لازال الفوز ممكناً - أبو الهيثم محمد درويش
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
انتهت الأيام الفاضلة , اجتهد فيها من اجتهد وفاز من فاز وعلى من فاته العمل فيها أن يبادر فيما يليها , فالعمر كله مضمار للمنافسة ولازال الفوز ممكناً.{فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ۗ} [البقرة 200]
قال السعدي :
ينبغي للعبد, كلما فرغ من عبادة, أن يستغفر الله عن التقصير, ويشكره على التوفيق, لا كمن يرى أنه قد أكمل العبادة, ومن بها على ربه, وجعلت له محلا ومنزلة رفيعة, فهذا حقيق بالمقت, ورد الفعل، كما أن الأول, حقيق بالقبول والتوفيق لأعمال أخر.
قال ابن كثير :
والمقصود منه الحث على كثرة الذكر لله عز وجل ; ولهذا كان انتصاب قوله : ( {أو أشد ذكرا } ) على التمييز ، تقديره كذكركم آباءكم أو أشد منه ذكرا .
و" أو " هاهنا لتحقيق المماثلة في الخبر ، كقوله : ( {فهي كالحجارة أو أشد قسوة} ) [ البقرة : 74 ] ، وقوله : ( {يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية } ) [ النساء : 77 ] ) {وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون } [ الصافات : 147 ] ، ( {فكان قاب قوسين أو أدنى} ) [ النجم : 9 ] .
فليست هاهنا للشك قطعا ، وإنما هي لتحقيق الخبر عنه بأنه كذلك أو أزيد منه .
ثم إنه تعالى أرشد إلى دعائه بعد كثرة ذكره ، فإنه مظنة الإجابة ، وذم من لا يسأله إلا في أمر دنياه ، وهو معرض عن أخراه ، فقال : ( {فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق} ) أي : من نصيب ولا حظ .
وتضمن هذا الذم التنفير عن التشبه بمن هو كذلك .
قال سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : كان قوم من الأعراب يجيئون إلى الموقف ، فيقولون : اللهم اجعله عام غيث وعام خصب وعام ولاد حسن .
لا يذكرون من أمر الآخرة شيئا ، فأنزل الله فيهم : ( { فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق} ) وكان يجيء بعدهم آخرون [ من المؤمنين ] فيقولون : ( { ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار } ) فأنزل الله : ( {أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب } ) ولهذا مدح من يسأله للدنيا والأخرى.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن