هوى لي وأهواءُ النفوسِ ضروبُ
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
هوى لي وأهواءُ النفوسِ ضروبُ | تجانبُ قوسي أن تهبَّ جنوبُ |
يدلُّ عليها الريفُ أين مكانهُ | و يخبرها بالمزنِ كيفَ يصوبُ |
و نمشى على روضِ الحمى ثم نلتقي | فيبلغني منها الغداة َ هبوبُ |
أماني بعيدٍ لو رآها لسرها | مكانَ الحيا من مقلتيه غروبُ |
و دمعْ إذا غالطتُ عنه تشاهدتْ | قوارفُ في خدي له وندوبُ |
على أنّ ذكرا لا تزال سهامهُ | ترى مقتى من مهجتي فتصيبُ |
إذا قيل ميٌّ لم يرعني بحلمه | حياءٌ ولم يحبسْ بكاي رقيبُ |
أعير المنادى باسمها السمعَ كله | على علمه أني بذاك مريبُ |
و كم ليَ في ليل الحمى من إصاخة ٍ | إلى خبر الأحلامِ وهو كذوبُ |
توقرُ منها ثم تسفهُ أضلعي | و يجمدُ فيها الدمعُ ثم يذوبُ |
و ما حبُّ ميًّ غيرُ بردٍ طويتهُ | على الكرهِ طيَّ الرثَّ وهو قشيبُ |
رأتْ شعراتٍ غيرَ البينُ لونها | فأمست بما تطريه أمس تعيبُ |
أساءكِ أن قالوا أخٌ لكِ شائبٌ | فأسوأُ منه أن يقالَ خضيبُ |
و من عجبٍ أنَّ البياضَ ولونه | اليكِ بغيضٌ وهو منكِ حبيبُ |
أحينَ عسا غصني طرحت حبائلي | إليّ فهلا ذاك وهو رطيبُ |
يظنينهُ من كبرة ٍ فرطَ ما انحنى | كأنْ ليس في هذا الزمان خطوبُ |
فعدى سنيهِ إنما العهدُ بالصبا | و إن خانه صبغُ العذارِ قريبُ |
و في خطلِ الرمح انحناءٌ وإنما | تعدُّ أنابيبٌ له وكعوبُ |
هموميَ من قبل اكتهالي تكهلٌ | و غدركِ من قبل المشيبِ مشيبُ |
و ما كان وجهٌ يوقدُ الهمُّ تحته | لتنكرَ فيه شيبة ٌ وشحوبُ |
لو أنّ دمي حالتْ صبيغة ُ لونهِ | مبيضة ً ما قلتُ ذاكَ عجيبُ |
ألم تعلمي أنَّ الليالي جحافلٌ | و أنَّ مداراة َ الزمانِ حروبُ |
و أنَّ النفوسَ العارفاتِ بلية ٌ | و حملَ السجايا العالياتِ لغوبُ |
يسيغُ الفتى أيامهُ وهو جاهلٌ | و يغتصُّ بالساعاتِ وهو لبيبُ |
و بعضُ موداتِ الرجالِ عقاربٌ | لها تحت ظلماء العقوقِ دبيبُ |
تواصوا على حبَّ النفاقِ ودينهُ | بأنْ يتنافى َ مشهدٌ ومغيبُ |
فما أكثرَ الإخوانَ بل ما أقلهم | على نائباتِ الدهر حين تنوبُ |
و قبلَ ابنِ عبدِ الله ما خلتُ أنه | يرى في بني الدنيا الولودِ نجيبُ |
ألا إن المجدِ يخلصُ طينهُ | و كلّ الذي فوق التراب مشوبُ |
سقى الله نفسا مذ رعت قلة َ العلا | فكلُّ مراعيها أعمُّ خصيبُ |
و حيا على رغم الغزالة ِِ غرة ً | إذا طلعتْ لم تدجُ حين تغيبُ |
و حصنَ صدرا قلبُ أحمدَ تحته | يضيق ذراعُ الدهر وهو رحيبُ |
من القوم بسامون والجوُّ عابسٌ | و راضون واليومُ الأصمّ غضوبُ |
رأوا بابنهم ليثَ الشرى وهو ساربٌ | لحاجته والبحرَ وهو وهوبُ |
فتى ً سودته نفسهُ قبل خطه | و شابت علاه وهو بعدُ ربيبُ |
و قدمه أن يعلقَ الناسُ عقبهُ | سماحٌ مع الريح العصوفِ ذهوبُ |
و رأيٌ على ظهر العواقبِ طالعٌ | إذا أخطأ المقدارُ فهو مصيبُ |
إذا ظنَّ أمراً فاليقينُ وراءه | و يصدق ظنُّ تارة ً ويحوبُ |
و خلقٌ كريمٌ لم يرضهُ مؤدبٌ | تمطقَ فوه الثديَ وهو أديبُ |
تحمل أعباءَ الرياسة ِ ناهضا | بها قاعدا والحادثاتُ وثوبُ |
و صاحتْ به الجلى لسدّ فروجها | فأقدمَ فيها والزمانُ هيوبُ |
و كم عجمتهُ النائباتُ فردها | رداداً وعاد النبعُ وهو صليبُ |
هناك اتفاقُ الناسِ أنك واحدٌ | إذا كان للبدر المنير ضريبُ |
و أعجبُ ما في الجودِ أنك سالبٌ | به كلَّ ذي فضل وأنتَ سليبُ |
أأنسى لك النعمى التي تركتْ فمي | يصعدُ يبغي شكرها ويصوبُ |
ملكتَ فؤادي عند أول نظرة ٍ | كما صاد عذرياً أغنُّ ربيبُ |
و كنتُ أخاف البابليَّ وسحرهُ | و لم أدر أن الواسطيَّ خلوبُ |
و غناك أقوامٌ بوصفِ مناقبي | فرنحَ نشوانٌ وحنَّ طروبُ |
رفعتَ منارَ الفخرِ لي بزيارة ٍ | و سمتَ بها مغنايَ وهو جديبُ |
و كنتَ لداءٍ جئتني منه عائداً | شفاءً وبعضُ العائدين طبيبُ |
و أنهلتنيَ من خلقك العذبِ شربة ً | حلتْ لي وما كلُّ الدواء يطيبُ |
و لما جلا لي حسنَ وجهك بشرهُ | تبينَ في وجه السقام قطوبُ |
أجبتَ وقد ناديتُ غيرك شاكيا | و ذو المجد يدعى غيرهُ فيجيبُ |
فطنتَ لها أكرومة ً نام غفلة ً | من الناس عنها مائقٌ وأريبُ |
ذهبتَ بها في الفضل ذكراً بصوته | سبقتَ فلم يقدر عليك طلوبُ |
لئن كان في قسم المكارم شطرها | فللدين فيه والولاءِ نصيبُ |
و إن أك من كسرى وأنت لغيره | فإنيَ في حبّ الوصيّ نسيبُ |
ستعلمُ أنَّ الصنع ليس بضائعٍ | عليّ ولا الغرسَ الزكيَّ يخيبُ |
و تحمدُ منيّ ما سعيتَ لكسبهِ | و ما كلّ ساعٍ في العلاء كسوبُ |
و مهما يثبك الشعرُ شكرا مخلدا | عليها فإنّ اللهَ قبلُ يثيبُ |
و تسمعُ في نادي الندى أيَّ فقرة ٍ | يقوم بها في الوافدين خطيبُ |
متى امتدّ بي عمرٌ وطالت مودة ٌ | فربعك حسنٌ من ثنايَ وطيبُ |
و دونك مني ضيغمٌ فوهُ فاغرٌ | متى مادنا من سرحِ عرضك ذيبُ |
محاسنُ قومٍ وسمة ٌ في جباههم | و لي حسناتٌ سرهن غيوبُ |
و ما الحسنُ ما تثنى به العينُ وحدها | و لكنَّ ما تثنى عليه قلوبُ |
لقد علقتْ دنياك مذ قيضتك لي | و راح عليها الحلمُ وهو غريبُ |
أظنُّ زماني إن زجرتَ صروفهُ | سيرجع عما ساءني ويتوبُ |
تخاتلني الأخبارُ أخلبَ برقها | بأنك يا بدرَ الكمال تغيبُ |
فأمسكُ قبلَ البين أحشاءَ موجع | لها بين أثناء الحذار وجيبُ |
بأيّ فؤادٍ أحمل البعدَ والهوى | جديدٌ وذا وجدي وأنتَ قريبُ |
فلا تصدعَ الأيامُ شملَ محاسنٍ | تسافر مصحوبا بها وتؤوبُ |
و لا تعدمَ الدنيا بقاءك وحده | فإنك في هذا الزمان غريبُ |