فكأن من حاني السحائب جودها
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
فكأن من حاني السحائب جودها | وكأن من صعق البروق حسامهاأ |
فعلى سواكبها إذا جادت ربى | زهر الرجاء فواترت إنعامها |
أن تتبع الدلو السجوف رشاءها | يوم الخوامس والجواد لجامها |
لم تطلع زهر النجوم سواريا | إلا رأته في السناء أمامها |
يا رب شامخة الذوائب والذرى | أوطأت أعلام الهدى أعلامها |
أشرعت تنحوها قسي عزائم | كانت هوادي المقربات سهامها |
الريح أحسر من يؤم محلها | والنجم أدنى من يدي من رامها |
فهتكت بالبيض الرقاق سجوفها | وفضضت بالجرد العتاق ختامها |
ورفعت من صلبان بيعة قدسها | نارا تشب على الضلال ضرامها |
ولرب حامية الوطيس من الردى | دلفت وقد كست السماء قتامها |
أقحمت أجياد الجياد مكرما | فصلين جاحمها وكنت إمامها |
فاسعد بسبطي دولة العرب التي | بسناهما جلت الخطوب ظلامها |
عبد المليك حسامها وسنانها | ومجنها ومليكها وهمامها |
والقائد الأعلى المملك والذي | زانت مناقب مجده أيامها |
لا زال دين الله يأوي ظلكم | ما ظللت خضر الغصون حمامها |
ولم تزجري طير السرى بحروفها | فتنبئك إن يمن فهي سرور |
تخوفني طول السفار وإنه | لتقبيل كف العامري سفير |
دعيني أرد ماء المفاوز آجنا | إلى حيث ماء المكرمات نمير |
وأختلس الأيام خلسة فاتك | إلى حيث لي من غدرهن خفير |
فإن خطيرات المهالك ضمن | لراكبها أن الجزاء خطير |
ولما تدانت للوداع وقد هفا | بصبري منها أنة وزفير |
ب تناشدني عهد المودة والهوى | وفي المهد مبغوم النداء صغير |
عيي بمرجوع الخطاب ولفظه | بموقع أهواء النفوس خبير |
تبوأ ممنوع القلوب ومهدت | له أذرع محفوفة ونحور |
فكل مفداة الترائب مرضع | وكل محياة المحاسن ظير |
عصيت شفيع النفس فيه وقادني | رواح لتدآب السرى وبكور |
وطار جناح الشوق بي وهفت بها | جوانح من ذعر الفراق تطير |
لئن ودعت مني غيورا فإنني | على عزمتي من شجوها لغيور |
ولو شاهدتني والصواخد تلتظي | علي ورقراق السراب يمور |
أسلط حر الهاجرات إذا سطا | على حر وجهي والأصيل هجير |
وأستنشق النكباء وهي بوارح | وأستوطئ الرمضاء وهي تفور |
وللموت في عيش الجبان تلون | وللذعر في سمع الجريء صفير |
لبان لها أني من الضيم جازع | وأني على مض الخطوب صبور |
أمير على غول التنائف ماله | إذا ريع إلا المشرفي وزير |
ولو بصرت بي والسرى جل عزمتي | وجرسي لجنان الفلاة سمير |
وأعتسف الموماة في غسق الدجى | وللأسد في غيل الغياض زئير |
وقد حومت زهر النجوم كأنها | كواعب في خضر الحدائق حور |
ودارت نجوم القطب حتى كأنها | كئوس مها والى بهن مدير |
وقد خيلت طرق المجرة أنها | على مفرق الليل البهيم قتير |
وثاقب عزمي والظلام مروع | وقد غض أجفان النجوم فتور |
لقد أيقنت أن المنى طوع همتي | وأني بعطف العامري جدير |
وأني بذكراه لهمي زاجر | وأني منه للخطوب نذير |
وأي فتى للدين والملك والندى | وتصديق ظن الراغبين نزور |
مجير الهدى والدين من كل ملحد | وليس عليه للضلال مجير |
تلاقت عليه من تميم ويعرب | شموس تلالا في العلا وبدور |
من الحميريين الذين أكفهم | سحائب تهمي بالندى ونحور |
ذوو دول الملك الذي سلفت بها | لهم أعصر موصولة ودهورأ |
لهم بذل الدهر الأبي قياده | وهم سكنوا الأيام وهي نفور |
وهم ضربوا الآفاق شرقا ومغربا | بجمع يسير النصر حيث يسير |
وهم يستقلون الحياة لراغب | ويستصغرون الخطب وهو كبير |
وهم نصروا حزب النبوة والهدى | وليس لها في العالمين نصير |
وهم صدقوا بالوحي لما أتاهم | وما الناس إلا عاند وكفور |
مناقب يعيا الوصف عن كنه قدرها | ويرجع عنها الوهم وهو حسير |
ألا كل مدح عن مداك مقصر | وكل رجاء في سواك غرور |
تمليت هذا العيد عدة أعصر | تواليك منها أنعم وحبور |
ولا فقدت أيامك الغر أنفس | حياتك أعياد لهم وسرور |
ولما توافوا للسلام ورفعت | عن الشمس في أفق الشروق ستور |
وقد قام من زرق الأسنة دونها | صفوف ومن بيض السيوف سطور |
رأوا طاعة الرحمن كيف اعتزازها | وآيات صنع الله كيف تنير |
وكيف استوى بالبحر والبدر مجلس | وقام بعبء الراسيات سرير |
فساروا عجالا والقلوب خوافق | وأدنوا بطاء والنواظر صور |
يقولون والإجلال يخرس ألسنا | وحازت عيون ملأها وصدور |
لقد حاط أعلام الهدى بك حائط | وقدر فيك المكرمات قدير |
مقيم على بذل الرغائب واللهى | وفكرك في أقصى البلاد يسير |
وأين انتوى فل الضلالة فانتهى | وأين جيوش المسلمين تغير |
وحسبك من خفض النعيم معيدا | جهاز إلى أرض العدى ونفير |
فقدها إلى الأعداء شعثا كأنها | أراقم في شم الربى وصقور |
فعزمك بالنصر العزيز مخبر | وسعدك بالفتح المبين بشير |
وناداك يا بن المنعمين ابن عشرة | وعبد لنعماك الجسام شكور |
غني بجدوى راحتيك وإنه | إلى سبب يدني رضاك فقير |
ومن دون ستري عفتي وتجملي | لريب وصرف للزمان يجور |
وضاءل قدري في ذراك عوائق | جرت لي برحا والقضاء عسيرب |
وما شكر النخعي شكري ولا وفى | وفائي إذ عز الوفاء قصير |
فقدني لكشف الخطب والخطب معضل | وكلني لليث الغاب وهو هصور |
فقد تخفض الأسماء وهي سواكن | ويعمل في الفعل الصحيح ضمير |
وتنبو الردينيات والطول وافر | وينفذ وقع الهم وهو قصير |
حنانيك في غفران زلة تائب | وإن الذي يجري به لغفور |