أجدك بعد أن ضمَّ الكثيبُ
مدة
قراءة القصيدة :
8 دقائق
.
أجدك بعد أن ضمَّ الكثيبُ | هل الأطلالُ إن سئلتْ تجيبُ |
و هل عهدُ اللوى بزوردَ يطفى | أوامك إنه عهدٌ قريبُ . |
أعدْ نظراً فلا خنساءَ جارٌ | و لا ذو الأثل منك ولا الجنوبُ |
إذا وطنٌ عن الأحبابِ عزى | فلا دارٌ بنجدَ ولا حبيب |
يمانية ٌ تلوذُ بذي رعينْ | قبائلها المنيعة ُ والشعوب |
حمتها أن أوزرَ نوى ً شطونٌ | براكبها ورامحة ٌ شبوبُ |
ململمة ٌ تضيقُ العينُ عنها | إذا شرقتْ بجمتها السهوبُ |
و معجلة ٌ عن الإلجام قبٌّ | أعنتها إلى الفزع السبيبُ |
و إنك بالعراقِ وذكرَ حيًّ | على صنعاءَ للحلمُ الكذوبُ |
لعلّ البانَ مطلولاً بنجدٍ | و وجهَ البدرِ عن هندٍ ينوبُ |
ألا يا صاحبيَّ تطلعا لي | أشى َّ هل اكتسى الأيك السليبُ |
و هل في الشرب من سقيا فإني | أرى في الشعبِ أفئدة ً تلوبُ |
أكفكفُ بالحمى نزواتِ عيني | و قد غصتْ بأدمعها الغروبُ |
و أحلمُ والمطايا يقتضيها | دوينَ حنينها الحادي الطروبُ |
فمنْ يجهلْ به أو يطغَ شوقٌ | فشوقي لا أبا لكما لبيبُ |
و بيضٍ راعهنَ بياضُ رأسي | فكلُّ محببٍ منى ّ معيبُ |
عددنَ مذ التثمتُ به ذنوبي | و قبلَ الشيبِ أحبطتِ الذنوبُ |
يجدُّ المرءُ لبستهُ ويبلي | و آخرُ لبسة ِ الرأسِ المشيبُ |
و كنتُ إذا عتبتُ على الليالي | و في وجهي لها لونٌ نسيبُ |
أطاعَ شبابها حفظاً شبابي | فجاءت من إساءتها تنيبُ |
فما بالي أرى الأيامَ تنحى | عليَّ مع المشيبِ وهنّ شيبُ |
عذيري من سحيلِ الودّ نحوى | حقيبة َ رحلهِ مرسٌ تخيبُ |
و فيَ لي وهو محصوصٌ وأضحى | غداة َ ارتاش وهو عليَّ ذيبُ |
و محسودٍ عليَّ تضيقُ عني | خلائقهُ وجانبهُ رحيبُ |
لطيتُ له فغرَّ بلين مسى َّ | و ربَّ كمنية ٍ ولها دبيبُ |
توقَّ عضاضَ مختمرٍ أخيفتْ | جوانبهُ وفي فيه نيوبُ |
فإن الصلَّ يحذرُ مستميتاً | و تحتَ قبوعهِ أبداً وثوبُ |
و لا تثلمْ ودادك لي بغدرٍ | فقد يتثلم النسبُ القريبُ |
أنلني بعضَ ما يرضي فلو ما | غضبتُ حماني الأنفُ الغضوبُ |
و منْ هذا يردّ عنانَ طرفي | إليك إن استمرّ بي الركوبُ |
سترمي عنكَ بي إبلي بعيدا | و تنتظرُ الإيابَ فلا أؤوبُ |
و ربتما أتاكَ بنشرِ صيتي | و واسعِ حاليَ النبأُ العجيبُ |
أخوفُ بالخيانة ِ من زماني | و قد مرنتْ على القتبِ الندوبُ |
و ما وادعتهُ منذ احتربنا | على سلمٍ فتوحشني الحروبُ . |
و كيف يريبني منه بيومٍ | زمانٌ كلهُ يومٌ مريبُ |
و إني مذ غدت هممي سيوفا | لأعلمُ أنني أبدا ضريبُ |
و ما جنتِ الذي يجنيه قلبي | على جسمي العداة ُ ولا الخطوبُ |
لئن أبصرتني رثاً معاشي | أطوفُ حولَ حظيَ أو أجوبُ |
فتحتَ خصاصتي نفسٌ عزوفٌ | و حشوَ معاوزي كرمٌ قشيبُ |
سلي بيدي الطروسَ وعن لساني | فواركَ لا يلامسها خطيبُ |
لها وطنُ المقيم بكلَّ سمعٍ | تمرّ به وسائرها غريبُ |
بوالغُ في مدى العلياءِ لو ما | أعان ركودها يوما هبوبُ |
لئن خفتْ على قومٍ ودقتْ | فما يدعى بها منهم مجيبُ |
و نفرها رجالٌ لم يروحْ | على أفهامهم منها عزيبُ |
فعند مؤيدِ الملكِ اطمأنتْ | و ضمّ شعاعها المرعى الخصيبُ |
فكم حقًّ به وجدَ انتصافاً | وظنًّ في نداهُ لا يخيبُ |
و واسعة ِ الذراعِ يغرُّ فيها | عيونَ العيسِ رقاصٌ خلوبُ |
إذا استافَ الدليلُ بنا ثراها | أرابَ شميمه التربُ الغريبُ |
تخفضنا وترفعنا ضلالاً | كما خبتْ براكبها الجنوبُ |
إذا غنتْ لنا الأرواحُ فيها | تطاربتِ العمائمُ والجيوبُ |
عمائمُ زانها الإخلاقُ ليثتْ | على سننٍ وضاءتها الشحوبُ |
قطعناها إليك على يقينٍ | بأنَّ الحظَّ رائدهُ اللغوبُ |
ترى ما لا ترى الأبصارُ منها | كأنَّ عيونها فيها قلوبُ |
إلى ملكٍ مخضرة ٍ رباهُ | جمادُ الرزقِ من يدهِ يذوبُ |
يغيضُ بنا ويملحُ كلُّ ماءٍ | و ماءُ بنانه عدٌّ شروبُ |
تناهتْ عنه أقدامُ الأعادي | كأنّ رواقه الغابُ الأشيبُ |
إذا ركب السريرَ علاَ فأوفى َ | على مرباتهِ أقنى رقوبُ |
يعولُ الأرضَ ما كسبتْ يداهُ | و ما كلُّ ابنِ مرقبة ٍ كسوبُ |
متينُ قوى العزيمة ِ ألمعيٌّ | إذا ما ارتابَ بالفكرِ الأريبُ |
يريه أمسِ ما في اليومِ رأيٌ | تملُّ على شهادته الغيوبُ |
بِذبك من وراء الملكِ قامت | دعائم منه والتأمتْ شعوبُ |
حملتَ له بقلبك ما تركتَ ال | جبالَ به تفاخرها القلوبُ |
تضرمُ فتنة ٌ وتضيقُ حالٌ | و صدرك فيهما ثلجٌ رحيبُ |
و كم أشفى به داءٌ عضالٌ | و صنعُ اللهِ فيك له طبيبُ |
طلعتَ على البلاد وكلُّ شمس | تضيء قد استبدَّ بها الغروبُ |
و قد قنط الثرى وخوتْ أصولُ ال | عضاهِ وصوحَ العشبُ الرطيبُ |
و نارُ الجورِ عالية ٌ تلظى | و داءُ العجزِ منتشرٌ دبوبُ |
فكنتَ الروضَ تجلبه النعامى َ | و ماءَ المزنِ منهمرا يصوبُ |
كأنك غرة الإقبالِ لاحت | بعقبِ اليأسِ والفرجُ القريبُ |
هنا أمَّ الوزارة ِ أن أتاها | على الإعقامِ منك ابنٌ نجيبُ |
و أنك سيد الوزراءِ معنى ً | به سميتَ والألقابُ حوبُ |
و لو أتتِ السماءُ بمثلك ابناً | لما كانت طوالعها تغيبُ |
بك اجتمعتْ بدائدها ولا نت | معاطفها ومعجمها صليبُ |
فلا تتجاذب الحسادُ منها | عرى يعيا يمرتها الجذيبُ |
و لا يستروحوا نفحاتِ عرفٍ | لها بثيابِ غيرك لا تطيبُ |
نصحتُ لهم لو أنّ النصحَ أجدى | و لم يكن المشاورُ يستريبُ |
و قلتُ دعوا لمالكها المعالي | ففي أيديكمُ منها غصوبُ |
خذوا جماتهِ الأولى وخلوا | أقاصيَ لا يخابطها ذنوبُ |
فكم من شرقة ٍ بالماء تردى | و إن كانت به تشفى الكروبُ |
لك اليومانِ تكتبُ أو تشبُّ ال | وغى وكلاهما يومٌ عصيبُ |
فيومك جالسا قلمٌ خطيبٌ | و يومك راكبا سيفٌ خضيبُ |
جمعتَ كفاية ً بهما وفتكا | و مجمعُ ذينِ في رجلٍ عجيبُ |
و ضيقة ِ المجالِ لها وميضٌ | قطارُ سمائه العلقُ الصبيبُ |
وقفتَ له حسامك مستبيحٌ | محارمها وعفوك مستثيبُ |
و مسودَّ اللثاتِ له لعابٌ | يجدُّ الخطبُ وهو به لعوبُ |
يخال على الطروس شجاعَ رملٍ | إذا ما عضَّ لم يرقَ اللسيبُ |
تغلغلُ منه في مهج الأعادي | جوائفُ جرحها أبدا رغيبُ |
إذا ملكَ الرقابَ به امترينا | مضى قلمٌ بكفك أم قضيبُ |
و مضطهدٍ طردتَ الدهرَ عنه | و قد فغرتْ لتفرسه شعوبُ |
إذا عصرت من الظمأ الأداوى | على الإعياء أو ركب الجنيبُ |
فنعم مناخَ ظالعة ٍ وسقياً | ذراك الرحبُ أو يدك الحلوبُ |
علاً رخجية ُ الأبياتِ خطتْ | على شماءَ ينصفها عسيبُ |
لها عمدٌ على صدر الليالي | و فوق أوائل الدنيا طنوبُ |
صفا حلبُ الزمان لها وقامت | لدعوتها الممالكُ تستجيبُ |
و ما من دولة ٍ قدمت وعزت | و إلاَّ ذكرها بكمُ يطيبُ |
و منكم في سياستها رجالٌ | فحولٌ أو لكم فيها نصيبُ |
كرامٌ تسندَ الحسناتُ عنهم | و تزلقُ عن صفاتهم العيوبُ |
مضوا طلقاً بأعداد المساعي | و جئتَ ففتَّ ما يحصى الحسيبُ |
قناة ٌ أنت عاملها شروعا | إلى نحر السما وهم الكعوبُ |
و خيرُ قبيلة ٍ شرفاً ملوكٌ | لمجدك منهمُ عرقٌ ضروبُ |
فلا وصحَ النهارُ ولستَ شمسا | و لا أزرى بمطلعك المغيبُ |
و لا برحتْ بك الدنيا فتاة ً | تربُّ كما اكتسى الورقَ القضيبُ |
إذا ما حزتها انتفضت عطارا | سوالفها بعدلك والتريبُ |
و مات الدهرُ وانطوتِ الليالي | و ملكك لا يموتُ ولا يشيبُ |
و قام المهرجانُ فقال مثلَ ال | ذي قلنا وآبَ كما نؤوبُ |
و عادك زائرا ما كرَّ ليلٌ | لسعدك بين أنجمه ثقوبُ |
بك استظللتُ من أيامِ دهري | و من رمضائها فوقي لهيبُ |
كفيتني السؤالَ فما أبالي | سواك من المنوعُ أو الوهوبُ |
و غرتَ على الكمال فصنتَ وجهي | فليس لمائه الطامي نضوبُ |
مكارمُ خضرتْ عودي وروتْ | ثراه وقد تعاوره الجدوبُ |
تواصلني مثانيَ أو وحادا | كما يتناصر القطرُ السكوبُ |
فما اشكو سوى أنيّ بعيدٌ | و غيري يومَ ناديكم قريبُ |
أفوقُ عزمتي شوقا اليكم | و يقبضني الحياءُ فلا أصيبُ |
أصدُّ وضمنَ دستك لي حبيبٌ | عليه من جلالته رقيبُ |
إذا امتلأتْ لحاظي منك نورا | نزا قلبي فطارَ به الوجيبُ |
يميلُ إليك بشرك لحظَ عيني | و يحبسُ عنك مجلسك المهيبُ |
و لو أني بسطتُ لكان سعيٌ | وبلَّ بلاله الشوقُ الغلوبُ |
أبيتُ فما أجيبُ سواك داعٍ | و لكني دعاءكمُ أجيبُ |
فإن يكن انقباضي أمس ذنبا | فمنذ اليوم أقلعُ أو أتوبُ |
و تحضرُ نابياتٌ عن لساني | فواقرُ ربها عبدٌ منيبُ |
أوانسُ في فمي متيسراتٌ | إذا ذعرتْ من الكلم السروبُ |
إذا أعيتْ على الشعراء قيدتْ | إليَّ وظهرُ ريضها ركوبُ |
بقيتُ وليس لي فيها ضريبٌ | و لا لك في الجزاءِ بها ضريبُ |
تصاغُ لها الحماسة ُ من معاني | علاك ومن محاسنكِ النسيبُ |
رعيتُ بهنّ من أملي سمينا | لديك وحاسدي غيظا يذوبُ |
و هل أظما وهذا الشعرُ سجلٌ | أمدُّ به وراحتك القليبُ |