لو كنتَ تبلو غداة السفحِ أخباري
مدة
قراءة القصيدة :
7 دقائق
.
لو كنتَ تبلو غداة السفحِ أخباري | علمتَ أنَّ ليسَ ما عيَّرتَ بالعارِ |
شوقٌ إلى الوطنِ المحبوبِ جاذبَ أض | لاعي ودمعٌ جرى منْ فرقة الجارِ |
ووقفة ٌ لمْ أكنْ فيها بأوَّلَ منْ | بانَ الخليطَ فداوى الوجدَ بالدَّارِ |
ولمتَ في البرقِ زفراتي فلو علمتْ | عيناكَ منْ أينَ ذاكَ البارقُ السَّاري |
طارتْ شرارتهُ منْ جوِ كاظمة ٍ | تحتَ الدُّجى بلباناتي وأوطاري |
من كلِّ مبتسمٍ عن مثلِ ومضتهِ | وذائبٍ ريقهُ في مزنهُ الجاري |
وخافقٍ بفؤادي في حياً هطلٍ | خفوقَ شعشاعهِ منْ غير إضرارِ |
وطائشٍ من لحاظٍ يومَ ذي سلمٍ | ملكنَ وردي ولمْ يمكلنَ إصداري |
رميتُ أحسبُ أنِّي في بني جشمٍ | فردَّ سهمي ورامي مهجتي قاري |
هل بالدِّيارِ على لومي ومعذرتي | عدوى تقامُ على وجدِي وتذكاري |
أم أنتَ تعذلُ فيما لا تزيدُ بهِ | إلاَّ مداواة َ حرِ النَّارِ بالنَّارِ |
تنكَّرتْ أنْ رأتْ شيبي وقدْ حسبتْ | أيَّامَ عمري فصدَّتْ أمَّ عمَّارِ |
أما تريني ذوى غصني وناحلني | ظلِّي ورابًَ الهوى صبري وإقصاري |
وقوربتْ خطواتي منْ هنا وهنا | فبدِّلتْ أذرعٌ منها بأشبارِ |
مطَّرداً تجتفيني العينُ راكدة ً | عندَ الملوكِ رياحي بعدَ إعصارِ |
فما خضعتُ ولكنْ خاننيزمني | ولا ذللتُ ولكنْ غابَ أنصاري |
وقدْ أكونُ وما تقضى بلهنية ٌ | إلاَّ بمتعة ِ آصالي وأسحاري |
موسِّعاً لي رواقَ الأنسِ قالصة ً | عني ذلاذلُ أبوابٍ وأستارِ |
معْ الوسائدِ أو فوقَ المضاجعِ إنْ | ملَّتْ مجالسُ ألاَّفٍ وسمَّارِ |
أشري الموداتَ والأموالَ مقترحاً | منها الصَّفايا بأخلاقي وأشعاري |
أيَّامَ لي منْ بني عبدِ الرَّحيمِ حمى | راعينَ حقَّ العلا دانينَ حضَّارِ |
مرفرفينَ على حقَّي بحفظهمِ | رامينَ نحوي بأسماعٍِ وأبصارِ |
فاليومَ تنبذني الأبوابَ مطَّرحاً | نبذَ المعرَّة ِ تحتَ الزِّفتِ والقارِ |
يملُّ مدحي ولا يصغي لمعتبتي | ولا يراقبُ تخويفي وإنذاري |
ينقَّصُ الفضلُ ميزاتي ويصغرني | ما كانَ فيهِ غذا أنصفتُ إكباري |
هذا وهمُ بعدُ يرعوني وإنْ شحطوا | ويلحظوني على بعدٍ منَ الدَّارِ |
علقتُ باسمهمُ فاستبقني ويفي | أنَّي علقتُ بحبلٍ غيرِ جوَّارِ |
بالأطهرينَ ثرى ً والأطيبينَ ندى ً | والأسمحينَ على عسرٍ وإقتارِ |
والنَّاصرينَ لما قالوا بما فعلوا | والفاتلينَ على شزرٍ وإمرارِ |
لا يعدمُ الجارُ فيهمْ عزَّ أسرتهِ | ولا يكونَ قراهمْ خجلة َ الجارِ |
ولا يردِّونَ في صدرِ الحقوقِ إذا | توجَّهتْ بتساويفٍ وأعذارِ |
يأوي الطَّريدُ إليهمْ غيرَ مهتضمٍ | ويرحلُ الضَّيفَ عنهم غيرَ مختارِ |
سريتُ منهمْ بشهبٍ في دجى أملي | تضيءُ لي واهتدى ليلي بأقمارِ |
صحبتهمْ والصِّبا ريعانُ في ورقي | فما نبوا بي حتى حانَ إصفاري |
مقرَّباً يحسبوني ذيلَ أنعمهمْ | حتى ترى النَّاسَ يقتافونَ آثاري |
حتى لو أنَّي أدعى باسمِ بعضهمِ | لمْ ينبُ جهري عنْ الدَّاعي وإسراري |
حموا شبولاً حمى سرحى وعشتُ إلى | أنَّ ذبَّ عني منهمُ ضيغمٌ ضاري |
قضيتُ في شرفِ الدِّينِ الذي ضمنتْ | لي المنى ووقى زجري وأطياري |
وحرَّمتْ يدهُ لحمي على زمني | وكنتُ منهُ لأنيابٍ وأظفارِ |
أغرُّ قامتْ بقولي فيه معجزتي | في الفضلِ وانكشفتْ بالصِّدقِ أخباري |
وسارَ بأيمي ما أرسلتهُ مثلاً | في الأرضِ في كلِّ بيتٍ فيهِ سيِّارِ |
مباركٌ تطردُ اللأواءَ رؤيتهُ | طردَ الظَّلامِ بزندِ البلجة ِ الواري |
وزيرُ ملكٍ خلتْ في عدلِ سيرتهِ | صحيفة ُ الملكِ منْ إثمٍ وأوزارِ |
يزيَّنَ الحقَّ في عينيهِ منبتهُ | على نوازعِ عرقٍ فيهِ نعَّارِ |
شبَّتْ بهِ الدَّولة ُ الشَّمطاءُ وارتجعتْ | زمانها بينَ إعراسٍ وإعذارِ |
وأقلعَ الدَّهرُ عمَّا كانَ يثلمهُ | منْ عرشها بعدَ تصميمٍ وإصرارِ |
طوراً هشيماً تلظَّى ثمَّ يرفلُ منْ | تدبيرهِ بينَ جنَّاتٍ وأنهارِ |
يذبُّ عنها وقدْ ريعتْ جوانبها | برأيهِ المكتسي أو سيفه العاري |
تهفو مراراً بهِ غمطاً لنعمتهِ | ثمَّ تعودُ بحلوِ الصَّفحِ غفَّارِ |
فكمْ تموتُ ويحييها برجعتهِ | وكمْ تعقُّ أباها الخالقَ الباري |
شيمة ُ لؤمٍ لها تنسى إذا قرنتْ | منهُ بشيمة ِ حرٍّ وابنُ أحرارِ |
من طينة ِ الملكِ ملموماً على كرمٍ | لم تنحتْ صخرة ٌ منهُ بمنقارِ |
يهتزُّ فخراً بعرضٍ لا يلمُّ بهِ | وصمُ القنا وأديمٍ غيرَ عوَّارِ |
بينَ وزيرٍ تغصَّ الصَّدرِ جلستهُ | يختالُ أو ملكٍ في الفرسِ جبَّارُ |
تقسَّموا الأرضَ يفتضُّونَ عذرتها | بعدلهمْ بينَ عمَّالٍ وعمَّارِ |
ورثتهمْ سوددا وازددت بينهمُ | زيادة َ السَّيفِ بينَ الماءِ والنَّارِ |
إنْ تخلُ منْ وجهكَ الزوراءُ مكرهة ٌ | فإنَّ صدَّكَ عنها صدُّ مختارِ |
أو ينضَ بعدكَ عنها حسنها فلها | بقربِ غيركَ أثوابٌ منَ العارِ |
أمَّا الدِّيارُ فقفرٌ والقطينُ بها | يودُّ منْ قلقٍ لو أنَّهُ ساري |
قد خضخضَ السَّجلُ جاليها فما يجدْ ال | سَّاقي سوى حماة ٍ ما بينَ أحجارِ |
وطارَ بالرزقِ عنها أجدلٌ علقتْ | منهُ المنى بحديدِ الظُّفرِ عقَّارِ |
قامتْ بأذنابها أقدامهمْ وهوتْ | رءوسها في هوى مستهدمٍ هاري |
فالأرضُ مردودة ٌ بالفلس لو عرضتْ | والملكُ يغلو لمبتاعٍ بدينارِ |
وصاحبُ الأرضِ مملوكٌ يصرِّفهُ | مجعجعٌ بينَ نهَّاءٍ وأمَّارِ |
حلسُ العرينة ِ خافٍ تحتَ لبدتهِ | ويكسبُ اللَّيثَ مع سعى وإصحارِ |
مدَّبرٌ لعبتْ أيدٍ بدولتهِ | مشلولة ٌ بينَ إقبالٍ وإدبارِ |
يدعوكَ معترفاً بالحقِّ فيكَ وما اس | تدناكَ مثلَ إعترافٍ بعدَ إنكارِ |
يا جارهُ أمسِ قدْ لانتْ عريكته | فاعطفْ لهُ وأرعَ فيهِ حرمة َ الجارِ |
وانهضْ لها نهضة َ الشَّاري ببطشتهِ ال | كبرى وحاشا لكَ التَّمثيلِ بالشَّاري |
قدْ أعقمَ الرأي فاستدركَ بقيَّتها | منكَ برأيٍ ولوجِ البطنِ مذكارِ |
فلمْ تزلْ وارياً في كلِّ مشكلة ٍ | بقدحها جارياً في كلِّ مضمارِ |
وامللْ بجودكَ أهواءً موزَّعة ً | حتى تفيءَ لإذعانِ وإقرار |
واسعَ لمنتظرٍ آياتِ عودكَ لمْ | يغنمْ سوى الصَّبر منْ غمٍّ وإنظارِ |
لا يشتكيكَ وإنْ طالَ الجفاءُ بهِ | إلاَّ إليكَ بإخفاءٍ وإظهار |
ِلمْ يبقَ إلاَّ الذّما منهُ وأحسبهُ | لليومِ أو لغدٍ ميتاً بلا ثارِ |
لولا عوائدُ منْ نعماكَ تنشلني | وإنْ أتتْ منْ قبيلِ الطَّارقِ الطَّاري |
تزورني والنَّوى بيني وبينكمْ | أهلاً بها منْ حفيٍّ بيوزوَّارِ |
فجدِّدوها مراعاة ً فبي ظماٌ | لو كانَ في البحرِ لمْ يخلقْ بتيَّارِ |
لمَّوا كسوري فما في الأرضِ منقبة ٌ | أعلى بصاحبها منْ جبرِ أكساري |
اليدُ منكمْ فلا تلقوا أشاجعها | لفاصمٍ منْ يدِ العلياءِ بشَّارِ |
وإن أغبْ عنكمُ فالشِّعرُ يذكرني | وحسبكمْ بالقوافي ربَّ إذكارِ |
فاستجلها يا عميدَ الدَّولتينِ فقدْ | وافى بها الشَّوقُ منْ عونٍ وإبكارِ |
عرائساً أنتَ مولى النَّاسِ خاطبها | وبعلها وأبوها عفوَ افكاري |
وانظرْ إليها ما قدْ أعطيتْ شرفاً | مردَّداً بينَ أحماءٍ وأصهارِ |
والمهرجانُ وعيدُ الفطرِ قدْ وليا | زفافها بينَ صوَّاغٍ وعطَّارِ |
يومانِ للفرسِ أو للعرب بينهما | حظُّ السَّعادة ِ مقسومٌ بمقدارِ |
هذا بتاجِ أبيهِ عاصبٌ وعلى | هذا اختيالُ فتى ً بالسَّيفِ خطَّارُ |
تصاحبا صحبة َ الخلَّينِ واتفقا | سلماً ولمْ يذكرانِ أضغانَ ذي قارِ |
فالبسهما بينَ عيشٍ ناعمٍ وتقى ً | وبينَ صومٍ تزكيِّهِ وإفطارِ |
ما طافَ بالبيتِ ماحي زلَّة ً وسعى | شعثٌ أمامَ الصَّفا أنضاءَ أسفارِ |
تنصَّبوا لهجيرِ الشَّمسِ وافترشوا | ليلَ السَرى بينَ أقتابٍ وأكوارِ |
نصُّوا الرِّكابَ بمصرٍ واحدٍ وهمُ | شتَّى أباديدُ آفاقٍ وأمصارِ |
حتى أهلَّوا فلبَّوا حاسرينَ إلى ال | دَّاعي مباذلَ أشعارٍ وأبشارِ |
وما جرى الدَّمُ في الوادي وقدْ نحروا | وسربلَ البيتُ منْ حجبٍ وأستارِ |
مخلَّدَ الملكِ تفضي كلُّ شارقة ٍ | إلى وفاقٍ لما تهوى وإيثارِ |