بلوتُ هذا الدَّهرَ أطوارهُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
بلوتُ هذا الدَّهرَ أطوارهُ | على َّ طوراً ومعي تارهْ |
وبصَّرتني كيفَ أخلاقهُ | تجاربٌ كشَّفنَ أخبارهْ |
فصرتُ لا أنكرُ أحلاءهُ | يوماً ولا أنكرُ أمرارهْ |
لا هو أنْ شدَّ رأى كاهلي | رخواً ولا نفسي خوَّاره |
ولا تصِّباني منْ سلمهِ | زخارفٌ للعينِ غرَّارهْ |
منْ عاذري منهُ على أنَّني | ضرورة ً أقبلُ أعذارهُ |
دعهُ وبتْ منهُ على نجوة ٍ | خائفة ِ الرَّقبة ِ حذَّارهُ |
واسلمْ فما تسلمُ منْ جورهِ | إلاَّ إذا ما لمْ تكنْ جاره |
تنقُّلي يا ركبَ العيسِ بي | منجدة ً يوماً وغوَّاره |
لا خطرَ الضِّيمُ ببالِ امرئٍ | وأنتِ بالبيداءِ خطَّارهُ |
قدْ بنتِ البيداءُ بي جالساً | أرجو الأماني وهي غدَّاره |
أظلمُ نفسي بينَ أبنائها | والنَّفسُ لا تظلمُ مختاره |
ويطَّبيني وطنٌ تربهُ | مستعبدٌ يلفظُ أحراره |
وكمْ ترى تسحرني بابلٌ | وبابلٌ بالطَّبعِ سحَّاره |
إنْ كنتَ يا قلبي منِّي فلا | تخدعكَ منها هذه الشَّاره |
أولى بمنْ تحملهُ قدرة ً | فراقُ منْ تجهلُ مقداره |
لا شمتُ بروقَ الهونِ في دوركمْ | والعزِّ في الأبرقِ والدَّاره |
اللهُ لي منتصفٌ منْ أخٍ | يكيلني بالعرفِ إنكاره |
يحمي لساني أبداً عرضهُ | ويبتغي في عرضي الغاره |
أعفُّ عنْ جمَّتهِ مفعماً | تناهزُ الورَّادَ تيَّاره |
ولا يراني ناسياً عهدهُ | إن غاضَ أو كابدَ إعساره |
فليتهُ صانَ مكاني كما | صانَ على البذلة ِ ديناره |
لولا بنو أيَّوبَ لولاهمُ | ما وجدَ المظلومُ أنصاره |
قومٌ إذا استنجدتهمْ لم أخفْ | سهماً ولو ناضلني القاره |
وبتُّ فيهمْ حيثُ لا يؤكلُ ال | جارُ ولا تنتهكُ الجاره |
البيتُ لا ينكرُ طرَّاقه | واللَّيلُ لا يعدمُ سمَّاره |
والجفناتُ الغرُّ يسنى لها | كلِّ غضوبِ الغلى غدَّاره |
ترى الجذورَ العبلَ في قلبها | أعشارهُ تلعنُ جزَّاره |
إن صمَّ عنكَ النَّاسُ أو غمَّضتْ | في الخطبِ عينٌ وهي نظَّاره |
فتحتَ منهمْ في مغاليقه | أسماعَ ذا الدَّهر وأبصاره |
نموا شهاباً منْ أبي طالبٍ | خيراً وبثَّ اللهُ أنواره |
والأفقُ العلويُّ إنْ غوَّرتْ | شموسهُ أطلعَ أقماره |
قصَّ حديثَ المجدِ عنهمْ فتى ً | يصدِّقُ السُّوددُ أخباره |
وبرَّزوا سبقاً ولكنَّهمْ | لم يدركوا في المجدِ مضماره |
ناصى عميدُ الرؤساءِ العلا | والنَّاسُ يقتصُّونَ آثاره |
وطالتَ النَّجمَ بهِ همَّة ٌ | تقضي منَ الغاياتِ أوطاره |
أبلجُ ودَّ البدر لو صيِّرتْ | لوجههِ عمَّتهُ داره |
مولَّهُ المجدِ لم يكترثْ | إقلالهُ المالَ وإكثاره |
كفتْ بهِ القدرة ُ لما سطتْ | أيدٍ مع القدرة ِ جبَّاره |
سالمهُ واحذر صافيا ماءهُ | وهجهُ واحذر صاليا ناره |
إنْ نامَ راعَ السَّرحَ في الأمنِ لم | يكحلْ بطعمِ النَّومِ أشفاره |
ولمْ تكنْ سلَّتهُ نهزة ً | يطمعُ فيها الذئبُ أظفاره |
أو شرعوا في الشَّرِّ عافتْ لهُ | نفسٌ بفعلِ الخيرِ أمَّاره |
كفى الإمامينِ بتدبيرهِ | مخاوفَ الخطبِ وأخطاره |
واستسبغا منْ رأيهِ نثلة ً | ضافية َ الأذيلِ جرَّاره |
حلَّتْ عن الماضي فعادتْ يدُ ال | باقي بها تعقدُ أزراره |
قامَ بأمرِ اللهِ مستخلفٌ | كنتَ لجرحِ الدِّينِ مسباره |
أرهفَ منْ نصحكَ صمصمامة ً | بيضاءَ مثلَ البدرِ نيَّاره |
أُخرستْ الفتنة ُ عنْ ملكهِ | بالأمسِ والفتنة ُ نعَّاره |
وزارة ٌ حصَّنتَ أمواله | فيها كما حصَّنتَ أسراره |
فابلغْ به أقصى المنى مثلما | بلَّغهُ سعيكَ إيثاره |
واستخدمْ الأيَّامَ نفاعة ً | تجري بما شئتَ وضرَّاره |
لا يرفعُ الإقبالُ مستقبلاً | غطاءهُ عنكَ وأستاره |
يزيركَ النَّيروزُ في روضة ٍ | من مدحي أحسنَ زوَّاره |
غنَّاءَ شقَّ الشِّعرَ ثرثاره | لها وأجرى الفكرُ أخطاره |
مقيمة ٌ عندكَ لكنَّها | بعرفها في الأرضِ سيَّاره |
تحققتْ بالكلمِ الفصلِ فال | ملكُ لها والنَّاسُ نظَّاره |
تشربُ من حوضِ المعاني وما | تفضلُ للواردِ أسآره |
وهي مع الإفراطِ في حبِّكمْ | حاملة ٌ للهجرِ صبَّاره |
تنسى وتقصى غيرَ منسيَّة ٍ | وهي مع الإعراضِ ذكَّاره |
تحنُّ للجافي وتحنال لُل | مقصِّرِ المهملِ أعذاره |
يقنعها الإنصافُ لو أنصفتْ | وتطلبُ المالَ وإكثاره |
حظُّكَ منها صفوُ سلسالها | إنْ رنَّقَ المادحُ أشعاره |
وإنَّ صدقي فيكَ أعتدُّهُ | من كذبي في النَّاسِ كفَّاره |