مَنْ قصَّ شعرَها الطويل..؟
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
كانتْ لي في طفولتي دميةٌ | سرقوها قبل أنْ تتعلّمَ النطقَ | وتلعبَ معي | وكان لي في صباي حقلٌ ذهبيٌّ من سَنَابِل | قطعوا عنه ماءَ النهرِ | وحبسوا الغيمَ | فاستعنتُ بدموعي | قالوا لي: لا تبكِ... الرجالُ لا يبكون! | فماتتِ السَنَابِلُ | وتفتّتتْ حبَّاتُ القمحِ على بياضِ دفاتري | قبلَ أنْ تنضجَ | فعوّضوني عنها بكتبِ الجغرافيا المدرسيَّةِ | وصورِ الحقولِ | وعندما كَبِرتُ | أصبحتْ لي حبيبةُ بشَعرٍ طويلٍ وشرائط بيضٍ | لكنَّهم قصّوا ضَفائِرها قبل أنْ تكتملَ قصيدتي | وشنقوا بشرائطها فرحي الصغيرَ | وها أنا الآن | أُحِسُّ بالغُصَّةِ كلّما مَرَرْتُ | أمامَ محلّاتِ الألعابِ | والضَفائرِ الطويلةِ | وحقولِ القمحِ | * | كان لي حُلْمٌ صغيرٌ | ببيتٍ صغيرٍ، ومكتبةٍ، وشُرفةٍ تظلّلها أوراقُ البرتقالِ والأملُ | فالتهمهُ المُؤَجِّرُ الشرهُ | ها هو كرشُهُ يزدادُ كلَّ يومٍ... | وها هو نحولي يزدادُ كلَّ يومٍ... | * | كان لي أبٌ | سرقهُ سريرُ المستشفى | فلمْ أعدْ أتذكَّرُ من ملامحهِ | سوى برودِ الطبيباتِ | وهنَّ يتحدّثنَ لطفولتي عن رئتيهِ | اللتين نخرهما السلُّ والفقْرُ | بعد عشرين عاماً | أدركتُ لماذا كنَّ يتحدّثنَ ببرودٍ | * | كان لي رصيفٌ للتسكّعِ | وآخر للحبِّ... | وآخر للبحثِ عن عملٍ | أصبح لي رصيفٌ وحيدٌ، ضيِّقٌ | يمتدُّ بي - كلَّ يومٍ - من البيتِ إلى الوظيفةِ | * | كانتْ لي غيمةٌ ماطرةٌ | تسمّى القصيدة | عندما لمْ تجدْ أرضاً تؤويها | هاجرتْ | وتركتني وحيداً | على عراءِ النثرِ | * * * | |