مرآة الغرب
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
سلام عليها طفلة و فتيّة | كزهر الربى البسّام باكره القطر |
كعاب تلاقى الحسن و الفضل عندها | كما يلتقي في الصفحة السّطر و السطر |
لها صولة الأبطال إن حمس الوغى | و فيها حياء البكر عمّا به وزر |
و فيها من الشيخ الحكيم وقارة | و فيها من الخود الملاحة و الطهر |
ألا إنّ حسنا لا يرافقه النّهى | و إن دام يوما لا يدوم له قدر |
.... | |
هي الروض فيه النبت و الندّ و الندى | و فيه الشوادي المطرباتك و الزهر |
هي الشمس تبدو كل يوم جديدة | يروح بها ليل و يأتي بها فجر |
لكلّ فتاة خدرها و سوارها | و لكنّ هذي كلّ قلب لها خدر |
يريد سناها الطيّ و النشر رونقا | و يخلق حتّى المصحف الطيّ و النشر |
أنيس الفتى إن غاب عنه أنيسه | و أنجمه إن غابت الأنجم الزهر |
و سفر تلذّ المرء محتوياته | إذا لم يكن في البيت ناس و لا سفر |
إذا رضيت فالنور في كلماتها | و إن غضبت فهي الأسنّة و الجمر |
و في كلّ حرب يعقد الحقّ فوقها | أكاليل نصر يشتهي مثلها البدر |
و لا غرو إن عزّت وهان خصومها | فللحقّ مهما جعجع الباطل ، النصر |
فكم مرجف أغراه فيها سكوتها | فلمّا أهابت كاد يقتله الذعر |
و كم كاشح غاو أراد بها الأذى | ثنى طرفه عنها و في نفسه الضرّ |
لها في ربوع الشرق جيش عرمرم | و أعوانها في الغرب ليس لهم حصر |
و لو كان في المرّيخ أرض و أمّة | لكان لها في أرضه عسكر مجر |
لتسحب ذيول الفخر تيها فوحدها | يحقّ لها ما بين أترابها الفخر |
و لا غرو إن أهدى لها الشعر وحيه | فيا طالما سارت و سار بها الشهر |
و لا غرو إن صغنا لها النثر حلية | " ففي عنق الحسناء يستحسن الدرّ " |
و إن يكن الأحرار من نصرائها | فكم نصر الأحرار صاحبها الحرّ |
أديب عفيف قلبه و يراعه | بغيض إليه الطيش و الفيش و الهجر |
ثمان و عشر و هو يخدم قومه | ألا حبّذا تلك الثّمانيّ و العشر |
ففي العسر لم يجهر بشكوى لسانه | و في اليسر لم يلعب بأعطافه الكبر |
وشرّ المزايا أن يصيبك حادث | و تجهر بالشكوى و في وسعك الصّبر |
أهذا كمن يمسي و يضحي معربدا | و قدّمه طبل و من خلفه زمر ؟ |
أهذا كمغتاب يروح و يغتدي | و في نطفة شرّ و في صمته شرّ ؟ |
أهذا كمفطور على الشرّ و الأذى | أحاديثه نكر و أعماله نكر ؟ |
أهذا كأفعى همّها نفث سمّها | و نهش الذي تلقى و لو أنّه صخر |
أكمن إلى الوزر عامدا | و يضحك مختالا إذا مسّه الوزر ؟ |
أهذا الذي قد حارب المكر جهده | كمن شاب فوداه و ديدنه المكر ؟ |
إذا الدهر لم يعرف لكلّ مكانه | إذن قل لأهل الدهر قد فسد الدهر |