احلقوا كله أو اتركوا كله
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
"احْلِقوا كُلَّهُ أَوِ اترُكوا كلَّهُ"مما ابتُلي به بعض الناس اليوم، واغترَّ به بعض الآباء والأمهات - هذه القصَّات المستوردة من الغرب لشعر رأس الصبيان على أشكال متعددة، ظنًّا منهم أن هذا اتباعٌ لأحدث الموضات، أو تشبُّهًا بالمشاهير من الفنانين ولاعبي الكرة، وقد يجهل بعضهم حكم ذلك، ولو علموا لتجنَّبه كثيرٌ منهم، وهو ما يسمى بالقزع: وهو أن يحلق بعض رأسه ويترك بعضه الآخر؛ سواء كان من جانب واحد، أو من كل الجوانب، أو من فوق أو من اليمين، أو من الشمال، ويحلق وسطه ويترك جانبيه أو العكس، المهم أنه إذا حلَق بعض الرأس وترَك بعضه، فهذا قَزَعٌ، وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم.
الأدلة: روى البخاري ومسلم عنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (نَهَى عَنْ الْقَزَعِ)، قيل لنافع: ما القزع؟ قال: (أن يحلق بعض رأس الصبي ويترك بعضه).
وروى الإمام أحمد عن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (رَأَى صَبِيًّا قَدْ حُلِقَ بَعْضُ شَعَرِهِ وَتُرِكَ بعضه، فنهى عَنْ ذلك وقال: (احْلِقُوا كُلَّهُ أَوْ اتْرُكُوا كُلَّهُ)؛ صححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "من كمال محبة الله ورسوله للعدل، فإنه أمر به حتى في شأن الإنسان مع نفسه، فنهاه أن يحلق بعض رأسه ويترك بعضه، أنه ظلم للرأس؛ حيث ترك بعضه كاسيًا وبعضه عاريًا".
وقال أهل العلم: إن العلة في النهي عن القزع أنه تشويه للخلق وتشبُّه بالكافرين.
وقد نهانا الله عن اتِّباع الكافرين وتقليدهم في مثل هذه الأمور؛ لأنه تعبير عن حبِّهم وموالاتهم:
﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [المجادلة: 22].