هل للغرائب من حكيم عاقل
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
هل للغرائب من حكيم عاقل | أو عالم يقضي بحكم فاصل |
أمن الذئاب المعط صنف ناطق | في صورة البشر السوي الكامل |
أأقول كلا والعيان مكذبي | كلا بل المفتي أسير السائل |
معط الذئاب الناطقات هم الأولى | جعلوا التصوّف صنعة للداجل |
فترسّموا برسومه كي يُحْسَبْوا | صوفية مثل الفضيل الفاضل |
يضعون للتمويه والتغرير في | مشكاة نور الحق نار الباطل |
لبسوا العبايا والمسابح والحبى | والطيلسان يدار فوق الكاهل |
والمظهرين البر والتقوى وادمان | التنسك خدعة للجافل |
وإذا خلوا عكفوا على شهواتهم | من لاعب أو شارب أو آكل |
هجروا كتاب الله واستغنوا بألحان | السماع ورقصه المتداول |
زعما بأن الطار والمزمار والأوتار | تنعش كل قلب ذاهب |
أيقوم دين الله بالسفهاء من | ذي مزهر أو زامر أو طابل |
بئس الطوائف لا مرام لهم | ولا مرمى سوى جمع الحطام الزائل |
ولهم حبائل لاجتلاب المال لم | تدرك غوائلها لغير الفاتل |
ويطوف أطراف البلاد دعاتهم | ودهاتهم من كل صل صائل |
ممن يبيع ولا يبالي دينه | بيع المزاد ولو بشاة شائل |
في كل واد لا تطيش سهامهم | مع كل حاف يحفدون وناعل |
ويذيع كلٌ ما افترى من نعت | شيخهم الغوي ولو خرافة هازل |
من صومه وصلاته وقيامه | جنح الظلام وزهده في العاجل |
يروون عنه خوارقاً للرسل ما | وقعت ولا اتّفقت لساحر بابل |
ولأجل نفي الريب مهما حدّثوا | حلفوا لسامع إفكهم والقابل |
وهنالك الأستاذُ يجهد فكره | في سلب ثروة كل غرّ غافل |
يترقّب الفرص التي فيها | قطيع الصيد يبد مكثباً للنابل |
يثني على أهل الثراء مصوباً | أفعالهم مستدرجاً للفاعل |
زيد ربيع ندى وعمرو في مقام | كذا وبكر في الرعيل الواصل |
ويشير رمزاً في الحديث بأن ما | يحكيه من إلهام غيب نازل |
حتى إذا اعتقدوا علو مقامه | ومشت عليهم حيلة المتحائل |
غمروه جوداً واستزاروه التماساً | للتبرّك في المقر العائلي |
ولمسحه رأس الصغير ووضعه | يده الكريمة فوق بطن الحامل |
ومتى تحكم مصلحاً في حالة | جعل البخيل فريسة للباذل |
وتراه يصدع بالمواعظ خاطباً | في القوم بهرة كل جمع حافل |
يملي زخارف زوره متأوّها | متباكياً ليرق قلب الناكل |
طوراً يرغب في الثواب وتارة | أخرى يندد باللئيم الباخل |
وإذا رأى في الجمع من أكياسه | مَلأ آمن التبر الوفير الطائل |
أوحى إلى أحد الشياطين الأولى | منهم تعوذ كل غول غائل |
فيقول يا مسكين زر شيخ الشيوخ | تنل به أقصى أماني الآمل |
وإذا أتى ألفاه في المحراب في | جد وشغل بالعبادة شاغل |
ويقال بعد الانتظار هنيهة | ادخل فأنت اليوم أسعد داخل |
ولك البشارة إن رزقت ولاءه | بالانتشال من الحضيض السافل |
فإذا تقدّم قال شيخ السوء أهلاً يا بني ومرحباً بالواصل | |
إني لرؤيتك ابتهجت ولست أدري | سر هذا الإبتهاج الحاصل |
فلعل في لوح السوابق بيننا | سر اتصال بالأواصر واغل |
ولعل حالك في أمور الدين والدنيا | على دعة ولطف شامل |
إن كنت محتاجاً فخذ ما تبتغي | تقوى به وتقيم ميل المائل |
لا تخش إملاقاً عليّ ولا عليك | فنحن في كنف الرسول الكافل |
أعلمت أني بعد ختم وظيفتي | سَحَرَاً أعرتني غفوة المتثاقل |
فرأيته صلى عليه الله متبسماً | يقول وكان أصدق قائل |
أبشر فأنت وتابعوك بذمّتي | ورعايتي لمقيمكم والراحل |
نب عن نبيك في مواساة العفاة | المعوزين وفي عِظاة الجاهل |
جد بالنوافل ما استطعت على اليتامى | والأيامى والفقير العائل |
خذ ما تشاء من امرئ سبقت له | الحسنى ولم يعبا بعذل العاذل |
وأنا الضمين لمن يعينك بالغنى | طول الحياة وفي الجنان مخاللي |
فيصدق المسكين كاذب قصة | ممزوجة بذعاف سم قاتل |
فيشاطر الأستاذ خالص تبره | لسداد ذي عوز ورفد أرامل |
ولكم لهم في السر غامض حيلة | إبليس لم يطمع لها بمماثل |
ولهم مع الجنس اللطيف لطائف | أبت المروءة شرحها للناقل |
لكن على الأزواج عار المرسلات | فهم أشد بلادة من باقل |
هذي طرائقهم وهذا شأنهم | تعسا لهم من خائن ومخاتل |
أفهكذا كانت طريق مشايخ | الإسلام أرباب السلوك العادل |
كالتستري وكالسري وكالجنيد | الحبر والشبلي أو كالشاذلي |
كلا وحاشى بل هم عمد الهدى | وسحائب الفيض العميم الهاطل |
الزاهدون المتّقون العارفون | بربهم من كل بر عامل |
وهم البراء من الأولى كذبوا على | حضراتهم وخصومهم في الآجل |
فإليك ربي المشتكى وبك العياذ | من انتقامك والعذاب الهائل |
واسمح بإرشاد الجميع إلى طريق | الحق واصفح عن خطايا الخاطل |
وتغش بالرحمات روح المصطفى | والمرتضى تعداد طش الوابل |
ضاعف صلاتك والسلام عليهما | وبنيهما مَدَدِ الوجود الشامل |
والصحب من بسيوفهم ثلث عروش | الشرك واندرست رسوم الباطل |
ما تاب ذو خطأ وآب مفرط | وأناب عبد في العتيم الحائل |