لذي سلم والبان لولاك لم أهوى
مدة
قراءة القصيدة :
8 دقائق
.
لذي سلم والبان لولاك لم أهوى | ولا ازددت من سلع وجيرانه شجوى |
ولولاك ما انهلت على الخد أدمعي | لتذكار ما الروحاء تحويه من أحوى |
فأنت الحبيب الواجب الحب والذي | سريرة قلبي دائماً عنه لا تطوى |
وأنت الذي لم أصب إلا لحسنه | ولم يَلْهُ عن ذكراه سري ولو سهوا |
وحيث اتخذت القلب مثوى ومنزلا | ففتشه وانظر سيدي صحة الدعوى |
أورى إذا شببت يا ظبي حاجر | بزينب أو سلمى وأنت الذي تنوى |
وإني وإن نلت المنى منك نازحا | على البعد عن مغناك مولاي لا أقوى |
أبى الحب إلا أن أذوب صبابة | وغصن شبابي كاد للبين أن يذوى |
تحملت أثقالاً بها أطّ كاهلي | من الشوق لا يقوى على حملها رضوى |
وبي بين أحناء الضلوع لواعج | تغادر في الأحشاء جمر الغضا حشوا |
إلى مَ احتمالي بالنوى مضض الهوى | وحتى مَ أفلاذي بنا الجوى تشوى |
ثكلت حياتي أن أقمت ولم أقُد | مطية عزمي نحو منزل من أهوى |
خليلي من فهر أجيبا مناديا | إلى الفوز يدعو لا للبنى ولا علوى |
وكونا لدى الترحال والحط رفقة | لنضو اشتياق يمتطي للسرى نضوا |
فيا حبذا إزماعنا السير ترتمي | بنا اليعملات السهل والشقة الشجوا |
بأرقالها نرمي الفجاج ونقطع الهضاب | ونطوي في سرانا بها الدوا |
ونهوى بها والشوق يحدو قلوبنا | مجدين حتى نبلغ الغاية القصوى |
وما الغاية القصوى سوى المنزل الذي | لحصبائه العيوق يغبط والعوا |
رحاب بها القرآن والوحي نازل | وجبريل في أرجائها ينشر الألوا |
بلاد بها خير البرية ضارب | سرادقة واختارها الدار والمثوى |
مدينة خير المرسلين وخاتم النبيين | والهادي إلى الأقوم الأقوى |
حبيب إله العرش مأمونه الذي | بغرته في الجدب تستمطر الأنوا |
نبي براه الله من نور وجهه | وأوجد منه الكون جل الذي سوّى |
وابرزه من خير بيت أرومة | وأطهره ذاتاً وأشرفه عزوا |
لآباء مجد ينتمي ولأمّهات | عزنجيبات إلى أمّنا حوّا |
وبانت لدى ميلاده ورضاعه | براهين آي لا ترد لها دعوى |
ومنذ نشأ لم يصب قط ولم يزغ | ولم يأت محظوراً ولم يحضر اللهوا |
إلى أن أتاه الوحي بالبعثة التي | برحمتها عم الحضارة والبدوا |
فأضحت به الأكوان تزهو وتزدهي | ولا بدع أن تاهت سروراً ولا غروا |
وأسرى به الرحمن من بطن مكة | إلى القدس يختال البراق به زهوا |
فقدمه الرسل الكرام وهل ترى | لبكر العلا غير ابن آمنة كفوا |
وزج به والروح يخدمه إلى | طباق السما والحجب من دونه تطوى |
إلى الملأ الأعلى إلى الحضرة التي | بها ربه ناجاه يا لك من نجوى |
فأولاه ما أولاه فضلاً ومنّة | وأشهده بالعين ما جل أن يروى |
وفي النزلة الأخرى تجلى إلهه | لدى سدرة من دونهما جنة المأوى |
فما كان أزهى ليلة قد سرى بها | وعاد ولما تبد من فجرها الأضوا |
فأكرم بمن أضحى بمكة داعيا | وأمسى إلى عرش المهيمن مدعوا |
أتى وظلام الشرك مرخ سدوله | وبالناس عن نهج الرشاد عمى أروى |
فما زال يدعوهم بحكمة ربه | إلى اليمن والإيمان والبر والتقوى |
وأصبح يتلو سيد الكتب بينهم | فيا لك من تال ويا لك متلوا |
فأعجز ارباب البيان بديعه | وأخرسهم رغماً وألغى به اللغوا |
تنبئهم عن كل علم سطوره | وتخبرهم بالغيب من آيه الفحوى |
فصدقه أهل السوابق والأولى | أتيح لهم أن يشربوا كاسه صفوا |
وكذّبه قوم عن الحق قد عموا | وصموا بإعجاب النفوس بالطغوى |
فسفه أحلام المشائخ منهم | وآذوه لما عاب دينهم الألوى |
فهاجر من بطحاء مكة سارياً | وباتت عيون القوم عن نوره عشوا |
فما راعهم إلا الصباح وأن رأوا | على رأس كل منهم الترب محثوا |
وأم مع الصديق أكالة القرى | تلين له الشجوى وتطوي له الفجوا |
فشرف إذ وافى منازل طيبة | وسكانها والترب والماء والجوا |
وَألقى عصا التسيار إذ أحسنوا له | وللمؤمنين الأوس والخزرج المأوى |
وفيها فشا الإسلام وإنبجست بها | عيون الهدى والحق وانزاحت الأسوا |
وناصره الأنصار فيها وآمنوا | به وارعووا عن جهلهم أحسن الرعوى |
وقاتل من لم يدخل الدين طائعا | وشن على أعدائه الغارة العشوا |
وفرق شمل المشركين بعزمه | ثبات فما اسطاعوا لتمزيقه رفوا |
وقاد إليهم جحفلاً بعد جحفل | ووالى عليهم في ديارهم الغزوا |
يصبحهم من صحبه بفوارس | يرون مذاق الموت إن جالدوا حلوا |
يخوضون لج الهول علماً بأن من | نجا من حتوف الحرب تقتله الأدوا |
مآثر تروي عن حنين وخيبر | وعن أحد والفتح والعدوة القصوى |
ولم لا وهم في نصر من سبح الحصى | بكفيه والأشجار جاءت له حبوا |
وكلمه ضب الفلاة وسلمت | عليه ولانت تحت أخمصه الصفوا |
وحنّ إليه الجذع شوقاً وإننا | من الجذع أولى أن نحن وأن نجوى |
فأي فؤاد لم يهم في وداده | وأية نفس لا تزال به نشوى |
ولما شكى العافون ما حل عندما | بأنيابها عضّتهم ألسنة السنوا |
دعا فاستهل الغيث سبعاً بصيب | مريع سقى سفل المنابت والعلوا |
فأينعت الأثمار فيها وأخرجت | غثاء من المرعى لأنعامهم أحوى |
وعم العباد الخصب وأنجاب عنهم | بدعوته البأساء والقحط واللأُوا |
أتى ناسخاً دين اليهود وشرعه | النصارى وأحيا بالحنيفة الفتوى |
فما لغلاة السبت أبدوا جحوده | عناداً وفي التوراة أنباؤه تروى |
وما للنصارى أنكروا بعثة الذي | بأخباره الانجيل قد جاء مملوا |
فبعداً لكم أهل الكتابين إنكم | ضللتم على علم وآثرتم الأهوا |
ولا بدع أن يرضى العمي بالهدى من أرتضى | الفوم والقثاء بالمن والسلوى |
ومن يبتغ التثليث ديناً فلن ترى | له أُذناً للحق واعية خذوا |
ولو أنهم دانوا بدين محمد | وملته لاستوجبوا العز والبأوا |
ألا يا رسول الله يا من بنوره | وطلعته يستدفع السوء والبلوى |
ويا خير من شدّت إليه الرحال من | عميق فجاج الأرض تلتمس الجدوى |
إليك اعتذاري عن تأخّر رحلتي | إلى سوحك المملوء عمّن جنى عفوا |
على أن خمر الشوق خامرني فلم | يدع في عرقا لا يحن ولا عضوا |
وإني لتعروني لذكراك هزة | كما أخذت سلمان من ذكرك العروا |
وما غير سوء الحظ عنك يعوقني | ولكنني أحسنت في جودك الرجوا |
وها أنا قد وافيت للروضة التي | بها نير الإيمان ما انفكَّ مجلوا |
وقفت بذلي زائراً ومسلّما | عليك سلام الخاضع الرابع الشكوى |
صلاة وتسليم على روحك التي | إليها جميع الفخر أصبح معزوّا |
عليك سلام الله يا من بجاهه | ينال من الآمال ما كان مرجوا |
عليك سلام الله يا من توجّهت | إلى سوحه الركبان تطوي الفلا عدوا |
عليك سلام الله يا سيّداً سرت | بهيكله العضباء ترفل والقصوا |
سلام على القبر الذي قد حللته | فأضحى بأنوار الجلالة مكسوا |
إليك ابن عبد الله وافيت مثقلاً | بأوزار عمر مر معظمه لهوا |
غفلت عن الأخرى وأهملت أمرها | وطاوعت غي النفس في زمن الغلوا |
ومنك رسول الله أرجو شفاعة | تغادر مسود الصحائِف ممحوا |
ولي في عريض الجاه آمال فائز | بما رامه من فيض فضلك مبدوا |
ومن سِرِّك ابذر في فؤادي ذرة | لأرجع بالعلم اللدُنِّي محبوا |
على عتبات الفضل أنزلت حاجتي | وتالله لا يمسي نزيلك مجفوا |
وقد صح لي منك انتماء ونسبة | إليك لسان الطعن من دونها يكوى |
وأنت الذي تأوي النزيل وتكرم السليل | وترعى الجار والصهر والحموا |
وقد مسّني من أهل بيتي وبلدتي | أذى وكثير منهم أكثروا العدوا |
فكن منصفي بالصبر ضاق نطاقه | وخذلي بحقي يا ابن ساكنة الأبوا |
وقابل بألطاف القبول مديحة | مبرأة عن وصمة اللحن والإِقوا |
بمدحك تزهو لا برونق لفظها | وترجو على الأتراب أن تدرك الشأوا |
تؤمل أن يسقي محررها غدا | من الكوثر المورود كأساً بها يروى |
وصلى عليك الله ما أنهل صيب | من المزن فاخضلت بجناته الجنوى |
صلاة كما ترضى معطرة الشذا | تفوح بها في الكون رائحة الغلوى |
ويسري إلى أرواح آلك سرها | وصحبك والأتباع في السر والنجوى |