نفَّرها عنْ وردها بحاجرِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
نفَّرها عنْ وردها بحاجرِ | شوقٌ يعوقُ الماءَ في الحناجرِ |
وردّها على الطَّوى سواغبا | ذلُّ الغريبِ وحنينُ الزَّاجرِ |
فطفقتْ تقنعها جرَّاتها | منْ شبعِ دارٍ وريٍّ حاضرِ |
يكسعها التُّرابُ في أعطافها | تساندِ الأعضادُ بالكراكرِ |
ذاك على سكونِ منْ أقلقها | وأنَّها وافية ٌ لغادرِ |
مغرورة ُ الأعينِ منْ أحبابها | بخالبِ الإيماضِ غيرِ ماطرِ |
تقابلُ المذمومَ منْ عهودهمْ | بكلِّ قلبٍ ولسانٍ شاكرِ |
وهي بأرماحِ الملالِ والقلى | مطرودة ٌ منخوسة ُ الدَّوابرِ |
تشكو إليهمْ غدرهمْ كما اشتكتْ | عقيرة ٌ إلى شفارِ العاقرِ |
قدْ وقروا عنها وكانتْ مدَّة ً | تسمعُ منهمْ كلَّ سمعٍ وافرِ |
وكلَّما ليموا على جفائها | تواكلوا فيها إلى المعاذرِ |
فليتَ شعرَ جدبها إذْ صوّحوا | أينَ الخصيبُ الكثُّ في المشافرِ |
وهبهمُ عنِ السِّيولِ عجزوا | فأينَ بالقاطرِ بعدَ القاطرِ |
كانتْ لها واسعة ً ركابهمْ | وكيلهمْ في الحظِّ كيلُ الخاسرِ |
ففيمَ ضاقوا فتناسوا حقَّها | والدَّهرُ يعطيهمْ بسهمٍ وافرِ |
كانتْ وهمْ في طيِّ أغمادهمُ | لمْ تتبرَّزهمْ يمينُ شاهرِ |
وافرة ً أقسامها فما لها | لمْ تقتضبْ منْ هذهِ المناشرِ |
هلْ ذخرتهمْ دونَ من فوقِ الثَّرى | إلاَّ ليومِ النَّفعِ بالذَّخائرِ |
لو شاوروا مجدٌ ابنَ أيُّوبَ لما | فاتتهمْ حزامة ُ المشاورِ |
إذنْ لقدْ تعلَّموا ولُقِّنوا | رعيَ الحقوقِ منهُ والأواصرُ |
للهِ راعٍ منهمُ مستيقظٌ | لمْ يتظلَّمْ طولَ ليلِ السَّاهرِ |
يرى الصَّباحَ كلُّ منْ توقظهُ ال | عليا وما لليلهِ منْ آخرُ |
جرى إلى غايتهِ فنالها | مخاطراً والسَّبقُ للمخاطرِ |
ما برحتْ تبعثهُ همَّتهُ | في طلبِ الجسائمِ الكبائرُ |
حتّى أنافَ آخذاً بحقهِ | منَ العلا أخذَ العزيزِ القادرِ |
ردَّ عميدُ الرؤساءِ دارسَ ال | مجدِ وأحيا كلَّ فضلٍ داثرِ |
حلَّقَ حتَّى اشتطَّ في سمائهِ | بحاكمٍ في نفسهِ وآمرِ |
وبعدُ في الغيبِ لهُ بقيَّة ٌ | ناطقة ُ الأنباءِ والبشائرِ |
ولمْ يقصِّرْ قومهُ عنْ سودَدٍ | يخبِّرُ عنْ أوَّلهمْ بالآخرِ |
ولا استزلُّوا عنْ مقامِ شرفٍ | توارثوهُ كابراً عنْ كابرِ |
لكنّهُ زادَ بنفسٍ فضلتْ | فضلَ يدِ الذّارعِ شبرَ الشّابرِ |
والشَّمسُ معْ أنَّ النُّجومَ قومها | تنسخهنَّ بالضِّياءِ الباهرِ |
وخيرُ منْ كاثركَ الفخرُ بهِ | شهادة َ الأنفسِ للعناصرِ |
هوَّنَ في الجودِ عليهِ فقرهُ | أنَّ المعالي إخوة ُ المفاقرِ |
فالمالُ منهُ بينَ مفنٍ واهبٍ | والنَّاسُ بينَ مقتنٍ وذاخرِ |
ولنْ ترى الكفُّ القليلُ وفرها | في النَّاسِ إلاَّ لابنِ عرضٍ وافرِ |
منْ راكبٌ تحملهُ وحاجة ٌ | أمُّ الطَّريقِ منْ بناتِ داعرِ |
ضامرة ٌ تركَّبتْ نسبتها | شطرينَ منْ ضامرة ٍ وضامرِ |
يقطعُ عنِّي مطرح العينينِ لا | أسومهُ مشقَّة َ المسافرِ |
منْ أسهلتْ أو أحزنتْ رحلتهُ | فحظُّهُ حظُّ المجيرِ العابرِ |
بلِّغْ على قربِ المدى وعجبٌ | قولي بلِّغْ حاضراً عنْ حاضرِ |
نادِ بها الأوحدَ يا أكرمَ منْ | تثنى عليهِ عقدُ الخناصرِ |
لم تسدِ النَّاسَ بحظٍّ غالطٍ | متَّفقٍ ولا بحكمٍ جائرِ |
ولا وزرتَ الخلفاءَ عرضا | بلْ عنْ يقينٍمنْ عليمٍ خابرِ |
ما هزَّكَ القائمُ حتَّى اختبرتْ | بالجسِّ حدَّيكَ يمينُ القادرِ |
خليفتانِ اصطفياكَ بعدَ ما | تنخَّلا سريرة َ الضَّمائرِ |
وجرَّبا قبلكَ كلَّ ناكلٍ | فعرفا فضلَ الجرازِ الباترِ |
لمْ تكُ كالقبائلِ في حبالهِ | والدِّينُ منهُ مسحلُ المرائرِ |
يأكلُ مالَ اللهِ غيرَ حرجِ الصّ | درِ بما جرَّ منَ الجرائرِ |
فانعمْ بما أعطيتَ منْ رأيِّهما | وكاثرِ المجدَ بهِ وفاخرِ |
واكتسِ ما ألحفتَ في ظلَّيهما | منْ ردنٍ زاكٍ وذيلٍ طاهرِ |
فحسبُ أعدائكَ كبتاً وكفى | كبَّاً على الجباهِ والمناخرِ |
إنَّ الَّذي ماتَ ففاتَ منهما | بقَّاكَ ذخراً بعدهُ للغابرِ |
فابقَ على ما رغموا مملَّكا | أزمَّة َ الدّسوتِ والمنابرِ |
ما دامتِ المروة ُ أختاً للصفا | والبيتُ بينَ ماسحٍ ودائرِ |
واجلس لأيَّامِ التَّهاني مالئا | صدورها بالمجدِ والمآثرِ |
تطلعُ منها كلَّ يومٍ شارقٍ | بمهرجانَ وبعيدٍ زائرِ |
لكَ الزكيُّ البرُّ منْ أيَّامها | وللأعادي كلُّ يومٍ فاجرِ |
واسمعْ أناديكَ بكلِّ غادة ٍ | غربيَّة ٍ لمْ تجرِ في الخواطرِ |
مؤيسة ِ الغرامِ في باطنها | مطعمة ٍ في نفسها بالظَّاهرِ |
وهيَ على كثرة ِ منْ يحبها | وحسنها قليلة ُ الضَّرائرِ |
تستولدُ الودادَ والأموالَ منْ | كلِّ عقيمٍ في الولادِ عاقرِ |
فلستَ تدري فكرة ٌ منْ شاعرٍ | جاءتْ بها أو نفثة ٌ منْ ساحرِ |
ملَّككَ الودُّ عزيزَ رقِّها | وهي منَ الكرائمِ الحرائرِ |
تفضلُ في وصفكَ ما تفضلهُ | في الرَّوضِ أسآرُ الغمامِ الباكرِ |
لاتشتكيكَ والملالُ حظُّها | منكَ وأنْ ريعتْ بهجرِ الهاجرِ |
في سالفِ الوصفِ وفي مستأنفِ ال | جفاءِ بينَ شاكرٍ وعاذرِ |
واعرفْ لها اعترافها إذْ أنصقتْ | واعرفْ لها في الجورِ فضلَ الصَّابرِ |