لعبة التجارب...
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
هو الحُكم – إن حقَّقتَ – لُعبةُ لاعبِ | يُسَمُّونَ ترقيعاتهِ بالتجارِبِ |
فتجرِبةٌ للحكمِ خَلقُ موظفٍ | وتجرِبةٌ للشعبِ تخريجُ نائب |
وإنَّ بلاداً بالتجارِب هُدّمت | وضُيّعَ أهلوها لإحدى العجائب |
وأعجبُ منه أن يُمنِّي رجالُها | نفوسَهمُ خيراً بعقبى المصائب |
تُعطَّلُ أربابُ المواهبِ ريثما | يُتمَّمُ تخريجُ الضِّعاف المواهب |
ولو جَرَّبوا أهل المناصب وحدَهم | لهانَ ، ولكنْ جُربّوا في المناصب |
من الظلم أن تأتي قصيدةُ شاعر | لتُصلِحَ حالاً أو مقالةُ كاتب |
فما دامَ حُكمٌ للتجاريب راهن | فليس لنا غيرُ انتظارِ العواقب |
ولكنَّ دأبَ الشاعِرينَ تحرُّشٌ | ومن عادةٍ الكُتابِ خلقُ المتاعبّّ |
دعوا القومَ أحراراً يؤدُّونَ واجباً | ولا تحسَبِوا سهلاً قياماً بواجبّ |
ولا تحسبوا سهلاً بناءَ دوائرٍ | وتوقيع أوراقٍ وتوزيعَ راتب! |
غزا الجهلُ أرض الرافدْينِ فحلَّها | كثيرَ السَّرايا مُستجاشَ الكتائب |
طليعةُ جيشٍ للمصائبِ هدَّدتْ | كرامتَهُ والجْهلُ رأسُ المصائب |
وما خيرُ شعب لستَ تعثرُ بينه | على قارئٍ من كلِّ ألفٍ وكاتب |
تمشَّى يجرُّ الفَقْر ردفاً وراءهُ | وأتعِسْ بمصحوبٍ وأتعِسْ بصاحب |
وراحا على الجُمهور ضيفينِ ألفْيَا | مُناخاً جميلاً بين هذي الخرائب |
فكان لِزاماً أنْ تحوزَ عصابةٌ | تفيتْ بظلِّ الجاه أعلى المراتب |
وكان لزاماً أن تتمَّ سيادةٌ | عليه لأبناءِ " الذوات " الأطايب |
وكان لزاماً أن تُقادَ جموعُه | حفاةً عراةً مهطعينَ " لراكب " |
وكان لزاماً أن تحاكَ دسائسٌ | له تحت أستار الخِداع الكواذب |
وكان لزاماً أن تعطَّل صنعةٌ | وأن يُصبحَ التوظيفُ أغلى المكاسب |
مشى الشعب منهوكَ القُوى واهنَ الخُطى | كواهلُه قد أُثقِلتْ بالضرائب |
وقد حِيلَ ما بين الحياةِ وبينهُ | فللموت منه بين عَينٍ وحاجب |
وكُمَّت به الأفواه عن كشف سوءَةٍ | كأنْ لم يكن من ثَمَّ عتبٌ لعاتب |
وأوجعُ ما يُصمي الغيورَ مقْاصرٌ | أطلَّتْ على مجحورةٍ في الزرائب |
يَبينُ على الحيطان شرخُ نعيمها | وتغمُرها اللذاتُ من كلِّ جانب |
وتحيي ليالي الرّقْص فيها خليعةٌ | تكشَّف عن سوق الحسان الكواعب |
ويجبى إليها خمرُها من مشارقٍ | يجادُ بها تقطيرُها وَمغارب |
وتلك من الإدقاع تتَّسد الثرى | يلاعبُ جنبيها دبيبُ العقارب |
وقد ذيدَ عنها الزادُ رَفهاً لآكلٍ | وحُرّم فيها الماء صفواً لشارب |
وإنيَّ في إرضائيَ الشِعرَ حائرٌ | وإني لمأخوذٌ بهذا التضارب |
فقد يُعجِز التفكيرَ ذكرُ محاسنٍ | وقد يُخجل القرطاسَ ذِكرُ المثالب |