قضى دينَ سعدي طيفها المتأوبُ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
قضى دينَ سعدي طيفها المتأوبُ | و نول إلا ما أبى المتحوبُ |
سرى فأراناها على عهد ساعة ٍ | و من دونها عرضُ الغويرِ فغربُ |
فمثلها لا عطفها متشمسٌ | و لا مسها تحت الكرى متصعبُ |
تحيي نشاوى من سرى الليل ألصقوا | جنوبا بجلدِ الأرض ما تتقلبُ |
إذا أنسوا بالليل جاذبَ هامهم | حوافرُ قطعِ الليل والنومُ أطيبُ |
و في التربِ مما استصحبَ الطيفُ فعمة ٌ | يرواح قلبي نشرها المتغربُ |
فعرفني بين الركاب كأنما | حقيبة ُ رحلى باقيَ الليلِ مسحبُ |
ألا ربما أعطتك صادقة َ المنى | مصادفة ُ الأحلامِ من حيثُ تكذبُ |
و يومٍ كظلَّ السيفِ طال قصيرهُ | على حاجة ٍ من جانبِ الرملِ تطلبُ |
بعثتُ لها الوجناءَ تقفو طريقها | أمامَ المطايا تستقيمُ وتنكبُ |
فمالت على حكم الصبا لمحجرٍ | و للسير في أخرى مظنٌّ ومحسبُ |
أعدْ نظراً واستأنِ يا طرفُ ربما | تكون لالتي تهوى التي تتجنبُ |
فما كلُّ دارٍ أقفرتْ دارة ُ الحمى | و لا كلّ بيضاءِ الترائبِ زينبُ |
عجبتُ لقلبي كيف يستقبل الهوى | و يرجو شبابَ الحيّ والرأسُ أشيبُ |
تضمُّ حبالَ الوصل من أمَّ سالمٍ | و حبلكَ بعد الأربعينَ مقضبُ |
و ليس لسوداءِ اللحاظِ ولو دنا | بها سببٌ في أبيض الرأس مطربُ |
و لائمة ٍ في الحظّ تحسبُ إنه | بفضلِ احتيالِ المرءِ والعسي يجلبُ |
رأت شعثاً غطى عليه تصوني | و عيشا بغيضا وهو عندي محببُ |
و قد كنتُ ذا مالٍ مع الليل سارحٍ | على ّ لو أن المالَ بالفضلِ يكسبُ |
و لكنه بالعرضِ يشرى خياره | و ينمي على قدرِ السؤالِ ويخصبُ |
و ما ماءُ وجهي لي إذا ما تركتهُ | يراقُ على ذلَّ الطلابِ وينضبُ |
و إنكِ لا تدرين واليومُ حاضرٌ | بحال اختلالي وما غدا لي مغيبُ |
لعلّ بعيداً ما طلتْ دونه المنى | سيحكم تاجُ الملكِ فيه فيقربُ |
فما فوقه مرمى لظنًّ موسعٍ | و لا عنه للحقّ المضيعِ مذهبُ |
و إن فاتني من جودهِ واصطفائهِ | إلى اليوم ما تسنى يداه ويوهبُ |
و أيبسَ ربعي وحده من سحابة ٍ | تبيتُ لمثلى من عطاياه تسكبُ |
فرجليَ كانت دون ذاك قصيرة ً | و حظيَ فيما جازني منه مذنبُ |
و لا لومَ أن لم يأتني البحرُ إنما | على قدر ما أسعى إلى البحرِ أشربُ |
حمى بيضة َ الإسلامِ ليثٌ تناذرتْ | ذئابُ الأعادي الطلسُ عما يذببُ |
و زانت جبينَ المكِ درة ُ تاجهِ | فما ضره أيُّ العمائم يسلبُ |
و في بالمعالي مستقلاً بحملها | متينٌ إذا خارت قوى العزمِ صلبُ |
تريه خفياتِ الشوا كلِ فكرة ٌ | بصيرٌ بها من خطفة ِ النجم أثقبُ |
إذا استقبل الأمرَ البطيءَ برأيه | تبينَ من أولاهُ ما يتعقبُ |
و مزلقة ِ المتنين تمنعُ سرجها | و تسألُ قوسُ اللجمِ من أين تصحبُ |
أبتْ أن يطيف الرائضون بجنبها | فقودتها مملوكة َ الظهرِ تركبُ |
و يومٍ بلون المشرفية ِ أبيضٍ | و لكنه مما يفجرُ أصهبُ |
إذا أسفرتْ ساعاتهُ تحت نقعهِ | عن الموتِ ظلت شمسه تنتقبُ |
صبرتَ له نفساً حبيباً بقاؤها | إلى المجدِ حتى جئتَ بالنصرِ يجنبُ |
كواسطَ والأنبارُ أمس كواسطٍ | و من إيما يوميك لا أتعجبُ |
و كم دولة ٍ شاختْ وأنتَ لها أخٌ | و أخرى تربيها وأنتَ لها أبُ |
ينام عزيزا كهلها وغلامها | و أنت عليها المشبلُ المتحدبُ |
أرى الوزراءَ الدارجين تطلبوا | على فضلهم ما نلتهُ فتخيبوا |
تباطوا عن الأمر الذي قمت آخذا | بأعجازه واستعبدوا ما تقربُ |
فلو لحقتْ أيامهم بك خلتهم | بهديك ساروا أو عليك تأدبوا |
نهيتُ الذي جاراك راكبَ بغيهِ | إلى حينه والبغيُ للحينِ مركبُ |
و قلتُ تفللْ إنما أنت حابلٌ | على جنبك الواهي تحشُّ وتحطبُ |
دعِ الرأسَ واقنع بالوسيطة ِ ناجياً | بنفسك إن الرأسَ بالتاج أنسبُ |
و إن وليّ الأمر دونك ناهضُ ال | بصيرة ِ طبٌّ بالخطوب مدربُ |
و أهيبُ فينا من قطوبك بشرهُ | و ما كل وجهٍ كالحٍ يتهيبُ |
بفعلك سدْ إن الأسامي معارة ٌ | و بالنفس فاخرْ لا بمن قمتَ تنسبُ |
تمنوكَ تاجَ الملكِ أن يتعلقوا | غبارك وابنُ الريح في السبق أنجبُ |
فظنوا تكاليفَ الوزارة سهلة ً | و منكبُ رضوى في العريكة يصعبُ |
فلا زلتَ تلقى النصرَ حيث طلبته | بجدك يعلو أو بسيفك يضربُ |
تمدُّ لك الدنيا مطاها ذليلة ً | فتركبُ منها ما تشاءُ وتركبُ |
إلى أن ترى ظهرَ البسيطة ِ قبضة ً | بكفيك يلقى مشرقاً منه مغربُ |
و قيضَ لي من حسنِ رأيك ساعة ٌ | يساعف فيها حظيَ المتجنبُ |
فتمطرني من عدلِ جودك ديمة ٌ | تبلُّ ثرى حالي بما أنا مجدبُ |
لعل خفياً كامنا من محاسني | تبوحُ به نعماك عني وتعربُ |
و من ليَ لو أنيَّ على العجز ماثلٌ | بناديك يصغى المفحمون وأخطبُ |
فتشهد أني ما عدمتُ فضيلة ً | إلى مثلكم مثلي بها يتقربُ |
و تعلم مني كيفَ أمدحُ ناظما | فإنك تدري ناثراً كيف أكتبُ |