حديث الخيال
مدة
قراءة المادة :
دقيقتان
.
حَدِيثُ الـخَيَالجمع الـخَيَالُ مرةً بيني وبين ثُلَّة مِن الأصدقاء، وقادني للجلوس معهم، فأكثرنا مِن القيل والقال، وتحدَّثْنا فيما لا فائدة منه..
كان معنا مَن لزِم الصَّمت، وهجَر الكلام، فلما رأيناه على تلك الحال، بادرناه بهذا السؤال:
ما لك تلزم الصمت؟ ولا تشاركنا الحديث؟
♦ ولِـمَ لا ألزم الصمت؟! وقد قيل: مَن لزِم الصمت قلَّ خطؤه، وكثُر صوابه.
ويقال: لا يزال الرَّجلُ مُهابًا ما لزِم الصمت.
وخير الخلق يقول: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقُلْ خيرًا أو ليصمت).
ولو كنتم تتحدثون في خيرٍ لشاركتكم الحديث.
ثم استطرد في الحديث بقوله: أتعلمون أننا لو قضينا هذا المجلس في قراءة كتاب أو مدارسة علمية أو تبادلنا أطراف الحديث عن لطائف قرآنية أو نوادر لغوية أو مسائل فقهية أو وقائع تاريخية أو مشاكل اجتماعية..
لحصلنا على فائدة عظيمة، ونِلْنا الأجر الكبير، واغتنمنا هذا الوقت المهدر..
أطرقنا رؤوسنا حياءً منه، فقد كان على حقٍّ فيما قاله..
وحين رآنا على تلك الحال وجدها فرصة ثمينة لنصحنا، فزادنا من جميل كلامه بقوله: أتضيع مجالسنا، وتنقضي أوقاتنا، وتفنى أعمارنا، فيما لا خير فيه، ونحن مسؤولون عنه يوم القيامة، إننا نضيَّع الكثير من الوقت ثم ندَّعي بأننا مشغولون جداً، إن الوقت أكثر ما نحتاج إليه، لكنه أسوأ ما نستخدمه، ومشكلتنا معه أننا لا نستطيع ادَّخاره كالمال..
وما ضاع منه لا يمكن استرجاعه..
وضياعه في الحقيقة هو ضياعٌ للحياة؛ لأن الوقت هو الحياة..
لقد كنا نسمع في المدرسة كل صباح: (الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك)..
لم نكن نعرف قيمة تلك الحكمة حتى كثُرت مشاغلنا، وتعمَّقنا في متاهات الحياة، ومع ذلك لا يزال الكثير منه يُهدر، فمتى سنحافظ على وقتنا حقَّ المحافظة؟!