أرشيف المقالات

حديث: لا تحل لي، يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
حديث: لا تحل لي، يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب
 
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بنت حمزة: "لا تحل لي، يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، وهي ابنة أخي من الرضاعة".
 
الأصل في التحريم بالرضاع الكتاب السنة والإجماع؛ قال الله عز وجل: ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ ﴾ [النساء: 23].
 
قال الموفق: تحريم الأم والأخت ثبت بنص الكتاب، وتحريم البنت ثبت بالتنبيه، فإنه إذا حرمت الأخت فالبنت أولى، وسائر المحرمات ثبت تحريمهن بالسنة[1].
 
وقال البخاري: باب ﴿ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ ﴾ [النساء: 23]، ويحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب، وساق حديث عائشة الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة[2].
 
قال الحافظ: قوله: الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة؛ أي: وتبيح ما تبيح وهو بالإجماع فيما يتعلق بتحريم النكاح وتوابعه، وانتشار الحرمة بين الرضيع وأولاد المرضعة، وتنزيلهم منزلة الأقارب في جواز النظر والخلوة والمسافرة، ولكن لا يترتب عليه باقي أحكام الأمومة من التوارث ووجوب الإنفاق والعتق بالملك والشهادة والعقل، وإسقاط القصاص[3].
 
قوله: (قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بنت حمزة: "لا تحل لي")، وفي رواية: قيل للنبي -صلى الله عليه وسلم-: ألا تزوج ابنة حمزة، قال: "إنها ابنة أخي من الرضاعة".
 
ولمسلم: عن علي بن أبي طالب قال: قلت يا رسول الله، مالك تنوق في قريش وتدعنا، قال: "وعندكم شيء"، قلت: نعم، ابنة حمزة؛ الحديث.
 
قال الحافظ: (قال مصعب الزبيري كانت ثويبة أرضعت النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد ما أرضعت حمزة، ثم أرضعت أبا سلمة، وقال أيضًا: قال العلماء: يُستثنى من عموم قوله: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" أربع نسوة يحرمنَ في النسب مطلقًا وفي الرضاع قد لا يحرمن: الأولى أم الأخ في النسب حرام؛ لأنها إما أم وأما زوج أب، وفي الرضاع قد تكون أجنبية، فترضع الأخ، فلا تحرم على أخيه الثانية، أم الحفيد حرام في النسب؛ لأنها إما بنت أو زوج ابن، وفي الرضاع قد تكون أجنبية، فترضع الحفيد فلا تحرم على جده، الثالثة جدة الولد في النسب حرام؛ لأنها إما أم أو أم زوجة، وفي الرضاع قد تكون أجنبية أرضعت الولد، فيجوز لوالده أن يتزوجها، الرابعة أخت الولد حرام في النسب؛ لأنها بنت أو ربيبة، وفي الرضاع قد تكون أجنبية فترضع الولد، فلا تحرم على الوالد، وهذه الصور الأربع اقتصر عليها جماعة، ولم يستثن الجمهور شيئًا من ذلك، وفي التحقيق لا يستثنى شيء من ذلك؛ لأنهن لم يحرمن من جهة النسب، وإنما حرمن من جهة المصاهرة، واستدرك بعض المتأخرين أم العم وأم العمة وأم الخال وأم الخالة، فإنهنَّ يحرمنَ في النسب لا في الرضاع، وليس ذلك على عمومه والله أعلم[4]؛ انتهى.



[1] المغني: (18/70).


[2] صحيح البخاري: (7/ 11).


[3] فتح الباري: (9 /141).


[4] فتح الباري: (9/ 142).

شارك الخبر

المرئيات-١