إلى روح العلامة الجواهري
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
حذِرتُ وماذا يُفيد الحذرْ | وفوقَ يميني يمينُ القَدَرْ |
ومما يهوِّن وقَع الحِمام | أن ليس للمرء منه مفر |
يُوَقِّعُ ما شاء عُودُ الزمان | ويبكي ويضحك منه الوتر |
" فيومٌ علنا ويوم لنا | ويوم نُساء ويوم نُسر " |
تعشقتُ من " عمرٍ " قوَلهُ | وكم حكمة في معاني عمر |
أرى دهرنا مسرحاً كلُّنا | نروح ونغدو به كالصُّور |
اقول وقد قيل جاء البريد | ينث اليك بهذا الخبر |
عجِيب له كيف لم يوِهِه | فقالوا صدقتَ لهذا عثر |
عَرَفت الكتاب بمضمونه | يُحَدّث : أن اليراع انكسر |
خليليَّ ما انتما صانعان | بدمعٍ ترقرق ثم انحدر |
تحير بين النُّهى والهوى | فهذا نَهاهُ وهذا أمر |
هلُّما ننوح على دوحةٍ | ذوى الأصل منها وجفَّ الثمر |
ولا ترغبا في اعتذار الزمان | متى زلَّ دهرُكُما فاعتذر |
وهِّونَ من حُرقتي أن أرى | دَمَ الناس عند الليالي هدر |
حَلَفْتُ لقد كنتَ عفَّ اللسان | وعف اليدين وعف النظر |
جَنانُك لا تعتليه الشكوك | ونفسُك لا يزدهيها البَطَر |
شباب مضى كنَتَ برّاً به | وشيخوخةٌ كنت فيها أبر |
فلم تدر في صِغَر ما الصَّغار | ولم تدر ما الكِبْرُ عند الكِبَر |
ونفسُك للنفع مخلوقة | فلو رُمت ، لم تدر كيف الضرر |
لقد جلَّ خطبك عن أن يقاس | بما خلَّفته خُطوب أُخر |
فتلك يُلامُ بها جازع | وهذا يلام به من صبر |
بكيتُكَ للعلم مَحَّصْتَهُ | وابرزته نافعاً مختصر |
كتاب ابيك ومن ذا يعيد | عليه ، وقد رحت عنه ، النظر |
وللنفس تزهَد في عاجل | وترغب في الآجل المدخر |
لفقد صيامك يبكي النهار | ويبكي لفقد القيام السحر |
بكيتك للبيت عالي العماد | فخاراً نُعيِت اليه فَخَر |
تعطَّل من حَلْيهِ جيدهُ | وعِقدُ الجواهر منه انتثر |
رأيت من الناس ما دونه | يُفَلُ الحديد يُفَتُ الحجر |
نُسيتَ لأنكَ رُمت الآله | وغيرُك رام الورى فاشتَهر |
وعافتك دنياكَ إذ عِفتها | وما بك لو رُمتها من قِصَر |
وأعظمُ ما جرّ خطب الزمان | ملائكةٌ تُبلى بالبشر |
ثمَانينَ في الله قضيّيْتَها | ستُظْهر من فاز ممن خسر |
على قدر ما اختلف الواردون | يكونَ اختلافهُمُ في الصَّدَر |
ولو نَفَعتْ عِبرةٌ في الورى | لكانت حياتك أمَّ العبر |
لقد كلمتك خطوب دهت | لو الصخرُ كابدهنَّ انفطر |
شبابان كنا بلطفيهما | نباهي الخميلة أُمَّ الزهر |
فقدتَهما لم يكن بين ذا | وذلك إلا كلمح البصر |
أتعلم إذ شيعت نعشَه | لمن ذا تُشيِّع هذي الزمر |
وهل عَرَف الموت إذ غاله | بما أيِّ عِلْقٍ نفيس ظفِر |
ولو كنتَ تُرثى كما ينبغي | لكنت الجدير بأم السُّور |
ولكن على قدْر ما أستطيعُ | أتيت أقابل طوداً بِذر |
وما أنا إلا مُسئٌ أقر | وما أنت الا كريمٌ عذر |
هو الحزن نَمَّ عليه البيان | أو الجمرُ نمَّ عليه الشرر |
رأيت الهموم نَتاجَ الشعور | فلا يْفَرَحنَّ امرؤٌ عن شعر |
ودونَ القصيد الذي تقرأون | اذا جاشت انفس وخزُ الابر |
وما المرءُ إلا بآثاره | وذكرك بالخير نعم الأثر |
أبا حسنٍ يا جواد النَّدى | اذا المَحْلُ عمَّ ، وصِنوَّ المطر |
ويا نابغاً حينَ جَفَّ النُّبوغ | وضلت عن الفكر أهلُ الفكر |
يَهشُّ لك السمع قبل العِيان | وتشتاقك البدو قبل الحضر |
فلا تجزَعنْ ، نِعم عُقبى الفتى | تَحَّملُ ما لم يُطِقْ فاصْطَبر |