هل عند ريح الصبا من رامة ٍ خبرُ
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
هل عند ريح الصبا من رامة ٍ خبرُ | أم طاب أن صاب روضاتِ اللوى المطرُ |
علامة ٌ لك من أمّ الوليد أتت | تعلو الرياحُ بها والمزن تنحدرُ |
كأنّ ما هبَّ عطرياً مجاسدها | منفوضة ً وكأنّ البارقَ الأشرُ |
هوى ترامت به الأيام تبعدهُ | و قربته لك الأياتُ والذكرُ |
و نازلٌ باللوى يسليك صورتهُ | تيهُ الطريق وينسيك اسمهُ الحذرُ |
سرى إلى الشرق مشتاقا وما فقدتْ | عينٌ له بلوى خبتٍ ولا أثرُ |
يجشمُ البدرَ أن يشقى برؤيته | و يلبسُ الليلَ زوارا فيعتكرُ |
ما استوطن البيدَ لولا أنه رشأٌ | و ما امتطى الليلَ لولا أنه قمرُ |
يا منة ً للكرى لولا حلاوتها | ما ذمَّ وهو وفاءٌ في الهوى السهرُ |
مدَّ الظلامُ بها قبلَ الصباح يدا | بيضاءَ بانَ بها من أمسه السحرُ |
في الضاربين على البلقاءِ بادية ً | يسبى لها الحرَّ من أبنائه الحضرُ |
تصبى الأحاديثُ عنها وهي نازحة ٌ | و السمعُ يعلق ما لا يعلق البصرُ |
سمراءُ غارتْ عليها وهي تشبهها | في القدّ واللون تحميها القنا السمرُ |
تلينُ خلقاً ويحفو خلقها فكأنْ | في جسمها الماءِ ألقي قلبها الحجرُ |
سعدية تدعى أن الوفاءَ لها | من صلب حاجبَ حبلٌ ليس ينبتر |
فما لها وفؤادي في خفارتها | و الشوقُ يرعاه ظلما ليس ينتصرُ |
لو شاء يعدُ جواري وهو مطرحٌ | من شاء قال التميميون قد غدروا |
ما أنكرتْ أم خير وهي معرضة | أغيرَ أنْ لونتْ من لمتي الغيرُ |
وَ في الصبا للهوى إذ كان حالفه | لا يحلقُ الحبُّ حتى يحلقَ الشعرُ |
أرى المنى بعدُ تملى لي سوالفها | و قد المشيب الذي استقبلتُ مزدجرُ |
أشتاق حاجاتيَ الأولى َ وتجذبني | إلى اتباع النهى حاجاتيَ الأخرُ |
ما أشرفَ الحلمَ لولا ثقل محملهِ | و أجملَ الصمتَ لولا قولهم حصرُ |
و ما أعزَّ الفتى في ظلَّ عفتهِ | لو شوور الحزمُ أو لو صحت الفكرُ |
ما لكَ في الحرصِ إلا فضلُ ذلتهِ | و الرزقُ يفعل فيه ما اشتهى القدرُ |
خلقانِ في هذه الدنيا معاسرة ٌ | ما طولبتْ وبها إن توركت يسرُ |
قنعتُ منها بما بلَّ الصدى كبراً | من همتي ظنَّ قومٌ أنه صغرُ |
أسوفُ العيشَ حسنَ الظنَّ أجبرهُ | على فسادٍ وجبرُ الظنَّ منكسرُ |
مرقعا بالمنى أرجو غدا فغدا | تأتي الحظوظُ وحظي بعدُ منتظرُ |
رضا بنفسي أو ودَّ امرئ ثقة ٍ | أغنى به وغنيُّ المالِ مفتقرُ |
و إن مدحتُ ففخرٌ لا أعابُ به | و لا يكذبُ إخباري به الخبرُ |
إذا غلوتُ بقولٍ فيه لم ترني | إلى المروءة فيما قلتُ أعتذرُ |
حدثْ بفضلِ بني عبد الرحيم وما | طابوا على قدمِ الدنيا وما كثروا |
و استشهد الصحفَ الأولى بما نقلت | عنهم وما قصت الآثارُ والسيرُ |
المكتفين إذا غابوا بشهرتهم | عن الشهادة والكافين ما حضروا |
أبناء ذروة هذا الملك قد فرعوا | سنامه يطلبون النجمَ ما انحدروا |
تملكوا قربَ الدنيا وشرعتها | لا يردُ الناسُ إلا كلَّ ما صدروا |
لا تستخفهم الأحداثُ إن طرقت | عن الحلومِ ولا يطغيهم البطرُ |
إذا بلوتَ تقاهم أو بصائرهم | في نعمة ٍ شكروا أو نكبة ٍ صبروا |
تكلموا وأرمَّ الناطقون لهم | لا يؤمرون ولا يعصون إن أمروا |
يدعون في السنواتِ الشهبِ جامدة ً | فيفعلون بها ما يفعلُ المطرُ |
غاض الفراتُ وضنَّ المزنُ وانبعثتْ | في المزنِ تعصرُ أيديهم فتنعصرُ |
لو ركبوا في أعاليهم أناملهم | يومَ الوغى حضرتْ أطرافها الحمرُ |
إن كنتَ فيمن طواه البينُ ممترياً | منهم فعندك من منشورهم خبرُ |
هذا الحسينُ حياة ٌ خلدتْ لهمُ | ليسوا بأول موتي بابنهم نشروا |
صلى َّ فزادتعلى السباق حلبته | محلقُ العرفِ جارٍ خطوهُ حضرُ |
كالسهم أحرزَ ذكرا يومَ ترسله | لم يعطهِ أبواه القوسُ والوترُ |
عصارة فضلتْ في الطيب طينتها | و الخمرُ أطيبُ شيء منه يعتصرُ |
لا يعدمَ الصاحبَ ابنُ الليل قوسهُ | طولُ السرى وتنقى َّ عظمه السفرُ |
فوزَ في البيدِ لا ظلٌّ يفء له | ظهراً ولا يتقيه من ندى سحرُ |
ترمى به غرضَ الأخطارِ حاجتهُ | يحلو له الملحُ أو يصفو له الكدرُ |
يحسُّ أو يتراءى كلَّ مخلفة ٍ | لا سمعَ يصدقهُ فيها ولا نظرُ |
يرى سماوته في الماءِ ينكرها | من طول ما اختلفتْ في عينه الصورُ |
حتى إذا ملت الأقدارُ شقوته | و حان من سعيه أن يدرك الظفرُ |
آنسَ من جوده نارا مبشرة ً | ببردِ عيشته من حيثُ تستعرُ |
فجاء يقتافها حتى أصاب قرى | يأخذُ منه اشتطاط النفسِ أو يذرُ |
بينا تكونُ البدورُ الطائفاتُ به | و لائدا وتذكى للقرى البدرُ |
فلا خلا منه ربعُ الفضلِ يعمرهُ | بالمال يقسمُ والأقوالِ تدخرُ |
و بيضة الملكِ يحميها فما كربت | مذ قام يشعبها بالرأي تنفطرُ |
تيمنوا باسمه حتى لقد وثقوا | لو سار في غير جيشٍ أنهم نصروا |
طلقُ النقبة ِ لم يعقلِ سعايته | عن مطلبٍ رجبٌ يخشى ولا صفرُ |
غررَ في العزَّ حتى نال غايتهُ | و جانبُ العزَّ مركوبٌ له الغررُ |
لو عيبَ ما عابه شيءٌ يزنُّ به | من النقيصة ِ إلا أنه بشرُ |
حلا له الحمدُ حتى ما له ثمنٌ | يغلو عليه وحتى ما لهُ هدرُ |
لو وهبَ المرءُ يوما نفسهُ سرفا | لم يهبِ النفسَ إلا وهو مختصر |
عجمتُ أيامَ دهري صعبة ً بكمُ | فسالمتني وفي أيامها خورُ |
و كان لي عندَ حظي قبلَ ودكمُ | ثأرٌ فقمتُ بكم كالسيف أثئرُ |
فلتأتينكمُ عني وبي أبدا | غرائبٌ وهي في أوطانها فقرُ |
تسري مراكبَ للأحساب تعرضها | على العيون شياتٌ كلها غررُ |
إذا تحلتْ فمعناها قلائدها الن | ضارُ أو لفظها أقراطها الدررُ |
مما ولدتُ وإن خالفتُ منصبها | كسرى أبي وأبوها نسبة ً مضرُ |
تسركم وتسوء الحاسدين لكم | و نفعُ قومٍ لقومٍ غيرهم ضررُ |
في كل يومٍ جديدِِ العهد مبتكرٍ | تسوقها لكم الروحاتُ والبكرُ |
لها بأحسابها طولٌ وما قطعتْ | سيرا وفيها عن استحقاقكم قصرُ |
و قد سمعتم سواها قابلين له | فكيف يحلو لجاني النحلة ِ الصبرُ |
و إن تشابهتِ الألفاظُ واتفقتْ | فرمة الحبل شكلا حية ٌ ذكرُ |