تغربْ فالبدار الحبيبة ِ دارُ
مدة
قراءة القصيدة :
7 دقائق
.
تغربْ فالبدار الحبيبة ِ دارُ | و فكَّ المطايا فالمناخُ إسارُ |
و لا تسأل الأقدارَ عما تجره | مخافة َ هلكٍ والسلامة ُ عارُ |
إذا لم يسعها الأمنُ في عقر دارها | فخاطر بها إنّ العلاءَ خطارُ |
أرى إبلي تعصى الحداة َ كأنما | بوازلها تحتَ الحبالِ بكارُ |
تقامصُ من مسَّ الهوان جنوبها | كأنّ الأذى طردٌ لها وعوارُ |
تحسى القدى المنزورَ من ماءِ أهلها | و تأبى َ النميرَ العدَّ وهوبحارُ |
و مذ علمتْ أن الحشاشة َ ذلة ٌ | ففي خطمها من أن تخشَّ نفارُ |
لغيري قرى ألبانها ولحومها | و لاقحة ٌ من أدمها وحوارُ |
متى دبَّ ماءُ الضيم فيها فلم تعدْ | مطيَّ قفار الأرض وهي قفارُ |
و إن لم تناضلْ من عقودِ نسوعها | نصولُ نعيَ سيبَ اللصابِ تبارُ |
ظرابُ الغضا من تحت أخفافها سفاً | يطيشُ وأحقافُ الغويرِ حفارُ |
كأنّ السياطَ يقتلعنَ إذا هوت | سفائنَ منها والسرابُ بحارُ |
مقامي على الزوراء وهي حبيبة ٌ | مع الظلم غبنٌ للعلا وخسارُ |
و كم حلة ٍ مجفوة ٍ ولها الهوى | و أخرى لها البغضاءُ وهيْ تزارُ |
و في غيرها المجدُ الذي كان مرة ً | لها شرفٌ في قربه وفخارُ |
إذا حملتْ أرضٌ ترابَ مذلة ٍ | فليس عليها للكريم قرارُ |
و كم عزمة ٍ مرتاضة ٍ قد ركبتها | فخضتُ بها الحاجاتِ وهي غمارُ |
و ذي سنة ٍ فجعتُ بالنوم عينه | و أجفانه عطفاً عليه طوارُ |
صحا لي وقد ناديتُ من سكرة ِ الكرى | و قد دار في عينيه منه عقارُ |
تبخرتُ أقصى جودهِ وهو كارة ٌ | و لم يك للمولى عليّ خيارُ |
و ليلٍ أضافَ الصبحَ تحت جناحه | و حصَّ فلم يرفعهُ عنه مطارُ |
هجمتُ عليه فادحا ببصيرتي | دجاهُ وليلُ الزبرقانِ نهارُ |
و مشترفٍ من العفافِ أطلعتهُ | و قد نم واشٍ واستقام نوارُ |
فلمَ يتوصمني وسادٌ علوته | بعيبٍ ولم يشهدْ عليَّ إزارُ |
و قافية ٍ أسهلتُ طريقها | لها في حلوقِ القائلين عثارُ |
نضار من القول الذي لم يردْ به | لجينٌ ولم يوجد عليه نضارُ |
إذا ما استبقن الحسنَ يبسطن عن فمي | شردنَ فلم يعلقْ لهن غبارُ |
يعيرني قومٌ خلَّ معاطني | و فيهم رغاءٌ ما اشتهوا ونعارُ |
و لاعيبَ أن أهزلتُ وحدي وأسمنوا | إذا أنا أنجدتُ العلاءَ وغاروا |
و لستَ ترى الأجسامَ وهي ضئيلة ٌ | نواحلُ إلا والنفوسُ كبارُ |
خفيتُ ونوري كامنٌ في قناعتي | و ما كلُّ ما غمَّ الهلالَ سرارُ |
و كيف أذود النومَ أخشى خصاصة ً | و لي من كلاءاتِ الوزير جوارُ |
و نعماه إن دهري أغار حماتهُ | على الحرّ من مسّ الهوانِ تغارُ |
إذا ضمني مؤيد الملك مانعا | فما لدمِ الأيام عنديَ ثارُ |
نكولي إذا أمسكتُ أطرافَ حبله | قويً وافتقاري في ذراه يسارُ |
سقى اللهُ ماءَ النصر بنانها | غصونٌ لها درُّ البحار ثمارُ |
و حيا على غم الكواكب غرة ً | أسرتها للمعتقين منارُ |
ترى الرزق شفافا وراء ابتسامها | كما شفَّ عن لمع البروق قطارُ |
و زاد انبساطا في الممالك راحة ٌ | يمينُ الحيا إن جاودته يسارُ |
من القوم لو طار الفخارُ بمعشرٍ | إلى غاية ٍ فوق السماء لطاروا |
بنى الملكِ والدنيا بماءِ شبابها | و أيامها زغبٌ تدبُّ صغارُ |
خيامٌ على أطنابها رخجية ٌ | لها في سماوات الفخار ديارُ |
و زيرية ٌ جدا فجدا يعدها | على المجدِ عرقٌ ضاربٌ ونجارُ |
يراحُ عليها بالعشيَّ لبونها | إذا روحتْ على البيوتِ عشارُ |
و شقَّ دجناتِ الخطوبِ برأيه | بصيرٌ به سرُّ الغيوب جهارُ |
إذا ردَّ في أعطافه لحظاتهِ | تشعشعَ سربالٌ له وصدارُ |
قريبُ الجنى حلوٌ لأيدي عفاتهِ | و أشوسُ بين العاقرين مرارُ |
إذا ما بدا للعين راقت بشاشة ٌ | عليه وراعت هيبة ٌ ووقارُ |
فيطمعُ فيه ثغرهُ حين يجتدى | و يؤيسُ منه الأنفُ حين يغارُ |
له اللهُ من ملك حميت سريرهُ | و غايتهُ للطامعين وجارُ |
و قد نام عنه الدافعون وكشفتْ | خباياه للأبصارِ وهي عوارُ |
مددتَ بباعيه فلم يرَ معصمٌ | له بارزاً إلا وأنتَ سوارُ |
و غربك الأعداءَ خلقٌ مسامحٌ | لهم وخلالٌ أن رضيتَ خيارُ |
و ما علموا أنّ النصولَ شوارعٌ | على علقِ الأكبادِ وهي طرارُ |
فإنَّ رقابَ الأسد جون عراكها | مصارعُ للآجالِ وهي قصارُ |
و قد جربوا عزميك والجودُ ساكنٌ | على السلم والنقعُ الأغمُّ مثارُ |
و كم لك من يومٍ يخيم شجاعهُ | و لا يصمُ المهزومَ منه فرارُ |
تناكرَ عنه المدعون فلم يكن | سوى اسمك للأبطالِ فيه شعارُ |
وقفتَ له والمرهفاتُ كأنها | دبى ً فوق بيضِ الدارعين مطارُ |
و لو أنَّ حدَّ السيف خانك دونه | وَ في لك جدٌّ لم يعقه عثارُ |
أسلْ مزنتيْ كفيك يغرقْ بها العدا | و سمْ باسمك الأعداءَ فاسمك نارُ |
و لا تلقَ يومَ الروع إلا مصالتا | بجدك إن كلت ظباً وشفارُ |
فإنّ لجرحِ السيف لا بدَّ ثائرا | له وجراحات الجدود جبارُ |
قضى اللهُ في حسادِ ملكك أنهم | وقودٌ وأنّ الغيظَ منك شرارُ |
فألسنهم غيظاً بواردُ رطبة ٌ | و أكبادهمُ خلفَ الضلوع حرارُ |
تناهوا حذارا أن يعلى حديثهم | فما بين كلَّ اثنين فيك سرارُ |
و لاموا نجومَ السعدِ جهلا وإنما | تدورُ لك الأفلاكُ حيث تدارُ |
تواقفُ أقدامَ الأسودِ كأنما | جنابك عزا أن يرامَ مغارُ |
و تخجلُ من دفع الحقوقِ كأنما | لثامك من فرط الحياء خمارُ |
أجبْ دعوة يا سيد الوزراء لم | تجبها قريبا إذ دعتك مرارُ |
تناديك عن شوق مواقدُ نارها | فؤادي وأنفاسي الحرارُ أوارُ |
أداريه خوفَ الشامتين وظاهري | قياسٌ لما في باطني وعيارُ |
إلى كم يقلُّ البعدُ ظهري وكم يرى | لجنبي على جمر الفراق قرارُ |
كأني حيالَ البعدِ بيني وبينكم | يقدُّ أديمي أو حشايَ تعارُ |
و ليتَ الومانَ المطربي باقترابكم | كما زال سكرٌ منه زال خمارُ |
يكاد نزاعي نحوكم أن يطيرَ بي | و هل لقصيصٍ في السماءِ مطارُ |
و أطمعَ قومٌ بعدكم في تهضمي | فشنوا على أحسابكم وأغاروا |
و لم يعلموا مقدارَ عطفة ِ جودكم | عليَّ فلي نقصٌ بهم وضرارُ |
إذا حبسوا الماءَ الذي سقتموهُ لي | فمن أين تسقى سرحتي وتمارُ |
و قد علموا أن لا ارتجاعَ لنيلكم | و لا الثوبُ مما تلبسون معارُ |
عسى اللهُ أن يقتادَ لي بإيابكم | فيدركَ من باغي انتقاصيَ ثارُ |
بكلَّ عزيزٍ بذلها عند قومها | لها منصبٌ معْ حسنها ونجارُ |
إذا خطرتْ بين الرواة ِ حسبتهم | يمانينَ فيما يحملون عطارُ |
تنمُّ بما فيها كأنَّ طروسها | لطائمُ أهدتها إليك صحارُ |
تضوعُ رنداً فارسياً لجنسها | و للعرب فيها حنوة ٌ وعرارُ |
إذا جليتْ عطلي عليك فحليها | علاك وحسنُ الإستماع نثارُ |
على المهرجان وسمة ٌ من جمالها | عروبة ُ منها فاصلٌ وشيارُ |
لئن قصرَّ المقدارُ خطويَ عنكمُ | فلي غاية ٌ في بعثها وقصارُ |