخ عبدالكريم خضير