مَنازِلُنا التي لَبِسَت بِلاَها
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
مَنازِلُنا التي لَبِسَت بِلاَها | و حالَتْ بَعدَ نُضرَتِهاحِلاَها |
خَطَتكِ رِكابُنا لحُلولِ خَطبٍ | أناخَ على رَباكَ فما خَطَاها |
مَنحنَاها القِلَى كُرهاًو لَولا | صُروفُ الدَّهرِ لم نَختَر قِلاها |
يَميلُ بنا الهَوى طَرَباً إليها | فنَبكِيها ونَسعَدُ مِن بُكاها |
تَلقَّاها الزَّمانُ بخَفْضِ عَيشٍ | و عاودَها السُّرورُ كما بَدَاها |
نَقولُ لهاسَقاها الغيثُ رَيّاً | و قلَّ لها مَقالتُناسَقَاها |
قَصورٌ حَلَّقَت في الجوِّ حتّى | لقَصَّرَتِ الكَواكِبُ عن مَداها |
مُشَرِّفَة ٌكأنَّ بَناتِ نَعشِ | تُناجيهاإذا خَفقَت شِفاها |
يُتَوِّجُها اصفرارُ الشمسِ تِبراً | فَتُمْشِي وَ هيَ مُذْهَبة ٌ ذُراها |
و جَنَّاتٌ يحيِّي الشَّربَوَهْناً | جَنَى وَهَدَاتِهاو جَنَى رُباها |
مُصَنْدَلَة ُ الثَّرىو الريحُ تَأْبَى | غرائبَ حُسنِها إلا اشتبَاها |
إذا رَكَدَ الهواءُ علَت نسيماً | و إن فُقِدَ الغَمَامُ طَغَتْ مِياها |
تَفرَّجَ وَشيُها عَن ماءِ وَردٍ | يَفيضُ على لآلٍ من حَصاها |
إذا صَلَّتْ بها أوقاتُ فَرضٍ | جِباهُ الشَّربِ عَطَّرتِ الجِباها |
و ذائدة ٍ دموعَ العَينِ صَفواً | إذا باتَت تُرَقرِقُ في صَفاها |
تُعانِقُ رِيحُها لِمَمَ الخُزامى | و أعناقَ القَرَنْفُلِ في سُراها |
و يَأبى زَهرُهاإلاّ هُجوعاً ؛ | و يأبَى عَرفُها إلا انتباها |
قَرَاها الدَّهرُ بُوسَى واقشَعرَّتْ | مَغانِيها الحِسانُكما قَراهَا |
ذَوَتْ أشجارُها الغِيدُ اللَّواتي | إذا عَبِثَ النَّسِيمُ بها ثَناها |
و قد مَرِيَ الحَمامُ بها وكانت | على الأفنانِ لا يُغني مَراها |
كأَنْ لم تَغْنَ عَرصَتُها بخُضرٍ | يُقَيِّدُ لَحْظَ مُبصِرِها غِناها |
ترَقْرَقُ في نَواظِرِها دُموعٌ | أحَبُّ إلى النَّواظرِ من كَراها |
و ساقية ٍ كأنَّ الريحُ ساقَت | إليها الخوفَ فارتعَدَتْ حشَاها |
إذا نَظمَ الشَّقائقُ جَانِبَيها | أَرَتكَ صفائحاً دُمِيَت ظُباها |
عفَت منَّا السُّوَيقة ُ فالمُصلَّى | فمُشرِقة ُ المِياه فمُلتقاها |
ملاعبُ لو جُلِينَ غَداة َ دَجْنٍ | على النُّعمانِ آثر مُجتلاها |
يُجلِّلُ رِيحُها الرِّيحانَ حسرَى | مُعَنبرة َ الهُبوبِ وهَتْ قُواها |
و يَقصِدُ أو يَجُورُ بها سواقٍ | كحيَّاتِ الرِّمالِ عَصَت رُقَاها |
و تَبتسمُ القِبابُ البِيضُ منها | على خَضراءَ مُحمرٍّ جَناها |
على جرعاءَ مَيسَاءَ النَّواحي | يُلبِّدُ نَقْعَ تُربتِها نَداها |
تُساقُ إلى أَصائِلها النَّدامَى | فتُنسِيهم أصائلُها ضُحَانا |
تراءَت من كِفاحِ الدَّهرِ غُبراً | كأنَّ عِجاجَ حَومتِها عَلاها |
فما لِنَعيمِها انقصمَت عُراها ؛ | و ما لرِياضِها حَسَرت كُساها |
و ما لرياحِها العَطِراتِ ردَّت | رِداءَ الحِلمِ ودَّرَعت سَفاها |
أَحِينَ أَظلَّها سِلْمُ اللَّيالي | و قُلناقد تجَنَّبَها أَذاها |
رمَاها بالتي عَظُمتو لكِن | أصابَ قلوبَنا لمّا رَماها |
فمالَ بمَعشَرٍ عِرَرٍ إليها | و مالَ بِنا إلى أُخرى سِواها |
أراذلُ ليسَ تَحمي الأُسدُ غِيلاً | كما تَحمِي رَوائحُها حِماها |
عُراة ٌ في الجنائبِ لا تُبالي | أَصُدُّ العارُ عنها أم عَراها |
لَهَتناأنْ نُلِمَّ بساحَتَيها | رياحٌإن سطَت أردَت سَطَاها |
و أمواهٌ لو انَّ التُّربَ يَشكو | مجَاورة َ الأَذى يوماً شَكاها |
فلو غُسِلَت بماءِ المُزنِ مِنهم | و ماءِ البَحرِ لم يَطْهُرْ ثَراها |
يَحِنُّ الطائرُ المُوفِي علَيها | و تُوسِعُ كلُّ ماشية ٍ خُطاها |
سلامُ اللّهِ منكَ على رِباعٍ | نَأَتْ أحبابُهاو دنَت عِداها |
و طيِّبَة ِ النَسيم عدَتْ علَينا | جنائبُهاو عَادَتْنا صَبَاها |
و كافوريَّة ِ البُنيانِ تُثني | على من خَطَّهاأو مَن بنَاها |
مُحَلِّقة ٍ يكِلُّ الطَّرفُ عَنها | إذا ما الطَّرفُ حاولَ مُنتهَاها |
تُضيءُ إذا الدُّجَى اشتملَت علَيها | فتَحسِبُها مُؤَلَّقَة ً دُجاها |
بَعَثْتُ الطَّرفَ مُشتاقاً إليها | فكادَ يَرُدُّهُ عُنها سَناها |
وَ حَبَّبَها إليَّو إن تَوَلَّت | مآربُ بَلَّغتْ نفسي مُناها |
لقد كانَت جِلاءَ العَينِ حُسناً | فعادَت وهي من قُبحٍ قَذاها |
عِقابُ الدَّهرِ بُقياه علَيها | و عَفوُ الدهرِ عَنها لو عَفَاها |
فيا نُوَبَ الخُطوبِ إليكَ عَنها | كفَاها ما أَلَمَّ بهاكفَاها |