لعلها واليأسُ منها أغلبُ
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
لعلها واليأسُ منها أغلبُ | إن نأتِ اليومَ غداً تستقربُ |
حاجة ُ صدرٍ لك لا ملفوظة ٌ | و لا تسوغُ حلوة ً فتشربُ |
أضحكُ من مواعدِ الدهرِ بها | مما يجيءُ باطلا ويذهبُ |
و دونها أن ينتهي لجاجها | ذو صبغتين دينه التقلبُ |
في كلّ يومٍ مرسلٌ مغالطٌ | لي عنده وشافعٌ محببُ |
و حلفة ٌ كاذبة ٌ وفي فمي | شكيمة ٌ من أن أقولَ تكذبُ |
ملَّ فلا الحصاة ُ من فؤاده | تلينُ لي ولا اللسانُ يرطبُ |
اللهَ يا هيفاءُ لي في زمنٍ | نعيمهُ بعدكمُ معذبُ |
و كبدٍ يصدعها كلُّ أسى ً | بها الكبودُ القرحاتُ تشعبُ |
لا سلوة ُ البعدِ المريحِ عصمة ٌ | منكِ ولا الهمّ المراح يعزبُ |
و كلما أطمعَ فيكِ سببٌ | آملهُ أياسَ منكِ سببُ |
يعيشُ قلبي وهو عيشٌ مؤلمٌ | ثم يموتُ وهو موتٌ طيبُ |
نفسكَ يا معطي الهوى قياده | إنك في خيط الهوانِ تجنبُ |
و إن هويتَ فانتصرْ بغدرة ٍ | عن ثقة ٍ أنَّ الوفاءَ العطبُ |
قالت على البيضاء أختُ عامرٍ | أسفرَ في فوديك ذاك الغيهبُ |
و من بلاياكِ وإن عبتِ به | شبابُ حبيَّ وعذاري الأشيبُ |
غدركِ والخمسونَ أيّ روضة ٍ | قشيبة ٍ بينهما لا تجدبُ |
و ما الذي أنكرتهِ من ليلة ٍ | يطلعُ فيها قمرٌ أو كوكبُ |
ما نصلتْ إلا بماءِ مقلتي | فليتها بماءِ قلبي تخضبُ |
و عاذلٍ لا سقيتْ غلتهُ | بالغور ما يروى ولا ما يعذبُ |
يزعمُ أن كلَّ دارٍ رامة ٌ | و أنّ كلَّ ذاتِ حجلٍ زينبُ |
حلفتُ يومَ ينحرُ الناسُ بها | ساجدة ً أذقانها والركبُ |
يعطى المنى منها الذي يستامهُ | طلى ً تطيحُ وجنوبٌ تجبُ |
مثل التلاعِ بازلاً وحقة ً | قامَ عليهنّ الربيعُ المخصبُ |
و المشرفاتِ من منى كأنها | على ظهور الهضباتِ حدبُ |
و بالملبينَ سعوا فنفضوا | ذنوبهم وجمروا وحصبوا |
و ما حوى وأي فضلٍ ما حوى | ذاك العتيقُ البارزُ المحجبُ |
لو نسبَ المجدُ لما كان إلي | غير بني عبد العزيزِ ينسبُ |
من أرضهم طينتهُ وفيهمُ | رواقهُ وبيتهُ المطنبُ |
أقسمَ لا فارقهم وأقسموا | ما دام خلداً من أبانَ منكبُ |
حيَّ على رغم البدورِ غرراً | تقدحُ في فحم الدجى فتثقبُ |
وردْ نفوسا حرة ً وأيديا | تحيلُ في المحلِ عليها السحبُ |
تبادروا الجودَ فلاطوا حوضهُ | لهم ليالي وردهِ والقربُ |
و انتظموا سوددهم القنا | لكن صدورٌ ليس فيها أكعبُ |
داسوا بأعقابهمُ هامَ العلا | و اقتعدوا ظهورها واعتقبوا |
شمّ الأنوفِ والسيوفِ قصرتْ | دروعهم وهي سباغٌ تسحبُ |
يمشونَ رجلي فيخالُ أنهم | من شارة ٍ ومن شطاطٍ ركبوا |
توارثوا الملكَ فلا خلافة ٌ | إلا لهم سريرها والموكبُ |
و منهمُ في حربها وسلمها | رمحٌ يخطُّ ولسانٌ يخطبُ |
حليُّ كلَّ دولة ٍ عاطلة ٍ | و بشرُ كلَّ نعمة ٍ تقطبُ |
إذا الخطوبُ حسمتْ بخدعة ٍ | أو ردعة ٍ لانوا لها وصعبوا |
إن كتبوا قلتَ اصطلاما طعنوا | أو طعنوا قلتَ بلاغاً كتبوا |
ترى الجبالَ في الحبى إن جلسوا | و الأسدَ هيجَ شرها إن وثبوا |
لهم قدامى الفخرِ ما تنقلهُ | لك الرواة ُ وتريك الكتبُ |
و خيرُ ما استطرفتهُ حديثهم | إذا الكرامُ زانهم ما أعقبوا |
و ولدوا أبا الحسين فرأى ال | مجدُ به كيف نموا وأنجبوا |
برزتَ في عقدهمُ واسطة ً | لها من الأبصار ما يستلبُ |
بيضاءَ مما أبغضَ الغواصُ في ال | فحص عليها أنفساً تحببُ |
و مطلتهم دونها أمنية ٌ | رواغة ٌ وحقبٌ وحقبُ |
حتى قضى الصبرُ لهم قضاءهُ | و استحييتِ الأيام مما نصبوا |
فاستخرجوها تملأ الراحة َ وال | عينَ فقالوا درة ٌ أم كوكبُ |
و شرفتْ فلقبتْ فخرَ العلا | لو لم يقعْ دون سناها اللقبُ |
و كيف لا تطلعُ بدرا فيهمُ | و الشمسُ جدٌّ لك والنجمُ أبُ |
ألقى الكمالُ طائعا عنانهُ | اليك يرخى تارة ويجذبُ |
و أقعصَ الأقرانَ عنك قلمٌ | ممرنٌ وخاطرٌ مدربُ |
و قمتَ قرحانا فتيا بالعلا | قيدَ عنك القارحُ المجربُ |
ورثتَ فضلا لو قنعتَ لكفي | لكن أبيتَ غيرَ ما تكتسبُ |
كالليثِ لا تحلو له فريسة ٌ | لا ينتقي فيها ولا يخلبُ |
و كم سواك لم يجزْ حسابهُ | أعدادَ ما تملي عليه الحسبُ |
حويتَ إعظاما وقد مثلتَ لي | رائدَ عينيَّ وقلتَ تكذبُ |
أدمية ٌ صيغتْ أم البدرُ هوى | و بشرٌ أم ملكٌ مقربُ |
معجزة ٌ جاء الزمانُ غلطا | بها وآوى ٌ كلهنَّ عجبُ |
و كرمٌ على اللسان حاضرٌ | يشفُّ منه الكرمُ المغيبُ |
و راحة ٌ مطلقة ٌ طارحها ال | عرضُ المصونُ أن يهون النشبُ |
سحرتني ودارُ عزي بابل | و قدتني وأمُّ رأسي تصعبُ |
و ملكتني لك نشوانَ الهوى | خلائقٌ غناؤهنّ مطربُ |
ملأتَ بالبشرِ وطابَ أملي | و بعضهم بكيئة ٌ لا تحلبُ |
حتى رقى الحاوي فأصيغتُ له | و كدتُ مع شدة ِ زهدي أرغبُ |
و قلت عاش لزهيرٍ هرمٌ | و قام في أهل الزبيرِ مصعبُ |
أرضيتني عن الزمان بعد ما | حرقَ أضلاعي عليه الغضبُ |
و عاد بردا وسلاما بك لي | ما توقدِ الدنيا وما تحتطبُ |
أغنيتني قبلَ اللها مودة ً | و الودّ عندي خيرُ رفدٍ يوهبُ |
و قربتني منك أولى نظرة ٍ | حتى كأنا لم نزل نصطحبُ |
فراسة ٌ أيقظك المجدُ لها | و فطنة ٌ على سواك تعزبُ |
و همة ٌ إذا ركبتَ ظهرها | أدركتَ من أخرى العلا ما تطلبُ |
فاسمع أقرطك شنوفا درها | لغير آذانكمُ لا يثقبُ |
من المصوناتِ التي تعنستْ | خلف الخدورِ وهي بكرٌ تخطبُ |
تنافسَ الملوكُ في مهورها | و اقترعوا في حبها واحتربوا |
عندهمُ الرغبة ُ والودّ لها | و عندها الملالُ والتجنبُ |
و زادها نزاهة ً وورعاً | مني أبٌ على البناتِ حدبُ |
ليس عليه للتمني طاعة ٌ | و لا له في الشهواتِ أربُ |
لا يمدح الناسَ ولكن مدحكم | يلزمُ في دين العلا ويجبُ |