من عذيري يومَ شرقيّ الحمى
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
من عذيري يومَ شرقيّ الحمى | من هوى جدَّ بقلبٍ مزحا |
نظرة ٌ عادت فعادت حسرة ً | قتلَ الرامي بها من جرحا |
قلن يستطردن بي عينَ النقا | رجلٌ جنَّ وقد كان صحا |
لا تعدْ إن عدتَ حيا بعدها | طارحا عينيك فينا مطرحا |
قد تذوقتُ الهوى من قبلها | و أرى معذبهُ قد أملحا |
سل طريق العيس من وادي الغضا | كيف أغسقتَ لنا رأدَ الضحى |
ألشيءٍ غير ما جيراننا | نفضوا نجدا وحلوا الأبطحا |
يا نسيم الصبح من كاظمة ٍ | شدّ ما هجت الجوى والبرحا |
الصبا إن كان لا بدّ الصبا | إنها كانت لقلبي أروحا |
يا نداماي بسلعٍ هل أرى | ذلك المغبقَ والمصطحبا |
اذكرونا ذكرنا عهدكمُ | ربَّ ذكرى قربتْ من نزحا |
و اذكروا صبا إذا غنى َّ بكم | شربَ الدمعَ وعاف القدحا |
رجع العاذلُ عني آيسا | من فؤادي فيكمُ أن يفلحا |
لو درى لا حملتْ ناجية ٌ | رحلهُ فيمن لحاني ما لحا |
قد شربتُ الصبرَ عنكم مكرها | و تبعتُ السقم فيكم مسمحا |
و عرفتُ الهمَّ من بعدكمُ | فكأني ما عرفتُ الفرحا |
ما لساري اللهوِ في ليل الصبا | ضلَّ في فجرٍ برأسي وضحا |
ما سمعنا بالسرى من قبله | بابن ليلٍ ساءه أن يصبحا |
طارقٌ زارَ وما أنذرنا | مرغيا بكرا ولا مستنبحا |
صوحتْ ريحانة ُ العيشِ به | فمن الراعي نباتا صوحا |
أنكرتْ تبديلَ أحوالي ومن | صحب الدنيا على ما اقترحا |
شدَّ ما منيَّ غرورا نفسه | تاجرُ الآدابِ في أن يربحا |
أبدا تبصرُ حظا ناقصا | حيثما تبصرُ فضلا رجحا |
و المنى َ والظنُّ بابٌ أبدا | تغلق الأيدي إذا ما فتحا |
قد خبرتُ الناسَ خبري شيمي | بخلاء وتسموا سمحا |
و تولجتُ على أخلاقهم | داخلا بين عصاها واللحا |
و بعثتُ الماءَ من صمَّ الصفا | قبلَ أن أبعثَ ظنا منجحا |
يشتهون المالَ أن يبقيَ لهم | فلماذا يشتهون المدحا |
يفصح اللحانُ بالجودِ وهمْ | فرطَ بخلٍ يعجمون الفصحا |
جرتِ الحسنى غلاما ماجدا | لم يطع في الجود إلا النصحا |
طولوا في حلبة ِ المجدِ له | فمضى يتبعُ رأسا جمحا |
منجباً من آل إسماعيل لم | يروِ في الأخلاقِ إلا الملحا |
كيفما طارتْ عيافاتُ الندى | حوله طرنَ يمينا سنحا |
لا يبالي أيَّ زندٍ أصلدتْ | من أتى راحته مقتدحا |
كلما ضاقت يدُ الغيثِ بما | ملكتْ جاودها منفسحا |
لربيب النعمة ِ اجتابَ الدجى | خابطٌ ينفضي قلاصا طلحا |
حملَ الهمَّ وقد أثقله | جلدة َ العظمِ أمونا سرحا |
توسعُ البيداءَ ظهرا خاشعا | في يدِ السير ورأسا مرحا |
لا تبالي ما قضت حاجتها | ما دمي من خفها أو قرحا |
حملتْ أوعية َ الشكرِ له | و انثنت تحملُ منه المنحا |
أحرز الفضلَ طريفا تالدا | و المعالي خاتما مفتتحا |
و جرى يقصُّ من آياته | أثرَ المجدِ طريقا وضحا |
نسبٌ كيف ترامت نحوه | أعينُ الفخر أصابت مسرحا |
أملسُ الصفحة ِ لم تعلقَ به | غمزة ٌ من قادحٍ ما قدحا |
عود البدرَ وقد قابله | غرة ً بات بها مستصبحا |
و رآه البحرُ أوفى َ جمة ً | منه بالنائل لما طفحا |
و تسامت أعينُ الشعر إلى | أن يكونَ السامعَ الممتدحا |
لم تجدِ أبكارهُ أو عونهُ | عنك في خطابها منتدحا |
غير حراتٍ أراها مهملا | حقها عندكمُ مطرحا |
كم ترى أن يصبرِ الشعرُ على | أن تهينوا مثلها أو يصفحا |
أنتم استنزلتمُ عنها يدي | يعد ما عز بها أن أسمحا |
و رغبتم في علا أنسابها | و كرامٍ من ذويها صلحا |
و أرى مطلكمُ في مهرها | دام والمهرُ على من نكحا |
وثقَ الشعرُ بكم واتصلتْ | غفلة ٌ تخجله فافتضحا |
فاعذروه إن أتى مقتضيا | فلقد أنظركم ما صلحا |
و مضى حولٌ على حولٍ ولم | ينتج الوعد الذي قد ألقحا |
اذكروه مثلَ ما يذكركم | محسنا واستقبحوا ما استقبحا |
و اعلموا أنّ قليبَ الشكرِ إن | هو لم يمددْ برفدٍ نزحا |
و اصبحوا أيامكم واستخدموا | في المعالي هجنها والصرحا |
بين نيروزٍ وعيدٍ أمسيا | رائديْ إقبالكم أو اصحبا |
تكمهُ الأحداثُ عنكم إن أرى | طرفها غيركمُ أو المحا |