نسالمُ هذا الدهرَو هو لنا حَرْبُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
نسالمُ هذا الدهرَو هو لنا حَرْبُ | و نعتُبُو الأيامُ شيمَتُها العَتْبُ |
و نَخطُبُ صُلحَ النَّائباتِو لم يزَل | لأنفسِنا من خَطْبِها أبداً خَطْبُ |
تَهُمُّ بنا أفراسُها وسيوفُها | فلا هذه تَكبو ولا هذه تَنبو |
و كنا نعُدُّ المَشرفِيَّة َ والقَنا | حصوناًإذا هزَّت مضاربَها الحربُ |
فلما مضى المِقدارُ قلَّ غناؤها | فلم يمضِ حَدٌّ من ظُباهاو لا غَرْبُ |
تبلَّدَ هذا الدهرُ فيما نرومُه | على أنَّهفيما نحاذرُه نَدْبُ |
فسَيْرُ الذي يرجوه سَيْرُ مُقيَّدٍ | و سيرُ الذي يَخشى غوائلَه وَثْبُ |
إذا فاجأتْنا الحادثاتُ بمصرَعٍ | فليس سِوى الجَنْبِ الكريمِ لنا جَنْبُ |
فعَزِّ الأميرَ التَّغلِبيَّ ورهطَه | بمن غَرَبَتْ عنه الغَطارفَة ُ الغُلْبُ |
بسيِّدَة ٍ عمَّت صَنائِعُها الوَرَى | فأعربَ عن معروفِها العُجْمُ والعُرْبُ |
و مُشرِفَة ِ الأفعالِ لم يَحوِ مثلَها | إذا عُدِّدَ النِّسوانُشرقٌ ولا غَربُ |
تَساوَتْ قلوبُ الناسِ في الحزنإذ ثَوَتْ | كأنَّ قلوبَ الناسِ في موتِها قَلْبُ |
و كانَتْ سهولُ الأرضِ دونَ هِضابِها | فلما حَواها السَّهلُ ذَلَّ له الصَّعبُ |
فإن كانَفيمن غَيَّبَ التُّرْبُتِربُها | فمريمُمن دونِ النساءِلها تِربُ |
و طُوبى لماءِ المُزنِ لو أنَّ ظهرَها | لرَيِّقِه ما فاضَ رَيِّقُه السَّكبُ |
و أقسِمُ لو زادَتْ على المِسكِ تُربة ٌ | لزادَ على المِسكِ الذكيِّ بها التُّربُ |
فضائلُ يُنفِدنَ الثَّناءَ كأنما | ثَناءُ ذواتِ الفضلِ من حُسنِها ثَلْبُ |
لقد جاورَت من قومِ يُونُسَ مَعْشراً | أحبَّت بروحٍ لا يجاورهُ كَرْبُ |
فقد بردَت تلك المضاجعُ منهم | فأشرقَ ذاك النُّورُ فيها فما يخبو |
فللهِ ما ضَمَّ الثَّرى من عَفافِها | و ما حَجَبتْها من طهارتِها الحُجْبُ |
لَئِن كان وادي الحُصنِ رحباً لقد ثوى | بعَرصَتِه المعروفُ والنائلُ الرَّحبُ |
و إن عَذُبَتْ رَيَّاهأو طابَ نَشرُه | فقد مَلَّ في بطحائها الكرَمُ العَذْبُ |
عَجِبْتُ له أنّى تضمَّنَ مثلَها | و لا كِبَرٌ يَعروه ذاكو لا عُجْبُ |
و لو عَلِمَتْ بطحاؤُه ما تضمَّنَت | تطاولَتِ البطحاءُ وافتخرَ الشِّعبُ |
تُذالُ مصوناتُ الدموعِ إزاءَها | و تَمشي حُفاة ً حولَها الرَّجْلُ والرَّكْبُ |
فلا زالَ رَطْبُ الرَّوضِ من رَيِّقِ النَّدى | كأنَّ النَّدى من فوقِه اللُّؤلؤُ الرَّطْبُ |
أبا تغلِبٍ صبراًو مازلتَ صابراً | إذا زَلَّحَزمٌ ثابتٌ أو هَفا لُبُّ |
فقد أعقَبَتْ منكم أُسودَ شجاعة ٍ | و كم مُعقِبٍ في الناسِ ليسَ له عُقْبُ |
و أنتم جَنابُ المكرُماتِو لم يكن | لتهفو رواسيهاو إن عَظُمَ الخَطْبُ |
فكلُّ حياً للجودِ أنتم سَحابُه ؛ | و كلُّ رحى ً للحربِ أنتم لها قُطبُ |
و لو أنه غيرُ الحِمامِ صَببتُم | عليه سَحاباً قَطْرُهُ الطَّعنُ والضَّربُ |
أرى أرضَكم أضحتْ سماءً بعزِّكم | فأنتم لها الأقمارُو الأنجمُ الشُّهبُ |
تموتُ عِداكم قبلَ سَلِّ سيوفِكم | و يَفنيهِمُ من قبلِ حَربِكمُ الرُّعبُ |
و كيفَ تنالُ الحربُ منكمو إنما | بأمركم تمضي العواملُ والضَّربُ |
إذا أنتَ كاتبتَ العِدا مُثِّلت لها | ظُباكَفنابت عن كتائِبك الكُتْبُ |
دعانا الأميرُ التغلبيُّ إلى النَّدى | فنحن له شَرْبُ النَّدىو هو الشُّربُ |
نصاحبُ أياماً له عَدَوِيَّة ً | محاسنُ أيامِ الشبابِ لها صَحْبُ |
هو الغيثُ نال الخافقَينِ نوالُه | إلى أن تساوَى عندَه البُعْدُ والقُرْبُ |
يزورُ النَّدى زُوَّارَه متواتراً | عليهمو زُوّارُ الحَيا أبداً غِبُّ |
أأعداءَه كفُّوا فإنَّ نصيبَكموليس على البحر الذي راح زاخراً ملام إذا لم | إذا رمتُمُ إدراكَ غايتِه النَّصْبُسقط بيت |
و هل يستوي عذْبُ المياهِ ومِلحُها | و هل يتكافا الخِصبُ في الأرضِ والجَدبُ |
فإن عَجِزَ الأقوامُ أو بانَ نقصُهم | فليس لمن بانَتْ فضيلتُه ذَنبُ |
رأيتُكَ طِبّاً للقريضِو لم يكن | ليَنظِمَه إلا الخبيرُ به الطِّبُّ |
و لا بدَّ أن أشكو إليك ظُلامة ً | و غارة َ مِغوارٍ سجيَّتُه الغَصْبُ |
تخيَّلَ شِعري أنه قَومُ صالحٍ | هلاكاًو أن الخالديَّ له السَّقْبُ |
رعَى بين أعطانٍ له ومَسارحٍ | و لم يرْعَ فيهنَّ العِشارُ ولا النُّجبُ |
و كان رياضاً غضَّة ًفتكدَّرتْ | موارِدُها واصفرَّ في تُربها العُشبُ |
تساقُ إلى الهُجْرِ المَعَارِفِ خَيْلهُ | وَتُسْبلهُ الغُرُّ المحجَّلة ُ القُبُّ |
غُضِبْتُ على ديباجِه وعُقودِه | فديباجُه غَصبٌ وجوهرُه نَهبُ |
و أبكارُها شَتَّى أذيلَ مَصونُها | و ريعَت عَذاراها كما رُوِّعَ السِّربُ |
يعرِّيكُمُ من عَصبِه وبُرودِه | عصائبَ شَتَّى لا يَليقُ بها الغَصبُ |
فإن رِيعَ سِربي أو تُمرِّدَ دونَه | و لم يُنجِني منه الحماية ُ والذَّبُّ |
فعندي هِناءٌ للعدوِّ يُهِينُه | إذا اختلفتْ منه خلائقُه الجُربُ |
فكنتُإذا ما قلتُ شِعْراً حدَت به | حُداة ُ المطايا أو تغنَّت به الشَّربُ |