حسبوا العلا خفّاً وكنَّ ثقالا
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
حسبوا العلا خفّاً وكنَّ ثقالا | فتكلَّفوها ظالعين هزالا |
جبناءُ شدُّوا الحزمَ لسنَ وثائقا | فيها ومدّوا البوعَ لسنَ طوالا |
لم يعقدوا للرأي فيها حبوة ً | يوما ولا اقتسموا عليها فالا |
فتطلّعوا هجناءَ من أطرافها | فخرَ الشواحج تنسُبُ الأخوالا |
وسعى النجيبُ مقدِّما بشياتها | عنقا وجسماً تحتها وجمالا |
يقظان يستلب الكرى من عينه | أنفٌ حماه أن يرى الأمثالا |
فخرا بني عبد الرحيم بأنكم | كنتم قبيلا للحسين وآلا |
ما زال حتى أوطئت أعقابكم | قممَ العدا وعددتمُ أقيالا |
فإذا توضَّح يومُ أمرٍ مشكل | يتوزَّع الأقوال والأعمالا |
لقي الورى جبناءَ عن أقلامه | وسيوفهِ ولقيتموه رجالا |
يلوى لنصركم المخاوفَ وحده | صلبَ الحصاة ِ ويركب الأهوالا |
ما خُيِّرت بين اثنتين ركابه | إلا تخيّر منهما التَّرحالا |
لا يمنع البطلَ المشهّر نفسه | حتى يهبَّ فيقنصَ الأبطالا |
والأُسدُ لم تظفرَ بحاجِ أكفّها | حتى تجوبَ وتهجرَ الأغيالا |
كم يوم بينٍ قد حمدنا آجلا | منه ونحن نذمّه استعجالا |
نجني الإياب الحلو من شجراته | ثمرا ونسكن آمنين ظلالا |
كاليوم ردَّ كرى ً وشدّ سواعدا | وأعاش أفئدة ً وراش نبالا |
طلعتْ سعودُك صارفاتٍ شمسه | عنا ببدرٍ غاب أمسِ هلالا |
وسط السماء وعاد غاية َ تمِّهِ | فأضاء لا كلفا ولا ميّالا |
دلّ الملوكَ عليك كونُك رشدة ً | لهمُ وكون العالمين ضلالا |
قد جرّبوا فرأوك أثقبَ منهمُ | زندا وأرجحَ فيهمُ مثقالا |
وإذا همُ وجدوا السيوفَ قصيرة ً | في موطنٍ وجدوا خطاكِ طوالا |
وسقيمة الأعضاء وكِّلَ طبُّها | بك مذ تفاقم داؤها إعضالا |
ناطوا بها وقد التوت منشورة ً | من حسن رأيك ساعدا وقبالا |
وقليلة الخُطَّاب عند نشوزها | إن تستطيع لها الرجالُ بعالا |
لا يطمع الكفءُ الشريفُ بسعيه | فيها ولو ساق المهورَ وغالى |
ما أبصرت جيبا يجاب لها ولا | ذيلا على غير الملوك مذالا |
أعطيتَ عذرتها فكنت أباً لها | عفت الحرام وقد أخذت حلالا |
أشعرتَ منها منكبيك خميلة ً | ما ضرّها حبسُ السماء بلالا |
وسم الصوانعُ صدرها ومتونها | وسمَ الطوابع رقّة ً وصقالا |
لا تثبت العينان فيها لحظة ً | إلا اختطاف الشمس تنصف آلا |
ما إن ملأتَ بها النواظر شارة ً | حتى ملأت بها القلوب جلالا |
مستبطنا من تحتها شفّافة ً | جسماً يُخال من النحولِ خلالا |
وملوثة ما جرِّبتْ من قبلها | خرقُ العمائم تعصبُ الأجبالا |
أخذتْ من التاج النّضارَ وزادها | فخراً عليه لينُها وجمالا |
جلَّت بأن لويت عليك وأنّها | من دقّة ٍ حقٌّ يُظنُّ محالا |
ومقابل الأبوين ينسُج عرقه | عمّاً إلى متن الوجيه وخالا |
مما يفدَّى بالبنين وتُصطفى | أزرُ البناتِ براقعاً وجلالا |
ويحلّ بيعُ العرس وهو محرم | يعتدُّ في الفقر المبرِّح مالا |
فتق الغزالة غرّة ً في وجهه | وجرى الطرادُ به فكان غزالا |
وضفا على مجرى العنان بعنقه | قنوانِ قد ثقلا عليه فمالا |
ووراءه ذيلُ العروس حمى إذا ال | أذناب أسلم بعضُها الأكفالا |
يدجو فينظر من سراجى راهب | فتلت شفارهما فكنّ ذبالا |
كالطود أتلعَ هاديا ورديفه | حتى إذا اشتدّ انطوى فانهالا |
يسم الصخورَ فليس يبرحُ مطلعاً | في كل واضحة أصاب هلالا |
يزهى بحقٍّ إن زهى متعطلا | عريانَ يجلو نفسه واختالا |
فتراه كيف نظرته متحلّيا | غرر الكواكب جامعاً رئبالا |
سلب الثريا خدّه وعذاره | وتوشّح الشِّعرى وشاحا جالا |
وكأنما الجوزاء تردُف سرجه | وتطول رسغيه إذا ما طالا |
أركبتَه وجنبتَ آخر مثله | سهمى مصيب قارباك منالا |
أعطاهما عن نيّة من صدره | لا مكرهاً أعطى ولا مغتالا |
والأبيضَ الماضي وأختَ الدرع مح | مولين وابنَ الأسمر العسالا |
هذا تصيب إذا ركبت به وذا | وزرٌ يقيك إذا أردت نزالا |
نعمٌ عوارفُ أين منك محلّها | ويقعن عند معاشر جُهّالا |
كانت تميل إليك عوج رقابها | فالآن قمن سويّة ً أعدالا |
متحدّثات أنهنّ لقائحٌ | ينتجن أضعافاً لهاأمثالا |
جرى الأتيِّ توسّم الوادي به | خيطا فخيطاً ثم مدّ فسالا |
حتى ثنيت بحيث طوَّلَ باعه | حبلَ الرجاء ووسَّع الآمالا |
حسد الحسودُ فما عدا أنيابه | نكتا عليك وقلبه بلبالا |
أسهرته ورقدت عن أشغاله | بعضُ الفراغ يكثِّر الأشغالا |
أبلغْ بحظّك قدرَ حقّك تقسم ال | أرزاق بين الناس والآجالا |
وامدد يمينك لي أقبِّلْ ظهرها | فلعلّها تعدينيَ الإقبالا |
أنا من سمعتَ له وتسمع آنفا | غررا رشاقا في الكلام جزالا |
عبقت بها أعراضكم منشورة ً | عبقَ الخزامى باكرته شمالا |
ما اجتزن بالآذان كنَّ مفاتحا | وعلى قلوب عداكمُ أقفالا |
تقتصّ وهي مقيمة ٌ أخباركم | وتسير ترسل فيكم الأمثالا |
تلهى الحليمَ فتستقلُّ وقاره | وتجرُّ حبلَ عرامه البطَّالا |
ما فقتُ فيها الناسَ فضلَ إصابة ٍ | ما شئت حتى فقتمُ أفضالا |
ساقيتني عنها الجزاءَ مودّة ً | بيضاءَ صافية ً وزدتَ نوالا |
فحلفتُ لا أبصرت مثلي قائلا | أبدا ومثلك فاعلاً ما قالا |
لا كالمخادع بشرُهُ عن لؤمه | إن سرّ قولٌ منها ساء فعالا |
ضحكٌ كنار أبى الحباحب خدعة | لا جذوة ً تعطى ولا إشعالا |
أوفى بنارٍ أعجبته وما درى | جهلا أيوقد مندلا أم ضالا |
يُعطى على الغرض الخبيث وبخله | عند الحقوق ويعذل البخَّالا |
داجانيَ الكلمَ العذابَ وكدَّني | وعدا تحنظلَ طعمه ومطالا |
وأرادني أن يستدرَّ شفاعة ً | رزقي وآخذَ ما لديه سؤالا |
هيهات إعدتني إذن أخلاقه | سفها وكنتُ على الرجال عيالا |
ولقد نصحتُ له لو أنّ مكلفاً | بالعجب أرعى سمعه العذّالا |
قلت انتهز بصنيعة ٍ إمكانها | إنّ الزمانَ يحوّل الأحوالا |
لو كان بقيَّ الشكر سرّ عطائه | فمضى وبقّى السوءة الأقوالا |
جمح الغرورُ به فمتر برأسه | فكأنّه بالأمس ظلٌّ زالا |
بكرتْ عليك وروَّحت بقصائدي | سحبُ الثناء مجدَّة ً إسبالا |
تجري التهانئ ماءها وهواءها | عطرَ النسيم وبارداً سلسالا |
ينبتن عرضكَ زهرة ً موشيّة ً | تبقى وأرضك روضة ً محلالا |
يمزجن إذ كارا بمدحٍ شاكرٍ | والماءُ يصلح مزجه الجريالا |
زدني كما قد زدتُ يزددْ حسنها | إنَّ المكارم تبعث الأقوالا |
حتى تفوتَ الناسَ جدّاً صاعداً | وأفوتُهم بندى يمينك حالا |