أفضْ عليكَ لبوسَ الصبر والجلدِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أفضْ عليكَ لبوسَ الصبر والجلدِ | فإنه الموتُ لا يبقي على أحدِ ؛ |
وبالتجلدِ قابلْ كلَّ حادثة ٍ ؛ | إن لم يكنْ لكَ عند الخطبِ من جلدِ ؛ |
إنَّ الذي يظهرُ الإنسان من جزعٍ | أمرٌ ؛ إذا جاءَ أمر الله لم يفدِ |
فالموتُ أكؤسه لا بدّ دائرة ٌ | لكلّ مقتربٍ منا ومبتعدِ ؛ |
كلٌّ لهُ عمرٌ مفض إلى أجلٍ ؛ | متى أتى المرءَ ؛ لم ينقصْ ولم يزدِ ؛ |
عمرُ الفتى حلبة ٌ والموتُ غايتها | والمرؤ من موتهِ يسعى إلى أمدِ ؛ |
وقد يهون ما في القلب من جزع | أن لا بقاء لغير الواحد الصمد ؛ |
يا درة َ العقد في آل المؤيد لم | يتركْ مصابكِ من قلبٍ ولا كبدٍ |
لو كانَ يدفعُ منْ ماضي القضا عددٌ | حطناكِ بالعددِ الموفورِ والعددِ |
لو أنه كانَ يرضي الموت فيكِ فدى ً | إذاً فدنياكِ بالأهلين والولدِ |
لكنه الموتُ ؛ لا يرضيه بذلُ فدى | ولاَ يصيخُ إلى عذلٍ ولا فندِ ؛ |
ولا يرقّ لذي ضعفٍ وذي خورٍ | ولا يحاذرُ بطشَ الفارسِ النجدِ |
يأتي الملوكَ ؛ ملوكَ الأرضِ مقتحماً | ويخرجُ الشبلَ من عريسة ِ الأسدِ |
منْ للمساكين ؛ قد أصليتِ أكبدهمْ | بلاعجٍ من ضرام الحزنِ متقدِ |
منْ للأراملِ ؛ تبكيكَ الدماءَ لما | حملنَ بعدكِ من كربٍ ومن كمد ؛ |
كمْ من فؤادٍ حيرانَ ملتهباً | حزناً ومن مدمعٍ في الخدّ مطردِ ؛ |
لا غرو إنْ متنَ منْ حزنٍ عليكَ فقد | فقدنَ منكَ لعمري خيرَ مفتقدِ |
أما كرزئك ؛ لاّ واللهِ ما سمعتْ | أذنٌ ولا دارَ في فكرٍ ولا خلدِ . |
رزوٌ غدا منهُ شملُ المجدِ منصدعاً | وفتّ في ساعد العلياء والعضدِ ؛ |
جلَّ المصابُ ؛ فما خلقٌ يقولُ إذنْ | يا صبرَ اسعدْ ؛ ولا يا حزنُ قدك قدِ ؛ |
وحسبنا أسوة ٌ طهو حيدرة ٌ | والآلُ أجمعُ منْ داعٍ ومقتصدِ ؛ |
فاصبرْ عمادَ الهدى للحكم محتسباً | أجراً وسلمْ لأمرِ الواحد الصمدِ ؛ |
فالصبرُ عقدٌ نفيسٌ مالهُ ثمنٌ | ولا يكونُ لغير السيد السندِ ؛ |
وما الرزية ُ يا مولايَ هينة ٌ ؛ | وإن أمرتَ بحسنِ الصبرِ والجلدِ |
لكن نسومكَ عاداتٍ عرفتَ بها ؛ | أنْ لستَ تلقي إلى حزنٍ غزا بيدِ ؛ |
وليسَ مثلكَ منْ بالصبر نأمرهُ ؛ | فأنتَ الذي يهدي إلى الرشدِ ؛ |
كم حادثٍ لا تطيقُ الشمُّ وطأتهُ ؛ | لاقيتهُ من جميل الصبرِ في عددِ . |
ألستَ من سادة ٍ شمًّ غطارفة ٍ | أحيوا بوبل الندى الوكافِ كلَّ ندي ؛ |
القومُ تضربُ أمثالَ العلى بهمُ | بينَ البرية طراً آخرَ الأبدِ ؛ |
المقدمونَ وأسدُ الغابِ خاضعة ٌ | والباذلون الجود والأنواء لم تجدِ ؛ |
غرٌّ رقوا من مراقي المجدِ أرفعها | وقوموا كلَّ ذي زيغٍ وذي أودِ ؛ |
واشكرْ لمولاك إذ أولاكَ عافية ً ؛ | لا زلتَ ترفلُ في اثوابها الجددِ |
وما بقيتَ لنا فالصدعُ ملتئمٌ ؛ | فأنتَ للدين مثلُ الروحِ للجسدِ |