تموق الليالي فيكمُ ثم تعقلُ
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
تموق الليالي فيكمُ ثم تعقلُ | وتقسطُ في أحكامها ثم تعدلُ |
ويعرضُ وجهُ الملك عنكم علالة ً | فيلفته شوقٌ إليكم فيقبلُ |
إذا جرَّب الأبدالَ أصلحه لكم | على كثرة ِ التقليب من يتبدَّلُ |
وكم هجرة ٍ لم تتفق عن ملالة ٍ | وصدٍّ يريبُ الحبَّ وهو تدلُّلُ |
مكانكمُ منه لكم أين كنتمُ | مقيمكمُ والظاعنُ المتحوّلُ |
وهل يسكن الأفلاكَ إلا نجومها | وإن غرَّ قوما أنها تتنقَّلُ |
وما أنت إلا البدرُ نأياً وأوبة ً | تحلُّ على حكم السعود وترحلُ |
على كلّ قطبٍ ثابتٍ لك مطلعٌ | وفي كلِّ برجٍ سائرٍ لك منزلُ |
فكيف يساميك الإمارة والعلا | خفيٌّ دقيقُ الشخص يعلو وينزلُ |
إذا تم بدرا أو تنصَّفَ شهرهُ | فإنك منه في سرارك أكملُ |
إذا غبتَ عنّا فالسحابة أقلعتْ | بجمتها الوطفاء والعامُ ممحلُ |
ويقدمك الإقبالُ حتى ترى الحصى | يروَّض خصبا والجلاميدَ تبقلُ |
وما الملك يخلو منك إلا فريسة | تمضَّغُ ما بين النيوبِ فتؤكلُ |
إذا ذدتَ عنها فهو وادٍ محرَّمٌ | وإن غبتَ شيئا فهو نهبٌ محلَّلُ |
وقد ألفتْ منك الوزارة ُ موطنا | تفيَّأُ في أكنافه وتظلَّلُ |
ربتْ فهي ذاتُ الودعِ في حجراته | وشبَّتْ فهذا شيبها والتكهُّلُ |
أخو ثديها والناسُ أبناءُ علَّة ٍ | وكافلها إن زوِّجت وهي تعضلُ |
ووالدها الحاني الشفيق وبعضهم | إذا ولد ابناً لم يبلْ كيف يثكلُ |
فلا ضامها يتمٌ وأنت لها أبٌ | ولا عرفتْ يا بعلها كيف ترملُ |
ولا عدمتْ مشكورَ سعيك دولة ٌ | عليك إذا ذمَّ السعاة ُ تعوِّلُ |
نهضتَ بها والدهرُ تحتَ وسوقها | يناشد جنبيه النهوضَ فينكلُ |
فراحوا وألقوها على متمرِّن | يخفُّ عليه الأمرُ من حيث يثقلُ |
إلى كم تراهم يسبرون اجتهادهم | وعفوك فيها ثم عفوك أفضلُ |
وكم تتزوَّى هضبة ٌ بعد هضبة ٍ | بهم ولرضوى منكب لا يزيَّلُ |
وقد حطَّها منبوذة ً واستقالها | مطا كلِّ ظهر ظنَّ أن سوفَ يحملُ |
تناكصَ عنها الناسُ إذ قربوا لها | ومنهمُ قرومٌ في الحبالِ وبزَّلُ |
ألم يك في التجريبِ وعظٌ فينتهي | إليه ولا للحزم وعظٌ فيقبلُ |
أقول وركنُ الدين سمعٌ مصدِّقٌ | معي ولسانٌ شاهدٌ لي معدَّلُ |
إذا هو شامَ المرهفاتِ وسلَّها | درى أنها أمضى شباة ً وأعملُ |
رأى بك وجهَ الرشد والوقتُ فترة ٌ | وبابَ الهدى والملكُ شرعٌ مضلِّلُ |
ولا أمنَ إلا أنّ سيفك يتّقى | ولا رزقَ إلا أنّ كفّك تهطلُ |
كأنك في التدبير وحيٌ منزَّلٌ | لنا أو نبيٌّ في السياسة مرسلُ |
فلولا اتقاءُ العجبِ لم يملِ طرفه | على القرب منك الناظرُ المتأملُ |
ولو شئت أن تعطي علاءك حقَّه | سموتَ فخاطبتَ الكواكبَ من علُ |
خليليّ والأنباء حقٌّ وباطلٌ | وتسند أخبارُ الكرام وترسلُ |
بدينكما هل في فخارٍ سمعتها | به الذكرُ يروى والأحاديثُ تنقلُ |
كمجدٍ بنو عبد الرحيم ولاتهُ | يشيَّد في أبياتهم ويؤثَّلُ |
وهل في بدور الأرض بعد ظهورها | وجوهٌ لهم يومَ السؤالِ وأنملُ |
أقيما فلا الأخطارُ تركبُ دونهم | لحظٍّ ولا العيسُ المراسيلُ ترحلُ |
قعا بالأماني الطائرات حوائما | ترفّ على باب الوزير وترفلُ |
إلى ملكٍ لا الحق يدفعُ عنده | بعذرٍ ولا الميعاد بالمطل يقتلُ |
يعاقب إصلاحا ويعطى تبرُّعا | وكالمنع إعطاءُ الفتى وهو يسألُ |
صبا بالمعالي وهو في خرز الصِّبا | يدارى بها في مهده ويعلَّلُ |
وأصفى خليليك الذي كنتَ تربهُ | وأحلى حبيبك الذي هو أوّلُ |
على سرجهِ إن أركبتهُ حميَّة ٌ | أخو لبدٍ بادي الطوى متبسلُ |
غضوبٌ إلى أن تغسل العارَ كفُّه | ولو بدمٍ والعارُ بالدمِ يغسلُ |
وفي دستهِ يومَ الرضا البدرُ ضاحكا | إلى وفده والعارضُ المتهلِّلُ |
حمى الله للأيام منك بقيَّة ً | هي الدهرُ والأيام أو هي أفضلُ |
مددت يدا بالمكرمات بسطتها | فطالت تنال النجمَ أو هي أطولُ |
فكيف إليها الرزقُ وهي مخوفة ٌ | وكيف إليها الموتُ وهي تقبَّلُ |
ولا كان هذا الشملُ مما يروعه | صدوعٌ ولا ذا الظلُّ مما يحوَّلُ |
إذا غبتَ طارت بي على النأى لوعة ٌ | تقيم المطايا وهي نحوك ترقلُ |
وخلفتني أمّا نهاري فمطلقٌ | كعانٍ وأما لون ليلي فأليلُ |
يراني صحيحا من يراني صابرا | وما ذاك إلا أنني أتجمّلُ |
ولا وجه إلا وهو عنِّيَ معرضٌ | ولا كفَّ إلا وهو دوني مقفلُ |
إذا ذكروا ما موضعي منك والذي | إليك به من حرمة ٍ أتوسلُ |
وأنى قد حرمتُ نفسي عليهمُ | ورقِّى َ ملكٌ في يديك محلَّلُ |
رأيت أخي فيهم عدوا مكاشحا | ومطريَّ فيهم عائبا يتعلَّلُ |
فلا ينحسم داءٌ هواك يجرُّه | ولا عزَّ قلبٌ في ودادك يبذلُ |
ولا فاتني هذا الذَّرا الرحبُ موطنا | لعزِّي ولا هذا البساطُ المقبَّلُ |
وكان الذي بقَّى ليَ العمرُ فضلة ً | لمدحكمُ تبقى وفيكم تؤجَّلُ |
تسدِّي لكم في كلّ يومٍ وشائعاً | من الفخر مصبوغاتها ليس تنصلُ |
لها من علاط الجهد وسمٌ مخلَّدٌ | يمر عليه الدهرُ والدهرُ مغفلُ |
نجائبُ أمّاتُ القريض بمثلها | عقائمُ إلا أن فكريَ ينسلُ |
نوازي من بين الضلوع كأنما | يجيش بها من بين جنبيّ مرجلُ |
على اسمك تحدى أو بوصفك تقتضى | صعاباً فتعنو في الحبال وتسهلُ |
فلو كنت فيها خائفا بخلَ خاطري | لسمَّحهُ إحسانك المتقبَّلُ |
تضوع بها أوصافُ فخرك ما جرتْ | على الأرضِ رعناءُ التنسُّم شمألُ |
كأني إذا جرَّرتُ فيك ذيولها | أمسّك في أذيالها وأمندلُ |
وينصرني فيها على الخصم أنني | على المجد فيكم والعلا أتوكَّلُ |
بقيتُ لها وحدي وفي الناس أهلها | كثيرٌ ولكن يدّعون وأعملُ |
ومنها ليوم المهرجان قلادة ٌ | تحلِّيه والأيامُ تحلى وتعطلُ |
وإن كان يوما سابقا بجماله | فجلوتهُ فيها أتمُّ وأجملُ |
تلين لكم أعطافها وهي شمسٌ | وتطلقَ من أرساغها وهي تشكلُ |
ثناءٌ عليكم آخرَ الدهر عاكفٌ | وودٌّ بكم دون الأنام موكّلُ |