أرشيف الشعر العربي

أول أمطار الحنين

أول أمطار الحنين

مدة قراءة القصيدة : دقيقتان .

أحتفلُ بذكرى غيابكِ، لوحدي

أُشعِلُ - في صفٍّ واحدٍ - شموعَ حنيني إليكِ

وأرقبُ قطراتِ أيّامي وهي تنحدرُ ببطءٍ على الطاولةِ

بعد قليلٍ، سيَنْطَفِيءُ آخرُ خيوطِ اللهبِ الحزين

وأبقى مع ركامِ الشمعِ المتجمّدِ، ركامِ سنواتي المُنْطَفِئَةِ

محاطاً بالبردِ والتشتّتِ

أين أنتِ الآن؟

في هذه الساعةِ من ضياعي

في شوارعِ ذكرياتكِ..

أين أنتِ الآن؟

غرفتي بكاءٌ،

جُدرانُها من جصٍّ ودموعٍ

ونوافذُها من أحلامٍ ذابلةٍ وياسمين

أين أنتِ الآن؟

يا مَنْ تركتِني أذرُّ رمادَ قصائدي في حاناتِ الأرقِ

فيشربُ نخبها الأصدقاءُ الثملون

وهم يُودِّعونني إلى بيوتِهم

وأُودِّعُهم إلى بردِ المصاطبِ

أين أنتِ الآن؟

لا شوارع اليوكالبتوز تدلُّني عليكِ، ولا نوافير نصب الحُرِّيَة، ولا حدائق إتحاد الأدباء، ولا مصابيح الجسر الحديدي المطفأة، ولا الهاتف القلق، ولا ساحة الإحتفالات، ولا لوحات ليلى العطّار، ولا نميمة الأصدقاء، ولا صوت ناظم الغزالي، ولا دير العاقول، ولا قطار ال

ما لي استنجدُ بكلِّ ذكرياتكِ

فلا أزدادُ إلّا ضياعاً...

ولا أَعْرِفُ أين أنتِ؟

ما لي أراكِ في كلِّ الشوارعِ… ولا أراكِ

ما لي أراكِ في كلِّ الملامحِ... ولا أراكِ

ما لي أراكِ في كلِّ المرايا... ولا أراكِ

ما لي أراكِ في كلِّ الكلماتِ... ولا أراكِ

[رأيتكِ...

توهّمتُ أنّي رأيتكِ - ذات صباحٍ مندّى برائحتكِ -

تَدْلِفِينَ إلى القاعةِ بشَعركِ الأسودِ الطويلِ

بينما كنتُ أقفُ خلفَ المنصَّةِ، محتشداً بالجمهور والقصائد

اختضَّ تاريخي كلَّهُ، فجأةً

وأحسستُ بأصغرِ خَلِيَّةٍ في كياني ترتجفُ

أحسستُ بقلبي يدقُّ

يدقُّ بعنفٍ

يدقُّ كـ مائةِ طبلٍ في قاعةٍ مغلقةٍ

أحسستُ أنَّكِ تسمعين الدقَّاتِ

تسمعين المارش الاحتفالي الكبير

فتمشين على دقَّةِ الطبولِ بغَنَجِ الملكاتِ...

عندما أفقتُ:

كانتْ طبولي ممزّقةً

والشوارعُ مزدحمةً بالخطى...

ولا أثرَ للعُشْبِ ورائحتكِ..]

قولي:

أين أنتِ الآن؟

* * *

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (عدنان الصائغ) .

شكوى

سأم الكاتب

همس

متسولان

المحطة الأخيرة