أرشيف الشعر العربي

ناي الجنوب

ناي الجنوب

مدة قراءة القصيدة : دقيقتان .

أَيّها النايُ

لي سلطانُ الكلام، وحاشيةٌ من الأحلامِ والريحِ

وجندٌ من المعاني والأشجارِ

مملكتي تمتدُّ إلى ما لا نهايةِ الحُلْمِ..

يَرْسُمُونَها على الخريطةِ أحياناً على شكلِ لافتةٍ..

أو مكتبٍ صغيرٍ في إحدى الصحفِ..

أو رصيفٍ

وأَرْسُمُها على شكلِ قلبٍ أو نايٍ

وتَرْسُمينها على شكلِ مصطبةٍ لشاعرٍ مجنونٍ

لي هذا البحرُ بتعرّجاتِ أغانيهِ على رملِ الموجةِ

البحرُ وشَعرُكِ الطويلُ وديوني آخر الشهرِ..

ثَمَّةَ ما يُوصِلُني إلى الخراب

وثَمَّةَ ما يُوصِلُكَ - أَيّها النايُ، يا صديقي - إلى قرى القصيدةِ

وهي تنأى من خلالِ النافذةِ..

نافذة بكائي..

آه.. كيفَ لمْ ألتفتْ إلى النافذةِ، حيث تجلسُ هي ساهمةَ النظرات والأحلام

تفكّرُ بالشاعرِ وقرصِ الأسبرين

قلتُ لها: غيابكِ نافورةُ حُرْقْة..

ولكنَّها لمْ تعدْ

قلتُ لقلبي: سأذهبُ إلى البصرة، أفلّيها شارعاً شارعاً، بحثاً عنكِ..

سأقفُ أمامَ تمثالِ السيّابِ - بلا زهورٍ ولا عنوان -

هكذا بكلِّ انكساري وغربتي

أسائلُ المارِّين عنكِ

وأبعثُ بطاقاتي في بريد البحرِ

يا لحماقاتي.. التي أورثتني كلَّ هذا التشرّد..

تشرّدي في شوارع حبّكِ..

أَيّها النايُ..

ساعةُ الحائطِ تتكتكُ..

كمْ مضى من الوقتِ على عَطَلي

نظرتُ إلى فوضى مكتبتي، وعرفتُ لماذا مضى نصفَ حياتي

بلا ترتيبٍ..

أَيّها النايُ..

كم باسمكَ من التأوّهاتِ والقرى

وكم باسمي من الفقْرِ والغيومِ

لنا أنْ نأخُذَ القطارَ، نفسَهُ، النازلَ إلى الجنوبِ

غريبينِ على مقعدين متقابلين

أنت تُحدِّقُ من النافذة لنباحِ أعمدةِ الهاتفِ وفوانيسِ القرى النائيةِ

وأنا أَكْتُبُ..

وعندما نصلُ المحطّةَ..

لن نجدَ أحداً في استقبالنا

سنذهبُ إلى أقربِ حانةٍ في المدينة

هنالك - وقبل الكأسِ الأخيرِ - سأبوحُ لكَ بشيءٍ خطيرٍ

أَيّها النايُ.. يا صديقي الوحيد

سأبوحُ لكَ باسمها..

فهل ستَكتُمُ السرَّ!؟

* * *

ملتقى السيّاب - 1989 البصرة

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (عدنان الصائغ) .

مَنْ قصَّ شعرَها الطويل..؟

المدينة

جنوح

بطاقة حب

أزهار.. على ضريح الجندي المجهول