على مثلها كان العلاءُ يحومُ
مدة
قراءة القصيدة :
7 دقائق
.
على مثلها كان العلاءُ يحومُ | وتقعد بالملك المنى وتقومُ |
ويخفق قلبُ الدهر شوقا وتلتظى | إلى الرِّيّ أيام لواغبُ هيمُ |
وتطمح ألحاظُ الوزارة كلّما | وهى عامٌ منها وسالَ قويمُ |
مجالسُ تنبو عن ظهور ولاتها | فتنزعُ تبغي غيرهم وترومُ |
تغيبُ المعالي فيهمُ عن صدورها | وتحضرُ أسماءٌ لهم وجسومُ |
جرى السابقُ الممسوحُ غرة ُ وجههِ | ونكَّصَ ملطومُ الجبين بهيمُ |
جوادٌ يؤدِّي عن كريم عروقهِ | فيبرزُ والعرقُ الكريم نمومُ |
قناة ٌ من المجد التّليد صليبة ٌ | لها مركز في المكرماتِ صميمُ |
تمدّ أباً وابنا لنحر حسودها | أنابيبُ لم تعلقْ بهنَّ وصومُ |
من الدوحة الغيناء يضحك تربها | رضاعُ المعالي والترابُ فطيمُ |
سقاها بنو عبد الرحيم فدلَّها | بهم دمثٌ بين العضاه رخيمٌ |
زكتْ ما زكتْ حتى انتهتْ ثمراتها | إلى خير فرع شفَّ عنه أرومُ |
وفى لعميد الدولتين بها الحيا | فرفَّ لها ظلٌّ ورقَّ نسيمُ |
حلتْ في حلوق الذائقين جناتها | به ولأخلاقِ الرجال طعومُ |
هنا اليومَ هذا الأمرُ أنك ربُّه | وكافله بالرأي وهو يتيم |
وحاويه لما قيّض الله برءهُ | وقد حام راقٍ وستماتَ سليمُ |
توافي عليه الناسُ أين دواؤه | وراحوا ومنهم عاجزٌ وسئومُ |
فلا لعنتْ أمُّ الوزارة إنها | لأنجب أنثى يوم عنك تقومُ |
لقد ولدتْ منك الذي لا أخا له | وهل تلد العذراءُ وهي عقيمُ |
تسنَّمها قومٌ بغير مناكبٍ | ففي كلّ ظهرٍ جلبة ٌ وكلومُ |
تساعوا فبان ابن اللَّبون بقوّة | عليهم وفيهم جلَّة وقرومُ |
يعدُّونَ فضلَ السنِّ سبقا إلى المدى | وأن المعالي شارة ٌ ووسومُ |
وكم ذابلٍ ينمى بجوهرِ نفسه | فيرعى ووافى النبت وهو وخيمُ |
فهلاَّ كما تكفي كفوا وتعلّموا | ليعقلَ تدبيرَ الأمور عليمُ |
فقلْ لمجرِّ العجبِ فضلَ عنانه | توقَّ عضاضَ العجبِ فهو غذومُ |
ظننتَ الحمى ما لم تذد عنه ضائعا | وفي الغاب أسدٌ لو علمتَ جثومُ |
ستعلمُ إن شاورتَ رأيك والهوى | على البغي أيَّ الآمرين تلومُ |
تبينُ فما كلّ النفوس عظائمٌ | إذا هنّ لم يدفع بهنّ عظيمُ |
لقد طال باعُ الملك واشتدّ عوده | بأروعَ لم يُحلل عليه حريمُ |
ومن أين تخشى خطة َ الجور أمة ٌ | وأنت لها بالصالحات زعيمُ |
تقلَّب حتى عاد نفعا ضرارُها | وشقوتها بالأمس وهي نعيمُ |
وقرّت رعاياه فأمست عيونها | تنام على أمّ الحمى وتنيمُ |
مشى الذئبُ بين السرحِ كلُّ نصيبه | لحاظٌ يسوِّي بينها وشميمُ |
ورعتَ كما آمنتَ بالعدل فاشتفى | برئٌ وأعيا أن يبلَّ سقيمُ |
رأى بك ركن الدين بُلجة شمسه | غناءً ويومُ الناظرين مغيمُ |
فأغمدَ قوما وانتضاك بصيرة ً | بما ينتضي من صارمٍ ويشيمُ |
وأعطاك ما لا يأتلي الظنُّ يرتمي | غلوّا ولا مغلي الرجاء يسومُ |
كرائمَ من سرّ الملوك مصونة ً | لها منك كفءٌ في الرجال كريمُ |
فمحبوكة ٌ حبكَ السماء وسيعة ٌ | لها من أديم الباقيات أديمُ |
تفرّدَ منها كلُّ لون بشعبة ٍ | من القلب تصبو نحوه وتهيمُ |
كأن أخاك الغيثَ وُلِّيَ نسجها | فزهرته وسمٌ لها ورقومُ |
تكاثف جنباها فلو خفَّ حملها | من التبر خلناها عليك تقومُ |
ومترفة ٌ للريح رقة ُ جسمها | ومنشؤها بالقريتين جسيمُ |
طغى طرفاها واستكان وسيطها | خضوعاً فمنها وابلٌ وعميمُ |
تضورُ من ثقلِ النُّضارِ كأنها | بما سال في الخدين منه أميمُ |
هي التاج لولا أن تسمَّى عمامة ً | مجازاً ومسميها بذاك ظلومُ |
ومرصوعة ٌ بالدرِّ في موضع الحبى | لها السيف ضوءٌ والنجاد قسيمُ |
يروعُ العدا ما راقَ منها كأنها | نجومٌ بها قلبُ العدوّ رجيمُ |
تنطَّقتها حليا وقلِّدتَ فوقها | صقيلاً يريك البشرَ وهو شتيمُ |
جرازا يصيح الموتُ من شفراته | ويرجو قضاءَ الدَّين وهو غريمُ |
وهيفٌ تطاريف الدماء خضابها | وضافي كساها أعظمٌ ولحومُ |
إذا فرِّجتْ بين الأصابع غادرتْ | جوانفَ لا يبنى لهنَّ هديمُ |
تناطُ بمثل الشمس لونا وصبغة ً | يقيك الردى منها أصكُّ لحيمُ |
وأمّ بنينَ استبطنتهم فصدرها | غصيصٌ بهم عند الحضانِ كظيمُ |
يعقُّونها بالضغط وهي عليهمُ | عطوفٌ بدرّات الرَّضاع رءومُ |
تخال الأفاعي الرُّقَّش ما ضمَّ منهمُ | حشاها وهم فيها أخٌ وحميمُ |
فمن ذي لسانٍ مفصح وهو أخرسٌ | ومن بائحٍ بالسرِّ وهو كتومُ |
لها من سبيك التَّبرِ لونٌ مورّسٌ | ووجهٌ من العاج النصيع وسيمُ |
تدين العطايا والمنايا بأمرها | ويأملُ مثرٍ نفعها وعديمُ |
وغضبان من جنّ المراح كأنه | عصا النبع لولا رادفٌ وحزيمُ |
له عنقٌ في صفحة الجوّ شارفٌ | وذيلٌ على خدّ التراب عميمُ |
تقابل في أطرافه العتقُ والتقى | عليه خؤل سبَّقٌ وعمومُ |
أغرُّ تقول الفجرُ شقَّ جبينهُ | ومن لونه ليلٌ عليه بهيمُ |
كأن الهلالَ بين جنبيه طالعٌ | ورصعَ الحلى من جانبيه نجومُ |
ومجنونة تطوي الطريق كأنما | تنفَّسَ منها في الحزام ظليمُ |
هي البرق خطوا والكثيبُ وثارة ً | وليناً وأختُ الريم أو هي ريمُ |
إذا انتسبتْ لم يخزِها معَ خالها ال | كريم أبٌ في الشاحجات لئيمُ |
ترى الموكبَ الجعجاعَ جلُّ سميرهِ | أحاديثُ ما يسرى بها ويقيمُ |
لها منهمُ حظُّ اللسان إذا مشت | مديحا وحظُّ العين حين تقومُ |
منائحُ كانت في السماء ذخيرة ٍ | لكم ومنى ً عهدى بهنّ قديمُ |
لقد طال سكرُ الدهر ثم صحا بها | وسفِّه حتى اليومِ وهو حليمُ |
وفتْ بمواعيد السعادة فيكمُ | وقد ملَّ ممطولٌ وكلَّ غريمُ |
وبتَّ بغيظ الحاسدين فمسمعٌ | صليمٌ وأنفٌ في التراب رغيمُ |
فلسنا نسوم الدهرَ فيها زيادة ً | سوى أنها تبقى لكم وتدومُ |
زجرتُ لكم طيرَ الميامن قبلها | وأعلمتكم أني بذاك عليمُ |
وأني وراء الغيب تطلعُ فيكمُ | بصائرُ لي معروفة ٌ وعزيمُ |
ومن آيتي في الشعر أن لاعيافتي | تخيبُ ولا فالى الجريّ يخيمُ |
فوفُّوه حقَّ الشعر وارعوا ذمامه | وصحبته إن اليسيرَ ذميمُ |
أنا المرء لم يخبث لكم قطّ سرُّه | ولم تسلهِ عنكم رقى ً وتميمُ |
على رعى واديكم يجرُّ حباله | ويشبعه غضٌ لكم وهشيمُ |
فمالي وسمتُ اليومَ بالشعر وحده | وفيّ صفاتٌ غيرهُ ووسومُ |
ألم أك أيامَ الهوى ليَ كلُّه | مقيما عليكم لا أكاد أريمُ |
تجاذب أذيالي يدٌ منكم يداً | ويعطفكم مجدٌ عليّ وخيمُ |
إذا قال قوم شاعرٌ حسبُ غرتمُ | عليّ وقلتم شاعرٌ ونديمُ |
فها أنا ملقى ً في الرذايا كأنني | جليبٌ تنافاه الرُّعاة ُ كليمُ |
أرى ماءَ حوضٍ كنتُ صفَّقتُ شربه | أطرَّد عنه والغرابُ تعومُ |
أقولُ لنفسي كلما خفتُ يأسها | رويدك تظمى الأرضُ ثم تسيمُ |
وما الغيث إلا قطرة ٌ بعد قطرة ٍ | مرشٌّ ويتلوه أجشُّ هزيمُ |
لنا في كفالات الوزير غرائسٌ | ستثمرُ خيرا والكريمُ كريمُ |
بلغتُ بك الآمال فابلغ بيَ التي | تحسِّنُ وجهَ الدهر وهو شتيمُ |
وما بيَ إلا العزُّ فاستبقني به | وكالميت حرٌّ عاش وهو مضيمُ |
ومن شرف الإعراق أن تبلغَ المدى | وأنتَ على حسن الحفاظِ مقيمُ |