فلسطين الدامية
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
لو استطعتُ نشرتُ الحزنَ والألما | على فِلسْطينَ مسودّاً لها علما |
ساءت نهاريَّ يقظاناً فجائعُها | وسئن ليليَ إذ صُوِّرْنَ لي حلما |
رمتُ السكوتَ حداداً يوم مَصْرَعِها | فلو تُرِكتُ وشاني ما فتحت فم |
أكلما عصفت بالشعب عاصفةٌ | هوجاءُ نستصرخُ القرطاسَ والقلما ؟ |
هل أنقَذ الشام كُتابٌ بما كتبوا | أو شاعرٌ صانَ بغداداً بما نظما |
فما لقلبيَ جياشاً بعاطفةٍ | لو كان يصدقُ فيها لاستفاضَ دما |
حسب العواطف تعبيراً ومنقصةً | أنْ ليس تضمنُ لا بُرءاً ولا سقما |
ما سرني ومَضاءُ السيفِ يُعوزوني | أني ملكتُ لساناً نافثاً ضَرما |
دم يفور على الأعقاب فائرُهُ | مهانةٌ ارتضي كفواً له الكلما |
فاضت جروحُ فِلَسْطينٍ مذكرةً | جرحاً بأنْدَلُسٍ للآن ما التأما |
وما يقصِّر عن حزن به جدة | حزن تجدده الذكرى إذا قَدُما |
يا أُمةً غرها الإِقبالُ ناسيةً | أن الزمانَ طوى من قبلها أمما |
ماشت عواطفَها في الحكم فارتطمت | مثلَ الزجاجِ بحد الصخرة ارتطما |
وأسرعت في خطاها فوق طاقتها | فأصبحت وهي تشكو الأيْنَ والسأما |
وغرَّها رونقٌ الزهراء مكبرة | أن الليالي عليها تخلع الظُّلَما |
كانت كحالمةٍ حتى اذا انتبهتْ | عضّتْ نواجذَها من حرقةٍ ندما |
سيُلحقون فلسطيناً بأندلسٍ | ويَعْطفون عليها البيتَ والحرما |
ويسلبونَك بغداداً وجلقةً | ويتركونِك لا لحماً ولا وضما |
جزاء ما اصطنعت كفاك من نعمٍ | بيضاء عند أناسٍ تجحد النعما |
يا أمةً لخصوم ضدها احتكمت | كيف ارتضيتِ خصيماً ظالماً حكما |
بالمِدفع استشهدي إن كنت ناطقةً | أو رُمْتِ أن تسمعي من يشتكي الصمما |
وبالمظالمِ رُدي عنك مظلمةً | أولا فأحقر ما في الكون مَنْ ظُلِما |
سلي الحوادثَ والتأريخَ هل عرفا | حقا ورأياً بغير القوةِ احتُرما |
لا تطلُبي من يد الجبار مرحمةً | ضعي على هامةٍ جبارةٍ قدما |
باسم النظامات لاقت حتفَها أممٌ | للفوضوية تشكو تلْكم النظما |
لا تجمع العدلَ والتسليحَ أنظمةٌ | الا كما جمعوا الجزارَ والغنما |
من حيث دارتْ قلوبُ الثائرين رأتْ | من السياسةِ قلباً بارداً شبما |
أقسمتُ بالقوة المعتزِّ جانبُها | ولست أعظمَ منها واجداً قسماً |
إن التسامح في الاسلام ما حصدت | منه العروبة الا الشوكَ والألما |
حلتْ لها نجدة الأغيار فاندفعت | لهم تزجي حقوقاً جمةً ودما |
في حين لم تعرف الأقوامُ قاطبةً | عند التزاحم الا الصارمَ الخذما |
أعطت يداً لغريبٍ بات يقطعُها | وكان يلثَمُها لو أنه لُطِما |
أفنيتِ نفسَكِ فيما ازددتِ مِن كرم | ألا تكفّين عن أعدائك الكرما |
لابَّد من شيمٍ غُرٍّ فان جلبت | هلكاً فلابد أن تستأصلي الشيما |
فيا فِلَسْطينُ إن نَعْدمْكِ زاهرةً | فلستِ أولَّ حقٍ غيلةً هُضِما |
سُورٌ من الوَحْدةِ العصماءِ راعَهُمُ | فاستحدثوا ثُغْرَةً جوفاءَ فانثلما |
هزّت رزاياكِ أوتاراً لناهضةٍ | في الشرق فاهتَجْنَ منها الشجوَ لا النغما |
ثار الشبابُ ومن مثلُ الشباب اذا | ريعَ الحمى وشُواظُ الغَيْرَةِ احتدما |
يأبى دمٌ عربيٌ في عروقِهِمُ | أنْ يُصبِحَ العربيُّ الحرُّ مهتضما |
في كل ضاحيةٍ منهم مظاهرةٌ | موحدين بها الأعلامَ والكلما |
أفدي الذينَ إذا ما أزمةٌ أزَمَتْ | في الشرق حُزناً عليها قصَّروا اللِمَما |
ووحدَّتْ منهُمُ الأديانَ فارقةً | والأمرَ مختلفاً والرأيَ مُقتَسمَا |
لا يأبهون بارهابٍ إذا احتدَموا | ولا بِمَصْرَعِهِمْ إن شعبُهم سَلِما |