يا وحشة َ المجدِ ثقي بالأنسِ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
يا وحشة َ المجدِ ثقي بالأنسِ | قدْ عطّتْ الشّمسُ رداءَ الغلسِ |
ويا حمى الزوراءُ أمناً حرَّمتْ | رعيكَ كفُّ الأخدريّ الأشوسِ |
منْ بعدِ ما كنتَ ببعدِ صوتهِ | مهبطَ كلّ خابطٍ ملسِّسِ |
عادَ الحيا مرقرقاً على الثَّرى | بمائهِ قبّلَ كلَّ يبسِ |
وانتشرتْ خضراءَ دوحة ُ العلا | فالسّاقُ وحفُ والقضيبُ مكتسي |
وردَّ مجدُ الدِّينِ في أيَّامهِ | دينَ النَّدى كأنَّهُ لمْ يدرسِ |
عزَّ بهِ الفضلُ كأنْ لمْ يهتضمْ | وقامتِ العليا كأنْ لمْ تجلسِ |
ووضحتْ على ضلالاتِ السُّرى | طرقُ المنى للرّائدِ الملتمسِ |
فيا مثيرَ العيسَ جعجعها ويا | مرسلَ أفراسِ الرَّجاءِ أحبسِ |
كفيتما تهجيرها مظهرة ً | وخوضها في الليلِ بحرَ الحندسِ |
جاءكما الحظُّ ولمْ تقامرا | بناقة ٍ فيهِ ولا بفرسِ |
لمْ تضربا أعناقها وسوقها | حرصاً لإدلاجٍ ولا معرَّسِ |
ردَّ الكرى إلى العيونِ قرَّة ً | وعادَ للأنفسِ روحُ الأنفسِ |
بالحلوِ والمرِّ على أعدائهِ | والطَّائشِ السَّرجِ الوقورِ المجلسِ |
ببابليٍّ مالهُ لمْ يمتنعْ | وسامريٍّ عرضهُ لمْ يمسسِ |
أروعُ لا يعثرُ منْ آرائهِ | بمشكلِ هافٍ ولا ملتبسِ |
إذا دجى الخطبُ سرى مستقدماً | منْ عزمهِ في قمرٍ أوْ قبسِ |
لا هاشمٍ مغرِّرٍ لمْ يعتبرْ | ولا حريصٌ معجبٌ لمْ يقسِ |
نجَّذتِ الأيَّامُ منهُ قارحاً | بفضلهِ والسُّنُّ لمْ تعنَّسِ |
وطالَ أمَّاتِ العضاة ِ مشرفاً | وهو قريبٌ عندهُ بالمغرسِ |
تختمرُ الزَّهرة ُ في لثامهِ | بصدغها حتَّى الدُّجى المعسعسِ |
فإنْ غلتْ بصدرهِ حميَّة ٌ | راعكَ وجهُ الضَّيغمِ المعبِّسِ |
رمتْ بهِ صحنَ السَّماءِ فسما | مدارجَ البيتِ الأشمِّ الأقعسِ |
فأنتَ منْ أخلاقهِ في مغزلٍ | ومنْ حمى غيرتهِ في محمسِ |
بيتٌ يقولُ اللهُ بيتٌ مثلهُ | عندي لمْ يبنى ولمْ يؤسَّسِ |
سماحة ُ الغيثِ وفي أرجائهِ | مهابطُ الوحيِ وروحُ القدسِ |
ومنهُ فرعاً مكَّة ٍ وطيبة ٍ | تشعَّبا ومنهُ بيُ المقدسِ |
قومٌ بهمْ ثمَّ ونحنُ فترة ٌ | فرجُ المضيقِ وانكشافُ الَّلبسِ |
همْ حملوا على الصِّراطِ أرجلاً | لولا هداهمْ عثرتْ بالأرؤسِ |
وحطَّموا ودَّاً وخلُّوا هبلاً | مبدِّلينَ بالعتيقِ الأملسِ |
ديستْ منْ الشِّركِ بهم جماجمٌ | ترابها منْ عزة ٍ لمْ يدسِ |
ساروا بتيجانِ الملوكِ عندنا | معقودة ً على الرِّماحِ الدُّعَّسِ |
آلكَ آلُ الحجراتِ أيقظوا | للرشدِ أبصارَ القلوبِ النُّعَّسِ |
وأخذوا إلى فسيحِ لاحبٍ | بالنَّاسِ منْ جهلِ المضيقِ الملبسِ |
قالوا فجادوا فكأنَّ الرَّعدَ لمْ | يرزمْ وماءَ المزنِ لمْ ينبجسِ |
وحدُّكَ النَّاطقُ بالصِّدقِ لهُ | طاعة ُ كلِّ ناطقٍ وأخرسِ |
وبأبيكَ حبُّهُ وبغضهِ | غداً يرى لمحسنُ خسرانَ المسي |
وأنتّ ما أنتَلحوقاً بهمْ | زرارة ٌ تجري وراءَ عدسِ |
يقديكَ مملوكٌ عليهِ أمرهُ | رخوَ البدادينِ ضعيفُ المرسِ |
يأكلهُ العيبُ فلا يميطهُ | بمالهِ عن عرضهِ المضرَّسِ |
لو خنقتهُ ذلة ُ البخلِ لما | قالَ بدينارٍ لها تنفّسي |
يغزو أباكِ ويظنُّ مقنعاً | عزَّ الأصولِ معَ ذلِّ الأنفسِ |
ضمَّ إليكَ فعلوتَ ولطى | سومَ الأشمِّ قستهُ بالأفطسِ |
عادَ بظلِّ بيتهِ وأصحرتْ | غرُّ مساعيكَ بقاعٍ مشمسِ |
تأخذُ حقَّ العزِّ قسراً وسطاً | والأسدُ لا تعابُ بالتَّغطرسِ |
فاصدعْ بها دامية ً نحورها | صدعَ فتى ً في نقعها منغمسِ |
وقمْ بنا نطلبها عالية ً | أمّا لمرمى العزِّ أو للمرمسِ |
فالسَّيفُ مالمْ يمضِ قدماً زبرة ٌ | واللّيثُ كلبُ البيتِ مالمْ يفرسِ |
نادى البشيرُ وفؤادي جمرة ٌ | للشوقِ منْ يرفعْ لهُ يقتبسِ |
والبينُ قدْ أوحدني فليسَ لي | بعدكَ غيرَ وحشتي منْ مؤنسِ |
والبعدُ باستمرارهِ يطلعُ لي | كيفَ طمعتُ منْ ثنايا الموئسِ |
دعا وقدْ ضعفتُ عنْ جوابهِ | كأنَّ نفسي خلقتْ منْ نفَسي |
هذا الزكيُّ ابنُ التَّقيُّ فطغى | شيطانُ شوقي وهوى موسوسي |
وقيلَ ممسوسٌ ولكنْ واجدٌ | قلباً لهُ ضلَّ ولمَّا يمسسِ |
فيالها غنيمة ً سرِّي بها | لمْ يختلجْ وخاطري لمْ يهجسِ |
أحلى على القربِ وقدْ تملأَّتْ | عيني بها منْ نظرة ِ المختلسِ |
حبا غزيراً لا كما تسنيهِ لي | منْ نزرِ ماءٍ وقليبٍ يبسِ |
وشكرُ ماتوسعُ منْ خلائقٍ | على البعادِ ثوبها لمْ يدنسِ |
طاهرة ٌ إذا عركتَ جانبي | منْ ودِّ قومٍ بالخبيثِ النَّجسِ |
عرفتني والنَّاسُ ينكرونني | وجدكَ بالشُّفوفِ والتَّفرُّسِ |
أودعتكَ الفضلَ فلا حقوقهُ | عندكَ ضاعتْ ولا العهدُ نسي |
فقصرُ ما أوليتَ أنْ أجزيهُ | جزاءهُ في المطلقاتِ الحبسِ |
شواردً باسمكَ كلَّ مطرحٍ | ولمْ ترحْ عنكَ ولمْ تعرَّسِ |
كالحورِ في خيامها مقصورة ٌ | وفي الفلا معِ الظّباءِ الكنَّسِ |
ممّا حويتَ برقايَ فسرى | سحريَ في حيَّاتهنَّ النُّهَّسِ |
يتركَ كلّ ماسحَ غيرَ يدي | دماً على نيوبها والأضرسِ |
تغشاكَ لا تحتشمُ الصُّبحَ ولا | ترهبُ في الليلِ دبيبَ العسسِ |
فأنتَ منها أبداً غوادياً | ورائحاتٍ في ثيابِ العرسِ |
فاسمعْ لها واسلمْ على اتصالها | واتَّقِ أنْ تعيرها واحترسِ |
واستغنِ بي واغنني عنْ معشرٍ | سورة ُ فضلي بينهمْ لمْ تُدرسِ |
أعوذُ منْ ليني لهمْ بجعدي | ومنْ ذحولي بينهمْ ببلسي |
شفيتُ أعراضهمْ وعيشتي | فيهمْ متى تبرا اختلالاً تنكسِ |
ودَّ القريضَ قبلَ ما قالَ لهمْ | على لساني أنْ نطقي خرسي |
فإنْ تغرْ أو تكفني جانبهمْ | فلستُ منْ ذلكَ بالمبتئسِ |