نعم هذه يا دهرُ أمُّ المصائبِ
مدة
قراءة القصيدة :
7 دقائق
.
نعم هذه يا دهرُ أمُّ المصائبِ | فلا توعدني بعدها بالنوائبِ |
هتكتَ بها ستر التجاملِ بيننا | و لم تلتفت فينا لبقيا المراقبِ |
و ما زلت ترمى صفحتي بين عاصدِ | و منحرفٍ حتى رميتَ بصائبِ |
فرأيكَ في قودي فقد ذلَّ مسحلي | و شأنكَ في غمزي فقد لان جانبي |
و لا تحسبني باسطا يدَ دافعٍ | و لا فاتحا من بعدها فمَ عاتبِ |
و لا مسبغا فضفاضة ً أبتغي بها | شبا طاعنٍ من حادثاتك ضاربِ |
لها كنتُ أستبقي الحياة َ وأحتمي | و أجمعُ بردى من أكفَّ الجواذبِ |
وَ لجتَ رواقَ العزّ حتى اقتحمتهُ | بلا وازعٍ عنه ولا ردَّ حاجبِ |
و أنشبتَ في صماءَ عهدي بمتنها | صفيقَ المطا زليقة يالمخالبِ |
سددتَ طريقَ الفضلِ من كلِ وجهة ٍ | و ملتَ على العلياء من كلّ جانبِ |
فلا سننٌ إلا محجة ُ تائهٍ | و لا أملٌ إلا مطية ُ خائبِ |
أبعدَ ابنِ عبد اللهِ أحظى براجعٍ | من العيش أو آسى على إثرْ ذاهبِ |
و أرسلُ طرفي رائدا في خميلة ٍ | من الناسِ أبغى نجعة ً لمطالبي |
و أقدحُ زندا وارياً من هوى أخٍ | و أكشفُ عن ودًّ خبيئة َ صاحبِ |
و أدفعُ في صدرِ الليالي بمثلهِ | فترجعَ عني دامياتِ المناكبِ |
أبى َ ذاك قلبٌ عنه غيرُ مغالطٍ | برجمٍ وحلمٌ بعدهُ غيرُ عازبِ |
و أنَّ خروقَ المجدِ ليستْ لراقع | سواه وصدعَ الجودِ ليس لشاعبِ |
طوى الموتُ منه بردة ً في دروجها | بقية ُ أيامِ الكرامِ الأطايبِ |
محبرة ً سدى وألحمَ وشيها | صناعٌ بحوك المكرماتِ الرغائبِ |
كسا اللهُ عطفَ الدهرِ حيناً جمالها | فلما طغى قيضتْ لها يدُ سالبِ |
لئن درستْ منها الخطوطُ فإنه | ليبقى طويلا عرفها في المساحبِ |
و جوهرة ً في الناس كانت يتيمة ً | و هل من أخٍ للبدرِ بين الكواكبِ |
أبى الحسنُ أن يحبى َ بها عقدُ ناظمٍ | فتسلكَ أو يسمولها تاجُ عاصبِ |
فمدتْ إليها بالردى يدُ كاسرٍ | و كان يقيها المجدُ من يد ثاقبِ |
سل الموتَ هل أودعتهُ من ضغينة ٍ | تنقمَ منها فهو بالوترْ طالبي |
له كلَّ يومٍ حولَ سرحيَ غارة ٌ | يشرد فيها بالصفايا النجائبِ |
سلافة ُ إخواني وصفوة ُ إخوتي | و نخبة ُ أحبابي وجلُّ قرائبي |
فليتَ عفا عن أحمدٍ فادياً له | بمصرمة ٍ مما اقتنيتُ وحالبِ |
أألآن لما اشتدّ متني بوده | و ردتْ ملاءً من نداه حقائبي |
و جمتْ لآمالي العطاشِ حياضهُ | و كانت تخلى َّ عن نطافِ المشاربِ |
فجعتُ به غضَّ الهوى حاضرَ الجدي | جديدَ قميص الودّ سهلَ المجاذب |
كأني على العهدِ القريبِ اعتلقتهُ | بطولِ اختباري أو قديم تجاربي |
سددتُ فمَ الناعي بكفي تطيرا | و لويتُ وجهي عنه ليَّ مغاضبِ |
و قلتُ تبينْ ما تقولُ لعلها | تكون كتلك الطائراتِ الكواذبِ |
فكم غامَ من أخباره ثم أقشعتْ | سحابتهُ عن صالحِ الحالِ ثائبِ |
فلما بدا لي السرُّ في كرَّ قوله | ربطتُ نوازي أضلعي بالرواجبِ |
و ملتُ إلى ظلًّ من الصبر قالصٍ | قصيرٍ وظنًّ بالتجملِ كاذبِ |
و نفسٍ شعاعٍ قد أخلَّ وقارها | بعادتهِ في النازلاتِ الصعائبِ |
و عينٍ هفا الحزنُ الغريبُ بجفنها | فطاحَ ضياعا في الدموعِ الغرائبِ |
أسائلُ عنه المجدَ وهو معطلٌ | سؤالَ الأجبَّ عن سنامٍ وغارب |
و أستروحُ الأخبارَ وهي تسوءني | علائقَ منها في ذيولِ الجنائبِ |
فيفصحُ لي ما كان عنه مجمجماً | و يصدقني ما كان عنه مواربي |
فقيدٌ بميسانَ استوت في افتقاده | مشارقُ آفاق العلا بالمغاربِ |
و قيدَ الحياءُ والسماحُ فأرجلا | عقيرينِ في تربٍ له متراكبِ |
تنافثُ عن جمرِ الغضا نادباتهُ | كأنّ فؤادي في حلوقِ النوادبِ |
بكتْ أدمعا بيضا ودمتْ جباهها | فتحسبها تبكي دماً بالحواجبِ |
هوتْ هضبة ُ المجدِ التليدِ وعطلتْ | رسومُ الندى وانقضَّ نجمُ الكواكبِ |
وردتْ ركابُ المخمسين بظمئها | تكدّ الدلاءَ في ركايا نواضبِ |
و منْ يستبلُّ المسنتونَ بسيبهِ | فيرجعَ خضراً بالسنيين الأشاهبِ |
و مولى كشفتَ الضيمَ عنه وقد هوى | به الذلُّ في عمياءَ ذاتِ غياهبِ |
فلما رآك استشعرَ النصفَ واستوتْ | به رجلهُ في واضح متلاحبِ |
و فيمن يصاغُ الشعرُ بعدك ناظما | عقودَ الثناءِ حاظياً بالمناقبِ . |
و أين أخوك الجودُ من كف راغبٍ | إذا لم تكن قسامَ تلك الرغائبِ |
و من ذا يعي صوتي ويعتدّ نصرتي | جهادا وودي من وشيج المناسبِ |
برغميَ أنْ هبَّ النيامُ وأنني | دعوتكَ وجهَ الصبح غيرَ مجاوبِ |
و أن لا ترى مستعرضا حاجَ رفقة ٍ | و لا سائلاً من أين مقدمُ راكبِ |
و كنتُ إذا ما الدهرُ شلَّ معاطني | دعوتكَ فاستنفذتَ منه سلائبي |
ذخيرة ُ أنسى يومَ يوحشني أخي | و بابي إذا سدتْ على مذاهبي |
و كم من أخٍ برًّ وإن أنا لم أجدْ | كأنتَ أخاً في أسرتي والأجانبِ |
سرى الموتُ من أوطانه في مآلفي | و نقبَ من أخلافهِ عن حبائبي |
عجبتُ لهذي الأرض كيف تلمنا | لتصدعنا والأرضُ أمُّ العجائبِ |
نطاردُ عن أرواحنا برماحنا | و نطربُ من أيامنا للحرائبِ |
و تسحرنا الدنيا بشبعة ِ طاعمٍ | هي السقمُ المردى ونهلة ِ شاربِ |
أحدثُ نفسي خاليا بخلودها | فأين أبي الأدنى وأين أقاربي |
و لا كنتُ إلا واحداً من عشيرة ٍ | و لا باقيا في الناس إلا ابن ذاهب |
فهل أنا أجبي من مقاول حميرَ | و أمنعُ ظهرا من مشيد ماربِ |
و هل أخذتْ عهد السموءلِ لي يدٌ | من الموت أو عندي حنية ُ حاجبِ |
أردّ شفارا عن نحورِ صحابة ٍ | كأنيَ دفاعٌ لها عن ترائبي |
و لا علمَ لي من أيّ شقيَّ مصرعي | و في أيما أرضٍ يخطُّ لجانبي |
إذا كان سهمُ الموتِ لا بدّ واقعا | فيا ليتني المرمى من قبلِ صاحبي |
و يا ليتَ مقبورا بكوفان شاهدٌ | جوايَ وإن كانت شهادة َ غائبِ |
و ليتَ بساط الأرض بيني وبينه | طوته على الأعضادِ أيدي الركائبِ |
فعجبتُ عليه واقفاً فمسلما | و إن هوَ يفقهْ حديثَ المخاطبِ |
و ليتَ طريفَ الودّ بيني وبينه | و إن طابَ يوماً لم يكن من مكاسبي |
سلامٌ على الأفراح بعدك إنها | و إن عشتُ ليست إربة ً من مآربي |
إذا دنس الحزنَ السلوُّ غسلتهُ | فعاد جديدا بالدموعِ السواكبِ |
و إن أحدثتْ عندي يدُ الدهرِ نعمة ً | ذكرتك فيها فاغتدتْ من مصائبي |
أداري عيونَ الشامتين تجلدا | و أبسمُ منهم في الوجوهِ القواطبِ |
أريهم بأني ثابتُ الريش ناهضٌ | و تحت جناحي جانفاتُ المخالبِ |
سقتكَ بمعتادِ الدموع مرشة ً | أفاويقُ لم تخدج بلمعة ِ خالبِ |
يلوث خطافُ البرقِ في جنباتها | بهامِ الهضابِ السودِ حمرَ العصائبِ |
لها فوق متنِ الأرض وهي رفيقة ٌ | بما صافحت وخدُ القرومِ المصاعبِ |
ترى كلَّ تربٍ كان يعتاضُ ليناً | لها وغلاماً كلَّ أشمطَ شائبِ |
إذا عممتْ جلحاءُ أرضٍ بوبلها | غدتْ روضة ً وفراءَ ذات ذوائبِ |
و إن كان بحرٌ في ضريحك غانيا | بجماتهِ عن قاطراتِ السحائبِ |