علَّمتها الأيامُ أن تتجنَّى
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
علَّمتها الأيامُ أن تتجنَّى | فأحالتْ أخلاقها السُّمحَ هجنا |
وتعدَّى غدرُ الزمانِ إليها | فرأتْ رعيها الأمانة َ غبنا |
صبغَ الدهرُ عندها بيضَ أيا | ميَ سودا بلونه أو دُكنا |
فعهودٌماشئت تلغى وأيما | نٌ على غيرِ حلِّها تستثنى |
لم تزل تكذبُ الأمانيُّ حتى | منعتني بالغيب أن أتمنَّى |
يا لحا الله ودَّ مثلكِ ما أن | زرَ رفدا عندي وأكثرَ منّا |
كم خصوعٍ وليس يُخجلُ عينا | وعتابٍ وليس يخرق أذنا |
أعتفي منكِ صخرة ً ليس تثنى | وهي في العين بانة ٌ تتثنَّى |
وأرى في جبينك الشمس للعا | لم حسنا ولي شقاءً وحزنا |
ما خذولٌ في رأس أرعنَ يمسى | شاهقاً دون نيلها معتنَّا |
عبرتْ وحدها به ترد العذ | بَ لصابا عمقاً وترعى الحزنا |
نجوة ً توجدُ الضحى هي والشمسُ | وتمسي مع الكواكب أمنا |
لو رماها بكلّ ما عنده الطَّر | فُ لأعيا من دونها وتعنَّى |
منكِ أنأى ولستِ منها إذا كن | تِ مكانَ الوشاح منَى أدنى |
أستعيد الأحلامَ ذكرك إن خا | لسَ طرفي لماظة َ النوم وهنا |
فكأنّى أدعو الصدى وكأنْ ما | سلك الطيفُ قطُّ بالنوم جفنا |
أسأل الدهرَ عن خلائقه الأو | لى وقد نُقِّلتْ فحالَ وحلنا |
وأروم الوفاء من زمن الغد | ر وهل للسَّحوقِ باليد مجنى |
عجباً كيف لامني في قنوطي | من رأى البحر غاضَ والقطر ضنّا |
كنتُ أشكو الأيام قبلُ وفي أخ | لافها مذقة ٌ إذا ما حلبنا |
وأذمُّ الدنيا وللناس آذا | نٌ بواقٍ إذا عذلنَ سمعنا |
فبودِّ المنى لوانّ ليا | ليَّ اللواتي بكيتُ منهنّ عدنا |
حكمَ اللهُ بين قلبي وإخوا | ني وولّى الملامَ من جارَ منّا |
ورعى لي في الدوحة ِ المجد غصنا | كيفما هزَّ هُزَّ أخضرَ لدنا |
نابتاً في أرومة ٍ للعلا غي | ناءَ شقَّتْ ترابَ أرضٍ غنَّا |
وصفت طيبَ عرقها بالجنى الحل | وِ ومدَّت فنّا وريقاً ففنَّا |
وسقاها ماءَ الندى فكساها | واسعَ الظلِّ والثرى المطمئنّا |
غرسُ عبد الرحيم ثم أطال الله | منها فرعا له ابنا فابنا |
أسرة لم يكذبِ الدهرُ وعدا | في علاهم ولم يخيِّبْ ظنّا |
أمراءُ الجُلَّى وألسنة النا | دى إذا استصرخوا خطابا وطعنا |
لا يبالونوالمكارمُ فيهم | باقياتٌ ما ابتزَّ خطبٌ فأفنى |
ركبوا كلَّ غاية ٍ يأخذون الس | بق حتى ردُّوا الصرائحَ هجنا |
وترى كلَّ نافر عندهمُ يأ | نسَ إلاَّ ما كان بخلا وجبنا |
وإذا العامُ جفَّ مدُّوا عليه | أيدياً يعصرون منها المزنا |
كلُّ رخو الإزار حتى إذا سا | ر طوى شملة ً وقلَّص ردنا |
لا يهاب السرى وراءَ المعالي | واحدا خاضَ ليلها أو مثنى |
يحمل الطودَ مستقلاًّ ولا يحم | لُ وزنَ السَّفاة ِ ثأرا وضغنا |
كعميد الكفاة لا تجد الغي | بة ُ في جنبه ولا الغمزُ وهنا |
ساد رطبَ الشبابِ مقتبلَ الشر | خ كهولاً عدّوا الحجا والسِّنا |
أبصرَ الضيمَ خطَّة ً فأباها | ورأى العجزَ حاجة ً فاستغنى |
سبق الناسَ إنْ تعجَّلَ لم يك | بُ ولم يعقلوا به إن تأنَّى |
ووقته من رأيه جنَّة لا | تتفرّى وصعدة ٌ لا تحنَّى |
إن دعا في مواقف الفضل لم تب | رزْ إليه جحافلُ الفضل قرنا |
وإذا قيل من توحَّد بالجو | د ومن فهو واحد لا يثنَّى |
لاعفا منكَ بعدَ من بانَ منهم | ربعُ مجدٍ ولا تعطَّلَ مغنى |
وبقيتَ السيفَ الذي هو أمضى | دونهم في اليد التي هي يمنى |
عانيات لك الليالي يعفِّي | ن بحلم آثارَ ما قد جهلنا |
طالعا مطلعَ النجوم لك الشع | رى تحيَّا بوفدها وتهنَّا |
كلّ ولاّجة ٍ إذا امتطت القر | طاسَ لم تنتظر على السمع إذنا |
تطربْ الحاضرَ البليغَ وإن م | رَّت بسمعِ البادي اشرأب وحنَّا |
كلَّما عرجت بنادي قبيلٍ | تركت ألسنُ الفصاحة ِ لكنا |
في عداكم تدافُ سمّاً وتهدي | لكمُ في الأعياد شهدا وسمنا |
لكمُ صفوها وصفو ودادي | كلتُموني نصفا بها أو غبنا |
لم أزل في الغنى وفي الفقر يخشا | ني زماني مذ قلتمُ أنتَ منَّا |