أمين الريحاني
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
لمنِ المحافلُ جمّة الوُفّادِ | جَلَّ المَقام بها عن الانشادِ |
مَنْ زان صدرَ المجلس الأعلى وقد | طفح الجلال بحيثُ فاض النادي |
مِن صاحبُ السِّمة التي دَّلت على | أدب الحضارة في جمال البادي |
يا نجلِ " سوريا " وتلك مزية | شهِدت بها بمهارة الأولاد |
في كل يوم للمحافل رنةٌ | لك من نيويوركٍ إلى بغداد |
ما قدرُ هذا الاحتفالِ وإنما | كلُ الزمان محافلٌ ونوادي |
تَعْدادُ مجد المرء منقصة إذا | فاقت مزاياه عن التَّعْداد |
يا كاشف الآثار زور أهلها | وكفت بذوُرك عندهم من زاد |
رُحماكِ بالامم الضَّعاف هوت بها | إحنٌ ، فَمُدَّ لها يدُ الأسعاد |
وأشفق على تلك الجوانح إنها | حُنيت أضالعُها على الأحقاد |
وَّجدْ بدعوتك القبائل تهتدي | عن غَيِّها ولكل شعب هادي |
إقرأ على " مصر " السلامَ وقل لها | حَيَّتْ رباكِ روائحٌ وغوادي |
لا توحشي دارَ الرشيد فانها | وقفٌ على الإبراق والإرعاد |
وتصافحي بيد الاخاء فهذه | كفُّ العراق تمُدُ حبل وداد |
لا تْرهَبَنَّكِ قسوةٌٌ من غاصبٍ | عاتٍ فان الحق بالمرصاد |
لا تَخْدعَنَّك حِليةٌ موهومة | ما أشبه الأطواقَ بالأقياد |
ما أنصفوا التاريخ وهو صحائف | بيض نواصع لفعت بسواد |
أمثقِفَ القلم الذي آلى على | أن ليس ترجَحُ كفهُ استعباد |
ومشَّيداً ركناً يلتجى | منه بأمنعِ ذمة وعماد |
أنصِفْ شكية شاعر قد حَّلقت | بالصبر منه فظائع الأنكاد |
إني سمعت ، وما سمعت بمثله ، | نبأً يرن على مدى الآماد |
سورية أمُّ النوابغ تغتذي | هدفَ العداة فريسةَ الأوغاد |
تُّضحي على البلوى كما تُمسي وقد | خَفَت الزئيرُ فريسةَ الآساد |
لم تكفِها الظُّلَمَ التي | غَشيتْ ولم تَهمُمْ بقدح زناد |
أكذا يكون على الوداد جزاؤها | أم لست من ابنائها الأمجاد |
حنَّت إليك مرابعٌ فارقتها | لو أن بُعداً هز قلبَ جماد |
حدث عن الدنيا الجديدة إنها | أم الشعوب حديثة الميلاد |
ماذا تقول غداً إذا بك حدَّقت | خُوْصُ العيون بمحضر الأشهاد |
وتساءل الاقوامُ عنّا هل نما | فينا الشعور وما غناء الحادي |
وتعجَّبوا من مهبِط الوحي الذي | سمِعوا وليس سوى قرارةِ وادي |
وعلمت ما في الدار غيرُ تشاجر | وتطاحن ومذلة وفساد |
أتذيع سرّ حضارةٍ ان غُيبَّت | منها السرائر فالرسوم بوادي |
" كل المصائب قد تمر على الفتى | فتهون غير شماتة الحُسّاد" |
قل إن سُئلتَ عن الجزيرة مُفصحاً | ما أشبهَ الأحفادَ بالأجداد |
ما حُوِّلت تلك الخيامُ ولا عَدَتْ | فينا على تلك الطباع عوادي |
نارُ القِرى مرفوعةٌ وبجنبها | نارُ الوغى مشبوبةُ الايقاد |
أبقيةَ السلف الكريم عجيبةٌ | ما غيرتكِ طوارئ الآباد |
ما لوَّثَتْ منك الحقائبُ مسحة | موروثةً لك قبلَ أعصر عاد |
ما للحوادث فاجأتكِ كأنها | كانت على وعد من الأوعاد |
نام " الرشيد " عن العراق وما درى | عن مصره فرعون ذو الأوتاد |
حالت عن العهد البلاد كأنها | لبست لفقدِهُمُ ثياب حِداد |
واستوحشت عرصاتُها ولقد تُرى | دارَ الُوفادة كعبة الوُفاد |
إذ مُلْكُها غض الشباب ، وروُضها | زاهي الطراز ، مفوف الأبراد |
وعلى الحِمى للوافدينَ تطلع | بتعاقب الاصدار والايراد |
أغرى بها الاعداءَ صيقلُ حسنها | وجنت عليها نَضْرةُ المرتاد |
فتساندوا بعد اختلاف مطامع | أن لا يقيمَ الشرقَ أيَّ سناد |
وإذا أردتَعلى الحياة دلائلا | لم تلق مثلَ تآلف الأضّداد |
إن هزكمْ هذا الشعورُ فطالما | لانَ الحديدُ بضربة الحداد |
او تنكروا مني حماسة شاعر | فالقومُ قومي والبلاد بلادي |
عَجِلَتْ على وطني الخطوبُ فحتَّمت | ان لا يقَرَّ وسادهُ ووسادي |