تخيرت فاستمسكت بالعروة الوثقى
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
تخيرت فاستمسكت بالعروة الوثقى | فبشراك أن تفنى عداك وأن تبقى |
فما أبطل الرحمن باطل من بغى | على الحق إلا أن يحق بك الحقا |
وما لاح هذا الملك بدرا لتمه | بوجهك إلا أن يبير العدى محقا |
وما كنت عند الله أكرم من حبا | خلافته إلا وأنت له أتقى |
ليجلو عن الدنيا بك الهم والأسى | ويجمع في سلطانك الغرب والشرقا |
رددت نظام الملك في عقد سلكه | وما كان إلا صوفة في يدي خرقا |
وأضحكت سن الدهر من بعد مقلة | مدامعها شوقا إلى الحق ما ترقا |
وقلدت والي العهد سيفا إلى العدى | فسار كأن الشمس قلدت البرقا |
وسطي سماء قد جعلت نجومها | صفائح بيض الهند والأسل الزرقا |
بوارق لو لم تخطف الهام في الوغى | لخرت جسوم من رواعدها صعقا |
كأن الملا منهن أحشاء عاشق | تبكي دما عيناه من حر ما يلقى |
هوادي في ضنك المكر ولا هدى | نواطق بالفتح المبين ولا نطقا |
يخبرن عن إلحاح سعيك في العدى | كأن سطيحا في سناهن أو شقا |
ويجلون عن ليل العجاج كأنما | تقلب إحداهن ناظرتي زرقا |
وجردا ينازعن الكماة أعنة | يفرغنها جهدا ويملأنها عنقا |
تكر ورادا من دماء عداتها | وإن أقدمت شهبا على الطعن أو بلقا |
روائع يوم الروع تعدو سوابحا | كراما وتمسي في دماء العدى غرقى |
ضمان عليها نفس كل منازع | ولو حملته الغول أو ركب العنقا |
تبارى إلى الهيجا بأسد خفية | إذا هال وجه الموت هاموا به عشقا |
وإن فزعوا نحو الصريخ فلا ونى | وإن وردوا حوض المنايا فلا فرقا |
عبيد مماليك وأملاك بربر | وكل عظيم الفخر قد حزته رقا |
هم فئة الإسلام إن شهدوا الوغى | وهم أفق للملك إن نزلوا أفقا |
عممتهم نعمى جزوك بها هوى | وأوزعتهم حلما جزوك به صدقا |
وأوريتهم زندا ينير لهم هدى | وأقبلتهم كفا ينير لهم رزقا |
وعزما لنصر الدين والملك منتضى | ورأيا من التوفيق والسعد مشتقا |
شمائل إنعام شملت به الورى | وأخلاق إكرام عممت به الخلقا |
فجدك ما أعلى وذكرك ما أبقى | وراجيك ما أغنى وشانيك ما أشقى |
ويمناك بالإحسان حسب من اعتفى | وسقياك بالمعروف حسب من استسقى |
وناداك عبد يقتضيك ودائعا | وإن عظمت خطرا فأنفس به علقا |
به أنست الدنيا أساطير من مضى | وأتعبت الأيام أقلام من يبقى |
إذا ما شجا الأعداء في قمم الذرى | شفاها بحظ تحت أقدامها ملقى |
وإن يك مسبوقا فيارب سابق | بعيد المدى لا يدعي معه سبقا |
وإن له في راحتيك وسائلا | تناديه من جو السماء ألا ترقى |
فسر في ضمان الله ناصر دولة | كأن عمود الصبح عن وجهها انشقا |
وحسبك من حلاك تاج خلافة | رآك لها أهلا فأعطاكها حقا |