أهفو لعلويَّ الرياح إذا جرتْ
مدة
قراءة القصيدة :
7 دقائق
.
أهفو لعلويَّ الرياح إذا جرتْ | و أظنُّ رامة َ كلَّ دارٍ أقفرتْ |
و يشوقني روضُ الحمى متنفسا | يصفُ الترائبَ والبروقَ إذا جرتْ |
متعللاتٍ بعدَ طارفة ِ النوى َ | أو أبرأت داءَ الجوى أو عللتْ |
يا دينَ قلبٍ من ليالي حاجرٍ | مكرتْ به فقضتْ عليهِ وانقضتْ |
و مضاجعٍ بالعنفِ بات يعدها | غنما وأصبح وده لو لم يبتْ |
و مليحة ٍ لو أنصفتْ عينُ المها | في الحسن ما ثنتِ الصليفَ ولا رنتْ |
بيضاءَ من كللِ الخدور وربما | ذكرتِ بداوة ُ قومها فتسهمتْ |
أخذتْ وأعطتْ من ضياء الشمس ما اح | تكمت فجمعتِ الجمالَ ووفرتْ |
و كأنما وليتْ خطائطَ وجهها | يدها فجاءتْ في الكمدِ كما اشتهتْ |
ملكت على باناتِ جوًّ أمرها | فلها الإمارة ُ ما استقامتْ وانثنتْ |
فإذا أرادتْ بالقضيبِ مساءة ً | و تنقمتْ جرما عليه تأودتْ |
سنحتْ لنا دون الغدير فما سقى َ | صفوُ الغدير وعذبهُ منْ أعطشتْ |
و رمتْ فلولا أنها ثعلية ٌ | قلنا رأت ثعلاً رمى فتعلمتْ |
غدرتْ فلولا أنها نذرتْ دمي | لم تعرفِ النذر الذي فيه وفتْ |
و على النقا والعيسُ تحفرُ في النقا | أخفافها من ثقلِ ما قد حملتْ |
حلفتْ على قتلي فلما أن رأت | بذمايَ باقية َ الرماقِ تأولتْ |
أبشر فانك في الحياة ِ مخلدٌ | يا من رأى يومَ القليبِ ولم يمتْ |
و تشرفت لتشبَّ جمرة َ صدرهِ | بنتُ الأراكِ وهل تشبُّ وما انطفتْ |
ورقاء ذكرها الحداة ُ هوى لها | طارت ألائفها به فتذكرتْ |
هتفتْ على خضراءَ كيف ترنمتْ | من فوقها مالت بها فترنحتْ |
لو كان ينجو من علاقاتِ الهوى | شيءٌ لضعفٍ أو لمرحمة ٍ نجتْ |
و لقد طربتُ كما حزنتُ لصوتها | فشككتُ هل غنت بشجوٍ أو بكتْ |
قف يا أخا الملهوف وقفة َ مرسلٍ | حمل الأمانة َ هضبة ً أو أديتْ |
و اجهر بصوتك التي لو خاطبتْ | في السرّ أو عالَ القنانِ لأسمعتْ |
و قل التحية َ والسلامَ وحاجة ً | من بعدِ أن خابت وإن هي أنجحتْ |
يا أختَ سعدٍ فيم بات معذبا | قلبي عليك كأنما عيني جنتْ |
ردى الفؤادَ عليَّ فهو وديعة ٌ | مضمونة ٌ مغرومة ٌ إن ضيعتْ |
إن كان ظنكِ بالخيانة ِ والقلي | أن يشمتَ اللاحي عليك فقد شمتْ |
و عمية ِ الأوضاحِ خرساءِ الصدى | عشيتْ على ضوءِ الصباحِ وأظلمتْ |
مردتْ على عين الدليلِ ورأيهِ | فتخالهُ فيها أضلَّ بما خرتْ |
تتغايرُ البوغاءُ شميمهِ | فيها وينكرُ صوتهُ والملتفتْ |
مركوبة ٍ جوبُ المهاري جوها | غررُ المقامرِ فيه أخستْ أو زكتْ |
و إذا الركابُ استيأستْ في جهلها | كيف النجاءُ توكلتْ واستسلمتْ |
داوستها أبغى العلاءَ بهمة ٍ | لو شاورت أمَّ الشقيق لما سمتْ |
تفلى على الكرماء تنفضُ منهمُ | طرقَ المطالبِ أسهلتْ أو أحزنتْ |
و وراءها لولا المطامعُ منهمُ | قرباءُ لو قنعتْ بهم ما أبعدتْ |
نبهْ بني عبد الرحيم ولا تبلْ | معهم عيونَ الدهر كيف استيقظتْ |
و استفتهم في المجدِ تسألْ أنفسا | لقنتْ على جهل الورى وتفهمتْ |
خبثَ الترابُ وما عليه وماؤها | شرفٌ فطابت وحدها وتطهرتْ |
فكأن زاكي عرقها لم يسقَ من | ماءِ الزمانِ وفي ثراه ما نبتْ |
قومٌ إذا حدرَ التناكرُ لثمهمْ | و جلا الصفاحُ أكفهم فتحسرتْ |
كفرتْ وجوههم البدورَ وآمنتْ | لأكفهم أيدي السحابِ فكفرتْ |
شفعوا العلاء تليده بطريفه | فتقدمت علياؤهم وتأخرتْ |
ولدتهم الأرضُ التي قد أجمعتْ | في الأكثرين فأكيستْ وتنجبتْ |
جاءت بهم وهي الولودُ كأنهم | غرباءُ جاءوا في العقامِ أو القلتْ |
متواردين على العلاء كأنهم | ضربوا له ميقاتَ يومٍ لم يفتْ |
راضوا الأمورَ فتيهم كمسنهم | سومَ الكعوبِ تلاحقتْ فتنظمتْ |
شرعوا إلى ثغرِ الخطوب ذوابلا | لولا صنيعة ُ نفسها ما فضلتْ |
جوفاً ترى الصمَّ الصعابَ وراءها | في الحرب تقفو ما حذتْ أو مثلتْ |
كتبوا على شهب الطروس لنا كما | طعنوا على الخيل الورادِ أو الكمتْ |
و الجالسُ القوالُ منهم آخذٌ | منها بأنفاس الشجاع المنصلتْ |
خذ من حديثهمُ حديثَ قديمهم | و اعجب لأطراف العلا كيف التقتْ |
و اسأل زعيم الدين عما خلفه | من مجدهم فهو الشهادة والثبتْ |
قمرٌ هو المرآة عن أحسابهم | مهما رأت مما يقابلها حكتْ |
أدى فروضهمُ وسنَّ نوافلا | في المجد تممت الفروضَ وكملتْ |
فضحَ السوابقَ مالكٌ أشواطه | جاري الرياحَ فحلَّ عنه وقيدتْ |
و تقرطت أيامه بيتيمة ٍ | منه صفتْ للناظرين وأشرقتْ |
لم يدرِ جهدُ الغائصين وكيدهم | من أيّ أصداف البحار استخرجتْ |
قد جولوا فيها الظنونَ وأكثروا | بالخوض لما استغربتْ واستعظمتْ |
قالوا من البحر المحيطِ تصعدتْ | لا بل من الفلكِ المحيطِ تنزلتْ |
بيضاء ملء يد المنى ملمومة | ملكَ المنى وحوى الغنى من أعطيتْ |
يا جامعَ الحسناتِ بعد شذوذها | مزقاً وموجدها أوانَ تعذرتْ |
و مقطر الأقران عن صهواتِ ما | ربطتْ من الرأي الأصيل وضمرتْ |
كم واثقٍ منهم بعصمة ِ رأيه | و حسابهِ من هفوة ٍ أو من غلتْ |
ضايقته حتى أقرَّ بعجزه | لما وضعتَ لد يدك على النكتْ |
و منطقٍ ظنَّ البلاغة َ آية ً | نصبتْ له علما وشخصا صورتْ |
قال الكثيرَ موسعا لهواتهِ | عجبا فلما قلتَ واحدة ً سكتْ |
حسب الفصاحة َ في التشادقِ وحده | ما كلُّ ما وصف الأسودُ به الهرتْ |
و أرى الوزارة َ مذ حملتَ لواءها | نصرت على فشل الولاة وظفرتْ |
ساندت فيها ما عليك صلاحهُ | و فسادهُ إن أصلحتْ أو أفسدتْ |
ثنى أخوك أخاك فيها مسهما | و بعثتَ ثالثها الذي بك عززتْ |
أنتم فوارسها المذاود دونها | إن حوربت وملوكها إن سولمتْ |
و ظهوركم لصدورها مخلوقة ٌ | مظلومة ٌ إن ضويقت أو زوحمتْ |
نصبتْ لكم وتمهدتْ فمتى طرا | من غيركم طارٍ نبتْ واستوحشتْ |
هي ملككم فمتى استعيرت منكمُ | لتجملٍ وأردتموها استرجعتْ |
أبناء نسبتها وأبعلُ عذرها | و إذا عدتكم أعزبت وتأيمتْ |
تفدى أبا الحسنِ الترابَ وطئته | قممٌ هوت من تحتِ رجلك إذ علت |
و محدثٍ بك في الوساوس نفسه | نفسٌ لعمرك ضلة ٌ ما سولتْ |
لو ثاقلوك به وألقي يذبلٌ | معه لكانت قسمة ً ما عدلتْ |
أغنيتني بك عن سواك فلم أبلْ | فتحت أناملُ معشرٍ أو أقفلتْ |
و سقيتُ أعذبَ شربتيك فما أرى | بأسا ببارقة ٍ همتْ أو أخلبتْ |
و صفوتَ لي بالودّ والصهباءُ لم | تشبِ العقولَ بطعمها حتى صفتْ |
أنكرتُ ودَّ أخي وعهدَ أحبتي | و كريمُ عهدك طينة ٌ ما أخلقتْ |
فمتى طلبتُ من الزمان سواك أو | شرواك فاشهدْ أنَّ ذاك من العنتْ |
و لترضينك ما سمعتَ نواهضٌ | بالشكر لم تخفِ اللغوبَ ولا ونتْ |
يقضين ما أسلفن من ايدي غنى ً | وسعتْ حقوقَ المقرضين وأفضلتْ |
يغنى بها العرض الفقيرُ وإن رأت | عرضا غنيا زيدته وأثلتْ |
ريحانة ما استشفت أرواحها | و سلافة تصحى إذا ما أسكرتْ |
تقضي على الألباب أين خلاصها | من شوبها ما استحظيت أو ألغيتْ |
ضجتْ منابرها بدعوتها لكم | فلو ادعت بكم النبوة َ صدقتْ |
إن صاحبتْ يوما اليكم عاطلا | حلته أو تفلَ النواحي عطرتْ |
و المهرجان وكلّ يومٍ عاكم | في لطفه مما كستْ أو زخرفتْ |
فتملها وتمله متلوة ً | و مقابلاً ما كرّ أو ما أنشدتْ |
حتى ترى الأجداثَ تنفضُ أهلها | و الشمسَ في خضرائها قد كورتْ |