ما المجدُ إلا بالعزيمة فاعزمِ
مدة
قراءة القصيدة :
7 دقائق
.
ما المجدُ إلا بالعزيمة فاعزمِ | من لم يغامر لم يفز بالمغنمِ |
كم ذا القنوع بوقفة المردودِ عن | بابِ العلاء وجلسة ِ المتظلّمِ |
متأخرا بالفضل أبخس حقَّه | وأرى مكانَ العاجز المتقدّمِ |
حتى كأنّ خليجَ قلبي ليس في | صدري ولا سيفَ انتصاري في فمي |
قد كان يرتاب الغبيُّ بفطنتي | ويريبني بالعجز فرطُ تلوُّمي |
ومشى إلى الضيمُ مشى َ تسلُّطٍ | وطماعة ٍ في عفتي وتسلُّمي |
وأصاتت الأيامُ بي قم تحتشم | وأشارت العلياء خاطرْ تعظُمِ |
إن كنت تنكر يا زماني جلستي | فلأنهضنَّ لها نهوضَ مصمِّمِ |
ولتدعونّي ثائرا مستيقظا | إن كنتَ أمس دعوتني في النّومِ |
ولأنفضنَّ من الهوينى منكبي | نفضَ العقاب سقيطَ طلٍّ معتمِ |
ولألقينَّك راكبا من عزمتي | جرداء تفتح في الطريق المبهمِ |
في كفِّ راكبها عنانُ مسمِّح | في السبق غرة ُ وجهه لم تلطمِ |
يكفيه وزعة ُ سوطهِ ولجامه | ما مس في فخذيه إثر المحزمِ |
تنضو الجياد كأنها ملمومة ٌ | هوت انحدارا من فقار يلملم |
تحت الدجى منها شهاب ثاقبٌ | جنّ الخطوب بمثله لم ترجمِ |
تهفو على أثر الطرادِ كأنها | قبسٌ تهافتَ عن زنادٍ مصرمِ |
تجتاب بي أجواز كلِّ تنوفة | عذراءَ ما وطئتْ وخرقٍ أعجمِ |
وإذا حفظتُ النجم فيها لم أبلَ | ما ضاع من أثرٍ بها أو معلمِ |
ولقد ركبت إلى المآرب قبلها | ظهرَ الخطار سلمتُ أو لم أسلمِ |
أبتاع عزّاً بالحياة ومَن يمِلْ | حبُّ الحياة به يهنْ أو يُظلمِ |
في فتية ٍ يتصافنون مياههم | بالراح من حلبْ السحاب المصرمِ |
وإذا عيابُ الزاد فيهم أصفرتْ | كان المموِّلُ كلّه للمعدمِ |
متهافتين على الرحال فناكسٌ | سئم الكلالَ وناصبٌ لم يسأمِ |
والليلُ يطويه السُّرى في مخرمٍ | عنّا وينشره الدجى في مخرمِ |
والنجمُ في الأفق المغرّبِ راية ٌ | بيضاءُ أو خدّ الحصان الملجّمِ |
حتى صبحنا المجدَ في أبياته | والعزَّ في عاديّة ِ المتقدِّمِ |
كرماء يمسى الضيمُ من أعراضنا | وشخوصنا في مزلقٍ متهدّمِ |
فكأنّ أيدينا الطوالَ علقنْ من | حبل الوزير بذمة ٍ وتحرُّمِ |
وكأنّ مسرانا بغرَّة وجهه | ومرادنا من نيله المتقسّمِ |
شعبَ الممالك رأيُ طبّ لم يكن | صدعُ الزجاجة قبله بملأّمِ |
جلَّى على غلوائه متعوّدٌ | لم يجرِ طاعة َ حازم أو ملجمِ |
ماضٍ يرى أن التأخُّر سبة ً | ما آنستْ علياه وجهَ تقدُّمِ |
خفق اللواءُ على أغرَّ جبينه | قبلَ اللقاء بشارة ٌ بالمغنمِ |
يصلُ القناة َ بفضلة من زنده | ويزيد حدُّ لسانه في اللَّهذمِ |
وامتدّ باعُ الملك منه بساعد | متوغِّلٍ قبل الحسام المخذمِ |
تُزهى الدسوت إذا احتبى متوسدا | وتضاءلُ الأحسابُ ساعَ ينتمي |
ويردُّ في صدر الزمان براحة ٍ | تزرى أناملها بنوء المرزم |
بيضاء يخضرّ العنانُ بمسّها | وتشيبُ ناصية الحصان الأدهمِ |
وإذا تدوفعت السياسة ُ أسندت | من رأيه بجنوب طودٍ معصمِ |
وإذا الملوك دعوا بخالص مالهم | كان الدعاء مؤيَّدَ الملك اسلمِ |
يسمون خيرَ ملقَّبٍ وضعوا له | تاجَ الفخار على جبين الميسمِ |
ويقلِّدون أمورهم متعطِّفا | يرعى لحادثهم حقوقَ الأقدمِ |
طبّاً بأدواء البلاد إذا سرت | للجور فيها علّة لم تحسمِ |
جاءت به أمُّ الوزارة فارسا | ولدته بعدَ تعنُّسٍ وتعقُّمِ |
متمرّنا أحيا دروس رسومها الاولى | وزاد فخطَّ مالم يُرسمِ |
فغدت ظبا الأقلام يخدمها الظّبا | ويقادُ ألفُ متوَّج بمعمَّمِ |
لله درّك والقنا يزُع القنا | بك والفوارسُ بالفوارسِ ترتمي |
والخيل تعثرُ بالقنا برءوسها | متبرقعاتٍ بالعجاج الأقتمِ |
وعليك من طيش الحلوم سكينة ٌ | وعلى سفاهِ الحرب ثوبُ تحلُّم |
ومفاضة ُ الأذيالِ يحسب متنها | أدراجَ ماء في الغديرِ منمنمِ |
رتقاءُ يزلقبالأسنّة سردها | زلقَ الصفاة ِ بليلة ً بالمنسمِ |
ما زرّها جبن عليكَ وإنما | حكموا بفضل الحزم للمستلئمِ |
كم قدتَ من عنقٍ بسيفك لم يُقدْ | فإذا ظفرتَ رحمتَ من لم يرحمِ |
وإذا الإباء الحرُّ قال لك انتقم | قالت خلائقك الكرام بل احلُمِ |
شرعٌ من العفو انفردتَ بدينه | وفضيلة ٌ لسواك لم تتقدّمِ |
حتى لقد ودَّ البرئ لو أنه | أدلى إليك بفضل جاهِ المجرمِ |
لا تصلح الدنيا بغير معدّلٍ | يسقي بكأسى شهدها والعلقمِ |
يقظان يبسط راحة ً أخَّاذة ً | بحقوقها من مغنم أو مغرمِ |
إن سيل رفدا فهي ينبوعُ الندى | أو سيم ضيما فهي ينبوعُ الدمِ |
والناس إما راغبٌ أو راهبٌ | فاملكهمُ بالسيف أو بالدرهمِ |
ضحكتْ بك الأيامُ بعد عبوسها | وأضاء عدلك في الزمان المظلمِ |
وتذلَّلتْ لك كلُّ بكرٍ صعبة ٍ | في الملك فاركتِ الرجالَ وأيِّمِ |
كم نعمة ٍ لك ألحقتْ متأخّرا | بالسابقات وحلّقت بمحوِّمِ |
وعطيّة ٍ أسرفتَ فيها لم تعدْ | في إثرها بلواحظِ المتندّمِ |
أنا غرس نعمتك ارتوت بك أيكتي | بعد الجفوف وقام عندك موسمي |
أبصرتَ موضعَ خلتي وسمعتَ لي | وسواك من قد صمَّ عني أو عمي |
أغنيتني بجداك حلاًّ واسعاً | عن ضيّق بندى سواك محرَّم |
ورفعتَ عن بلل اللئام ورشحهم | شفتي ببحرٍ من نوالك مفعمِ |
وحقنتَ طولا ماءَ وجهي عنهم | فكأنما حقنتْ يمينك لي دمي |
قد كنتُ عن مدح الملوك بمعزل | وعن السؤال على طريقٍ أيهمْ |
لا يشفق البخلاءُ من غضبي ولا | أرضى بفضل عطيّة ِ المتكرّمِ |
فنقلتَ بالإحسان تالدَ شيمتي | ونقضتَ شرطَ تقلّلي وتحشمي |
وأنلتني ما لم أنل فعلمتُ من | عادات شعري فيك مالم أعلمِ |
ولبستُ أنعمك التي من بعضها | أن صرتُ مضطلعا بشكر المنعمِ |
فلئن أطاعك خاطري أو أفصحتْ | لك من إبايَ بناتُ فكرٍ معجمِ |
وملكتَ من مدحي الذي لم يملكوا | إلا بفرطِ تكلُّف وتجشمِ |
فبما نشرتَ منوِّها من سمعتي | وشهدتَ غير مقلِّد بتقدمي |
ونصرتَ فيَّ الحقَّ غيرَ مراقب | وحكمتَ بالإنصاف غيرَ محكَّمِ |
ولئن بقيتُ لتسمعن غرائبا | لم تعطها قبلي قوى متكلِّمِ |
تلك المحاسنُ منجباتُ بطونها | لك بين فذٍّ في الرجال وتوأمِ |
يفضي الحسودُ لها قضاءَ ضرورة ٍ | بفضيلة الطاري على المتقدمِ |
تنقادُ بين يديك يوم نشيدها | لفمي خطامة ُ كلِّ سمع أصلمِ |
يتزاحمون على ارتشاف بيوتها | حشدَ الحجيج على جوانبِ زمزم |
ذخر الزمانُ لعصر ملكك كنزها | حتى تكونَ منيرة ً بالأنعمِ |
وإذا زففتُ لديك من نحلاتها | عظمَ الفصاحة ِ في المقال الأعظمِ |
نطقتْ فصاحتها بأنّى واحدٌ | والشعرُ بين ملجلج ومجمجمِ |
قد عطِّلت سبُلُ القريض فكلُّهم | يتخابطون بجنح أعشى مظلم |
ما بين حيرة ِ قائل لم يحتشم | كشفَ العيوب وسامع لم يفهمِ |
وتكاثرَ الشعراءُ كثرة َ قلَّة ٍ | فغدا السكوت فضيلة ً للمفحمِ |
فتملَّ مدحى واحتفظ بي إنني | زادُ المقلِّ ونهزهُ المتغنِّمِ |
واعطفْ عليّ وقد عطفتَ وإنما | أبغي المزيدَ وقد بدأتَ فتمِّمِ |
أعطيتني سرّاً ولكن لم يبن | بالمال عندك شهرتي وتوسُّمي |
فأجلْ على عطفي علامة َ مفخر | يثني برأيك فيّ من لم يعلمِ |
يعلو بها بين الأعادي ناظري | ويبين فضلُ تحقُّقي وتحرُّمي |
وأعنْ على دنيا حملتُ ثقيلها | بك مع تلاشي بنيتي وتهدُّمي |
لا تبلني فيها بغيرك حاكما | لم أخلُ من شكوى بها وتظلُّمِ |
وسنان عن حقّي إذا نبّهته | قالت خلائقه الجعادُ له نمِ |
لولاك لم أظفر بنهلة ِ طائرٍ | من مالهِ المتأجِّن المتأجمِ |
يا بردَ أحشائي صبيحة َ قال لي | هذا الوزيرُ فطب صباحا وانعمِ |
فكأنّ أوبة مالكٍ ولك البقا | طرقتْ بها الأخبارُ سمعَ متمِّمِ |
عادت إلى دار السلام سعودها | بك فارعها وأقمْ عليها واسلمِ |
وهبِ الوصالَ لأنفسٍ مشتاقة ٍ | شوقَ العطاشِ إلى السحابِ المرهمِ |
لا حوِّلتْ عنّا ظلالك إنّها | متقيَّلُ الضاحي ومأوى المعتمِ |
وخلا الزمانُ وعمرُ ملكك خالد | لم ينتقضْ هرما ولم يتخرَّمِ |
وطلعت بالإقبال أشرفَ طالع | من أفقهِ وقدمتَ أسعدَ مقدمِ |
ولبستَ للعيدين ثوبيْ دولة ٍ | أرجينِ بين مرقَّشٍ ومرقَّمِ |
يصفانِ طولك بين ماض معربٍ | بلسانِ تحلية ٍ وآت معجمِ |
فخرت بك الأيامُ حتّى كلُّها | عيدٌ إلى أيّام ملكك ينتمي |
وغدت عيونُ الناس عنك كليلة ً | فأعيذُ مجدك من عيونِ الأنجمِ |